نظمت مجموعة البحث حول الإدارة والسياسات العمومية ومختبر الدراسات الدولية وتدبير الأزمات، بشراكة مع مركز دراسات الدكتوراه التابع لكلية الحقوق بمراكش، يوما دراسيا الأربعاء بالكلية، بمشاركة عدد من الباحثين. وفي كلمة افتتاحية بالمناسبة نوه عميد الكلية، الدكتور الحسين أعبوشي، بأهمية اللقاء كموضوع هام في حقل العلوم الاجتماعية، يدعو إلى التأمل على سبيل تجويد السياسات، وبدوره في تكوين الطلبة الباحثين وتطوير قدراتهم العلمية والمنهجية؛ بينما أبرز رئيس شعبة القانون العام، الدكتور محمد الغالي، أهمية البحث العلمي بشكل عام في عالم اليوم، متسائلا إلى أي حد يمكن للحكومة أن تتقيّد بما تطرحه مراكز البحث والجامعات من أفكار وخلاصات علميين؟ وهل يمكن الوصول إلى مجتمع المعرفة دون إيلاء الأهمية للجامعة في صناعة القرارات وفي عقلنتها؟. من جهتهما، أكد منسقا اللقاء الدكتوران مصطفى جاري وإدريس لكريني أن الموعد "مناسبة لمناقشة إشكالية التفكير والبحث الإستراتيجيين كأداة منهجية لا غنى عنها بالنسبة للدول التي تسعى ليس فقط إلى فهم التحولات في سياقها الوطني والإقليمي والدولي، بل أيضا، وبالأخص، إلى اتخاذ إجراءات عقلانية، وعلى النحو الأمثل، من أجل تأمين مصالحها على المدى القريب والبعيد". وفي الجلسة العلمية الأولى تطرق الدكتور رشيد العلمي في مداخلته حول موضوع "توسيديد: مأساة القوة" لإسهامات "توسيديد" بوصفه أحد أهم كبار المؤرخين، والذي أشار في كتابه "حرب البيلوبونيز" إلى أن العلاقات بين الأمم علاقات صراع وحرب تتخّللها لحظات سلم، مبرزا أهمية الكتاب كمرجع أساسي للواقعية السياسية التي تعتبر العلاقات الدولية مبنية على القوة وليس الحق. وتناولت الدكتورة فاطمة غلمان، في مداخلتها الثانية، أوجه الدبلوماسية في الدفاع عن المصالح والبحث عن السلم والأمن الدوليين، كما تطرقت لكيفية تحقيق الدبلوماسية الوقائية وشروط فعاليتها، والمتمثلة في تهدئة التوتر والإنذار المبكر واليقظة المستمرة؛ في حين بينت المداخلة الثالثة التي تقدم بها الدكتور السعيد التاغبالوتي أصل وأهمية النظرية الإستراتيجية في حماية المقاولة من الفشل أو الإفلاس، وارتباط ذلك بالعلاقات بين الفاعلين، سواء داخل المقاولة أو الذين لهم علاقة بها. الدكتور عزيز الراضي، من جانبه، تناول الإستراتيجية في مؤلف سن تزو "فن الحرب"، الذي تم تأليفه في القرن السادس قبل الميلاد، في مرحلة تميزت بكثرة الحروب بين الملكيات الصغيرة، مبرزا أهميته وتركيزه على عناصر التنظيم والإدارة والانضباط في كل تخطيط إستراتيجي، بما يجعل المؤلّف أب "فن الحرب"، وكتاب "المقدس للدراسات والإستراتيجيات العسكرية"، الذي كان له، ومازال، تأثير كبير في التخطيط العسكري، والتخطيط في عالم الأعمال وإدارة المؤسسات. وفي المداخلة الخامسة طرح الدكتور عبد المالك الوزاني سؤالا حول كيفية اتخاذ القرارات على المستوى الدولي من خلال نموذج بول فيوتي Paul R. Viotti، مبينا "المستويات المختلفة للتحليل، والمتمثلة في مستوى النظام الدولي ومعرفة طبيعته والقوى المتحكمة فيه وتأثيرها في أي أزمة، والمستوى الوطني الذي تتحكم فيه عدة اعتبارات، كمصالح الدولة ومؤسسات متخذي القرار، والمستوى الشعبي أو الرأي العام؛ ثم مستوى السياسات العامة التي تتوخى تحقيق أهداف معينة وهي بطبيعة الحال مجال لتضارب المصالح". إلى ذلك، تطرقت المداخلة الأولى، في الجلسة العلمية الثانية التي ترأسها الدكتور إدريس فخور، والتي قدمها الطالبان الباحثان محمد أبي السرور ومولاي هشام العمراني، لحالة القطاع الصحي من خلال تشخيص داخلي وخارجي، مع الوقوف على الاختلالات التي يعرفها القطاع على مستوى جودة الخدمات المقدمة، وضعف التمويل وعجز الانتشار الجغرافي على الوفاء بالحاجيات الصحية الضرورية، كما تحدثا عن التصاميم الوطنية التي عرفها المغرب منذ الاستقلال، إضافة إلى قراءة في توجهات القطاع بعد الربيع العربي وأهم الأهداف المسطرة لتأهيل القطاع. كما قدمت الدكتورة نجاة العماري، في المداخلة الثانية، فكرة حول المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مستعرضة المهام ذات الصلة بالجانب الضريبي، ومثيرة مجموعة من النقط المرتبطة بنقط ضعف النظام الضريبي المغربي؛ كما قدمت تصورات حول سبل الإصلاح التي تتضمنها رؤية المجلس. وفي المداخلة الثالثة نبّه الدكتور إدريس لكريني إلى أن كسب رهانات التخطيط والإدارة الإستراتيجيّين "لا يمكن أن يتأتّى بصورة متطورة ومقنعة، دون المرور عبر إرساء التفكير الإستراتيجي"، مبرزا أهمية هذا الأخير في تدبير الأزمات كعلم يسعى إلى التنبؤ بالأزمات، مشيرا إلى أهمية ترسيخ ثقافة تدعم التدبير الناجع والاستباقي للأزمات والكوارث . وتناولت المداخلة الرابعة التي قدمها الدكتور مصطفى جاري علاقة الإستراتيجية بمجموعة من الجوانب التاريخية والجغرافية والاقتصادية، كما بين أهم أدوات صياغة السياسات العمومية بناء على الإستراتيجية، وختم في الأخير بالتأكيد على أن الجواب عن فشل السياسات العمومية لا يجب أن يتم بالمقاربة الأمنية.