في المؤتمر الإقليمي السابع للحزب بفاس .. إدريس لشكر: «جيل Z » هو امتداد طبيعي لاحتجاجات 1965 و 1981 و 1990 واحتجاجات طنجة والريف وغيرها    مونديال الشيلي لأقل من 20 سنة (الجولة الثالثة) :منتخب المكسيك استحق الفوز ،لكن الأهم هو الاستعداد جيدا لدور الثمن (محمد وهبي)    حادث سيدي قاسم تنهي حياة تسعة أشخاص من أبناء الحسيمة                    الرباط تهتز من جديد... الآلاف يجددون العهد لفلسطين في الذكرى الثانية لطوفان الأقصى    متظاهرون مغاربة يخرجون في مسيرة حاشدة بالرباط تخليدا لذكرى معركة طوفان الأقصى        الملكية ركيزة الإستمرارية ومنارة الإصلاح لمغرب يتجدد بإرادة شبابه.    سربة عبد الغني بنخدة جهة بني ملال – خنيفرة تُتوج بجائزة الملك محمد السادس للتبوريدة    أب بمراكش يُسلم ابنه القاصر للدرك بعد تورطه في الشغب    النقابات القطاعية للصناعة التقليدية تعلن عن تنسيق مشترك وتتوعد بالتصعيد ضد "سياسة التجاهل"    طقس الأحد.. جو حار نسبيا بجل مناطق المملكة    أداء الإعلامية سناء رحيمي يُثير سؤال الجودة والتجديد في إعلامنا العمومي    بنسعيد: "مستعد نمشي لعند الشباب فين ما بغاو ونتناقش معهم علنيا"    مظاهرات "جيل زد" خلال اليومين الماضيين جرت دون تسجيل أي تجاوزات    ارتفاع قيمة "البتكوين" لمستوى قياسي    ناشطو "أسطول الصمود" يشكون معاملتهم "كالحيوانات" من طرف إسرائيل    إسبانيا تمنع مظاهرات حاشدة مساندة لفلسطين وتستخدم العنف لتفريقها    ترامب يأمر بنشر 300 جندي بشيكاغو    حصيلة ضحايا انهيار مدرسة في إندونيسيا تصل إلى 37 قتيلا    بنسعيد: حاولت اللقاء بشباب "جيل Z" ولم أتلق أي جواب منهم    إحباط تهريب 33 كيلوغراما من الكوكايين الخام بميناء طنجة المتوسط قادمة من أمريكا الجنوبية    أمن أكادير يوقف متورطين في تخريب سيارات بتيكيوين بعد خلاف مع حارس ليلي    احتجاجات "جيل Z".. إحالة العشرات على القضاء بين القصر الكبير والعرائش وتحركات أمنية بالعوامرة    الفيفا تصادق على تغيير جنسية احتارين لتمثيل المغرب    مونديال الشباب.. فرص مصر بالتأهل "شبه مستحيلة" وهذا هو السيناريو الممكن    الفخامة المصرية على الأراضي المغربية.. «صن رايز» تستعد لافتتاح فندق جديد    المديرية العامة تصنع الحدث في معرض الفرس برواقها المديري وعروض شرطة الخيالة (ربورطاج)    مباراة شكلية .. منتخب "الأشبال" ينهزم أمام المكسيك في "المونديال"    طنجة.. الدرك الملكي بكزناية يطيح بأربعة أشخاص متورطين في تخزين وترويج مواد غذائية فاسدة    تشكيلة "الأشبال" لمواجهة المكسيك    محمد الريفي يعود بديو مع "أورتيجا"                    القضاء الأمريكي يحكم بحبس نجم الهيب هوب ديدي    لجان التحكيم بالمهرجان الوطني للفيلم    العلماء يدرسون "التطبيب الذاتي" عند الحيوانات        أين اختفى هؤلاء "المؤثرون" في خضمّ الأحداث الشبابية المتسارعة بالمغرب؟    الاتفاق الفلاحي الجديد... أوروبا تعترف عمليًا بالسيادة المغربية على الصحراء    إلَى جِيل Z/ زِيدْ أُهْدِي هَذا القَصِيدْ !    انخفاض سعر صرف الدرهم مقابل الدولار والأورو    الكاتب عبد اللطيف اللعبي يوجّه رسالة تضامن إلى شباب الاحتجاجات في المغرب        فقدان حاسة الشم بعد التعافي من كورونا قد يستمر مدى الحياة (دراسة أمريكية)    علماء يجددون توصيتهم بالتقليل من اللحوم في النظام الغذائي    حمية الفواكه والخضراوات والمكسرات "قد تمنع" ملايين الوفيات عالميا    وزارة الأوقاف تخصص خطبة الجمعة المقبلة: عدم القيام بالمسؤوليات على وجهها الصحيح يٌلقي بالنفس والغير في التهلكة    عندما يتحول القانون رقم 272 إلى سيفٍ مُسلَّط على رقاب المرضى المزمنين        بوريطة: تخليد ذكرى 15 قرنا على ميلاد الرسول الأكرم في العالم الإسلامي له وقع خاص بالنسبة للمملكة المغربية        الجدل حول الإرث في المغرب: بين مطالب المجتمع المدني بالمساواة وتمسك المؤسسة الدينية ب"الثوابت"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ميزانية التسيير في ظل أزمة كورونا
نشر في هسبريس يوم 10 - 11 - 2020

لا شك في أن ميزانية التسيير بالإدارات العمومية ببلادنا تشكل حلقة رئيسية ومحورية في تشغيل وسير هذه المؤسسات العمومية، إذ تبقى الإدارة بدون جدوى إن لم تكن هنالك موارد مالية مهمة تجعل من هذه الوحدات قادرة على لعب أدوارها التنموية على النحو المطلوب. لذلك، فميزانية التسيير ببلادنا تخضع لمجموعة من المبادئ المؤطرة بالقانون التنظيمي للمالية رقم 130.13 والذي يعد دستور المالية العامة ببلادنا، هذه المبادئ تكمن في أنه لا بد من أن تساير الشفافية والنجاعة في الأداء والجودة والصدقية. هذه الأمور، بطبيعة الحال، هي مبادئ كبرى ضابطة وناظمة لمجال المالية العامة بالمغرب.
في جانب آخر، فالحديث عن ميزانية التسيير يجرنا إلى الحديث مباشرة عن التأثيرات التي ستعرفها هذه الميزانية في ظل جائحة فيروس كورونا كوفيد-19 المستجد، الذي أصبح اليوم أداة ضاغطة على المالية العامة وعلى الاقتصاديات العالمية بصفة عامة. لذلك، فإن المالية العامة ببلادنا ستعرف تغيرات مهمة تصب في خانة التقشف المالي مستقبلا؛ الأمر الذي سيؤثر لا محالة على ميزانية الدولة، وعلى ميزانية التسيير بالإدارات العمومية ببلادنا بدون أدنى مبالغة.
إن الأسئلة المحورية الملحة، التي تفرض نفسها في هذا الإطار، هي: كيف يمكن الحديث عن ميزانية التسيير في ظل التغيرات الاقتصادية الدولية التي خلفها وسيخلفها الفيروس التاجي؟ وما هي هذه التأثيرات على اقتصاد وميزانية الدولة؟ وما هي ممكنات تجاوز هذا الخلل؟
أولا: الآثار الاقتصادية للفيروس التاجي على ميزانية الدولة وعلى ميزانية تسيير الإدارات العمومية
يعتبر الفيروس التاجي، المعروف اختصارا بوباء كوفيد-19، جائحة عالمية كما أعلنت عن ذلك منظمة الصحة العالمية في بداية ظهور هذا الفيروس. ولا شك في أن الآثار الاقتصادية والاجتماعية التي خلفها منذ بداية ظهوره وإلى غاية اليوم تنذر بالمزيد من التدهور على شتى القطاعات والأصعدة؛ الأمر الذي أكده الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى ال21 لعيد العرش، حيث قال إن هذه الجائحة خلفت آثارا سلبية على المواطن بالدرجة الأولى وعلى الاقتصاد بالدرجة الثانية، الأمر الذي يحتاج إلى تضافر جهود الجميع من أجل تجاوز هذه المحنة التي يعرفها العالم.
فمنذ ظهور أول حالة إصابة بفيروس كورونا ببلادنا يوم 2 مارس 2020، وإعلان حالة الطوارئ الصحية بالبلاد يوم 20 مارس من السنة نفسها ، حاول رئيس الدولة بتنسيق مع الفاعل الحكومي وضع مجموعة من التدابير الاستباقية كمحاولة لتجاوز الآثار الاجتماعية والاقتصادية التي سيخلفها هذا الوباء، الأمر الذي سرع بإحداث "صندوق تدبير جائحة كورونا" الذي رصدت له آنذاك 10 مليارات درهم، وحددت مداخيله في يونيو المنصرم بنحو 33 مليار درهم. إلى جانب ذلك، تم إحداث لجنة اليقظة الاقتصادية، التي كانت مهمتها مواكبة الآثار الاقتصادية التي سيخلفها هذا الفيروس التاجي.
بالإضافة إلى ذلك، فقد حدد الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة 100 مليار درهم كمساعدات للدول التي تضررت بفعل الجائحة والتي وصل عدد قتلاها ما يفوق مليون قتيل. إلى جانب ذلك، وفي باب إعادة ترميم ما خلفته هذه الجائحة وستخلفه من دمار اقتصادي واجتماعي، وانطلاقا من الفصل ال77 من الدستور الذي يعتبر الحكومة والبرلمان مسؤولين عن تحقيق التوازنات المالية بالبلاد، وانطلاقا مما نص عليه القانون التنظيمي للمالية رقم 130.13 وخصوصا المادة 10 منه أنه في حالة عدم تحقيق الأولويات التي نص عليها القانون المالي السنوي، فإنه يمكن اللجوء إلى قانون مالي تعديلي من أجل تحقيق التوازنات المالية للدولة، وهو الأمر الذي تحقق عن طريق القانون المالي التعديلي رقم 20.35 الذي جاء بأربعة أهداف رئيسية، أولها إعادة إنعاش الاقتصاد الوطني، والمساهمة في تحقيق فرص للشغل، وأيضا مساعدة ومساندة المقاولات المتضررة بفعل الجائحة على الرجوع إلى الدورة الاقتصادية.
والجدير بالذكر أن الموارد الضريبية، التي تعد جزءا لا يتجزأ من الميزانية العامة للدولة وإحدى الركائز الرئيسية التي تدر السيولة المالية لخزينة الدولة، عرفت انخفاضا بنسبة 18,59%، بالإضافة إلى العجز الميزانياتي الذي وصل في غشت المنصرم إلى 46,5 مليارات درهم.. كل هذه الأمور بطبيعة الحال أثرت وستؤثر على ميزانية تسيير الإدارات العمومية التي تعتبر ميزانية الدولة عصب حياتها وشريانها الرئيسي والسبيل لضمان سيرورتها؛ الأمر الذي ينبغي معه التسريع بإنعاش الاقتصاد الوطني في أقرب وقت ممكن، حتى تستعيد ميزانية الدولة نشاطها وعافيتها.
ثانيا: تدابير من أجل إصلاح ميزانية التسيير وإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني
الكل يعلم بأن ميزانية التسيير مرتبطة ارتباطا عضويا بالميزانية العامة للدولة، وكل خلل وعدم اشتغال سيؤثر لا محالة على الإدارات العمومية، وسيشكل عقبة أمامها؛ لأن ميزانية التسيير بأي مؤسسة عمومية هي نقطة أساسية تستطيع من خلالها (توظيف كوادر جديدة قادرة على الرقي بالمؤسسة، تكوينات، شراء لوازم لوجيستيكية أساسية لسير المؤسسة...)، وأيضا هي نواة رئيسية من أجل ضمان سيرورة الإدارات العمومية ببلادنا.
لكن، الأمر الذي تنبغي الإشارة إليه في هذا الإطار، هو كون هذه الميزانية يجب أن تخضع لمبادئ الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، والابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى ميزانية التسيير، فالميزانية المثلى والناجعة هي ميزانية تتيح للإدارات العمومية السير الأمثل لمصالحها والتدبير الناجع لدواليبها.
وفي هذا الإطار، وجب التذكير بمشروع القانون رقم 19.46 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي تم التنصيص عليه من أجل تقوية النصوص القانونية المؤطرة لهذه الهيئة، ولتجويد النص السابق المؤطر للهيئة رقم 113.12، والذي سيتيح لها لعب دورها في مراقبة وجودة وشفافية ميزانية الإدارات العمومية خصوصا ما تعلق منها بميزانية التسيير، وخضوعها لمبادئ الحكامة الجيدة الذي خصها المشرع الدستوري بباب كامل هو الباب الثاني عشر من دستور 2011.
خاتمة
إن الحديث عن الميزانية وعن المالية العامة للدولة يجرنا إلى الحديث في الأخير عن سبل إعادة إنعاش الاقتصاد الوطني من أجل رفع التقشف الحاصل اليوم إزاء أزمة وباء كورونا، كسبيل لضمان سيرورة الإدارات العمومية عن طريق الرفع من ميزانية تسييرها؛ الأمر الذي أشار إليه رئيس الدولة في خطابه يوم 09 أكتوبر 2020 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة من الولاية العاشرة، التي أعطى من خلالها الضوء الأخضر لإنشاء "صندوق محمد السادس للاستثمار"، الذي خصص له مبلغ 15 مليار درهم، وهو صرح سيشكل بدون شك أداة لإعادة إنعاش الاقتصاد الوطني المتهالك بفعل جائحة وباء كورونا.
هذا بالإضافة إلى أن ميزانية التسيير عصب التدبير الإداري ببلادنا، فينبغي أن تكون رشيدة وحسنة الاستعمال ومنضبطة للمبادئ الدستورية التي تصب في خانة الحكامة الجيدة وربط المسؤولية بالمحاسبة، من أجل ضمان سير آمن للمؤسسات العمومية ببلادنا.
*باحث في المجال الإداري والمالي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.