رفضا للمسّ بمورد دخلهم، ينتظم جزّارون وأصحاب مشاوٍ في منطقة "الكزارة" التابعة لمقاطعة العيايدة بسلا، على طريق القنيطرة، ضدّ نقلهم إلى "مركّب للقرب" يشتكون عدم توفّر شروط ممارسة مهنتهم فيه، معتبرين أنّه سيكون سببا مباشرا في "قطع رزقهم". وبعد اجتماع بباشا المنطقة وقائدها ورئيس مقاطعتها، رفض المشتغلون ب"الكزارة" نقل محلّاتهم بحجة توسيع الطريق المؤدّية إلى مدينة سلا، مشهرين ورقة امتلاكهم للمحلّات، ورفض "الإضرار بمدخولِهم ورزق عائلاتهم والمنطقة المجاورة"، وهدر المال العامّ في إصلاح المركّب المذكور للمرّة الرابعة منذ تشييده بداية تسعينات القرن الماضي. وقال محمد، أحد الجزارين المشتكين، إنّ "المارشي" الذي يراد نقل الجزارين إليه "يطلّ على البحر، ولا يُظهِر المحلّات على الطريق الرئيسي، بينما نحن "نبيع ونشري مع الطريق، لا مع الحيّ الموجود هناك". ووضّح المتحدّث أنّ هذه المحلّات في ملكية المشتغلين بها، وقدّم مثالا بنفسه بعدما انتقل المحلّ الذي يشرف عليه من جدّه إلى أبيه فإخوتِه، مضيفا أنّ "حياة المحلّ تكون مع الناس المارّين بسيّاراتهم الذين يتوقّفون بعد رؤية اللحم أو الدّخان، فيشترون اللحم أو يأكلون مع أبنائهم"، معتبرا أن "هذا لن يحدث إذا ما كنا في محلّ يطلّ على الجهة الأخرى، جهة البحر، حيث لن يرانا أحد، وإذا ما نُقِّلنا فسنبيع أدواتنا ونذهب إلى حال سبيلنا لأننا لن تستطيع العمل مجدّدا في المركّب". بدوره، قال جلال، جزّار ب"الكزارة"، إنّ "المارشي" ليس صالحا للعمل بصفة نهائية، موردا أنّ "مكان عمل الجزّارين وأصحاب المشاوي معروف من قديم الزّمان، وجدّي وعمّي وأبي كانوا هنا، واليوم أنا أعمل هنا". وشدّد المتحدّث على عدم إمكانية الانتقال إلى المكان المقترَح لأن "المحلّات هنا ملك يعيل عائلات عديدة، ولأن الناس يمرّون من الطريق ويرون الشّوايات، وهم الذين نشتغل معهم لا مع الحيّ وسكانه الذين إذا اعتمدنا عليهم فلن نبيع ولو كيلوغراما واحدا من اللحم في اليوم". من جهته، قال حسن، جزار مسنّ، إنّ هذا "المارشي (مركب القرب) بني منذ سنوات التسعين دون استشارة المشتغلين هنا، وهو لا يصلح لنا بتاتا. مرحبا بتوسعة الطّريق لكن دون هدم المحلّات، ودون أن يفرضوا علينا وجودهم؛ فنحن نبيع ونشتري مع الطّريق وهم يريدون أن يغلقوا علينا داخل المركّب"، على حد تعبيره. واعتبر الجزّار حسن أنّ "الحديث عن نقلنا يبقى مجرّد تهديد في غياب تخطيط لمكان محلات الشّيّ، لأنه لا عمل لجزّاري الكزارة دونها، كما أنّ هندسة المركّب ليست هندسة محلّ تجاري"، ثم أجمل واصفا "المارشي" بكونه "مثل باخرة ستدخل الماء وتغرق". رشيد أولاد الركيكة، الكاتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتجار والمهنيين بسلا، قال إنّ الجزّارين وأصحاب محلّات الشواء يلعبون دورا اقتصاديا واجتماعيا، ومن "الحرام" الزّجّ بهم في هذا المركز الذي لا يصلح للنّشاط التّجاري. ووضّح المتحدّث أنّ أصل هذا "المركّب" يعود إلى تسعينات القرن الماضي عندما كانت "الكزّارة" تابعة للجماعة القروية بوقنادل، ثم "أخذ أناس سامحهم الله قرار تشييد مركّب تجاري دون استشارة المهنيين والتجار آنذاك، وكانت لنا ردود فعل في ذلك الوقت حول عدم حاجتنا إلى مركّب تجاري، بل إلى إعدادية أو ثانوية، فأبناؤنا بعدما ينهون التعليم الابتدائي يذهبون إلى سلا لإتمام دراستهم، وهو ما ضُرِب به عرض الحائط وشُيِّد بدله السوق". ونفى النقابي الفاعل ذاته أن تكون قد بدأت أيّ توسعة للطريق الرابطة بين سلاوالقنيطرة، مشدّدا على أنّ "الجزّارين وأرباب محلّات الشّيِّ مع النّظام وضدّ الفوضى وضد ما يخلّ بالتجارة"، وطالب ب"مراقبة المحلّات" لأنه "مستهلك أيضا ويخرج مع أبنائه ليأكلوا خارج المنزل"، قبل أن يذكر أنّ "المطلوب الدخول في شراكة لبناء مكان لركن السيارات على سبيل المثال"، وأنّ "الشوايات في مختلف مناطق المغرب توجد على واجهة الطّرق".