بعنوان "أنا الذئب ياااا يوسف"، صدر للشاعر المغربي صلاح بوسريف عمل شعري جديد عن دار أغورا للنشر بطنجة. ووفق الورقة التقديمية للعمل الشعري، فإنه صدر "بعنوان مفارق ومثير، مثلما نقرأ، عادة، في عناوين الشاعر نفسه، "أنا الذئب يااااا يوسف"، ما يُحِيل منذ البداية على النص القرآني، وعلى قصة يوسف مع إخوته". لكن، المفارقة هنا، وفق المصدر ذاته، أن "المتكلم هو الذئب، الذي برز حاضراً بدل الإخوة، والعمل الشِّعري، حين نقرأه، يأخذنا إلى سياقه الذي أتاح فيه للذئب أن يكون هو البارز، على اعتبار أن الذئب لم يكن طرفاً في ما حدث ليوسف، فهو أُقْحِم في الحكاية، أي باعتباره ضحية، وليس آثماً". ويرافع الذئب في هذا العمل الشِّعْرِي على نفسه، كما أن يوسف يخرجه من سياق الإثم الذي وضعه فيه إخوته، والآية نفسها تُبرِّئ الذئب، ليظهر في طبيعة هذا العمل أن "الإنسان، في نهاية المطاف، هو الذئب، كما يقول الذئب نفسه"، وأنَّ "الإنسان ذئب لأخيه الإنسان"، بعبارة هوبز الشهيرة. وهذا العمل الشعري، هو نص واحد، في كتاب. يتوزع عبر لحظات، اللحظة الأولى بعنوان "شَرَك الذئب" والثانية بعنوان "الذئب خيال إخوتي"، والثالثة بعنوان "كلانا من نفس الريح جئنا". ويعمل صلاح بوسريف على تعميق تجربته من خلال مشروع شعري متفرد ومتميز، يسميه حداثة الكتابة"، الذي يقطع فيه مع "القصيدة"، ومع مفهوم "الخطاب"، ليؤسس لمفهوم "النص" و"العمل الشعري"، من خلال أعمال ذات نفس ملحمي درامي، بناؤه متشابك، بلوري متعدد الأضلاع والزوايا، الكتابة ما يحكمه لا الشفاهة والصوت المفرد، أو الغنائية التي هي من خواص "القصيدة" والخطاب. ويرى بوسريف أن "اللغة في هذا العمل الشعري، ليست ما يحكم قراءة النص، بل دوال أخرى، بينها التفضية، وتوزيع الصفحات، والصمت والفراغ، وما للإيقاع من دور في تشبيك الصور والجمل، وتركيبها، بمجازات معقدة ومثيرة". وسبق أن صدر له مؤخرا كتاب، بعنوان "شعرية الصمت"، يؤكد فيه على قراءة الشعر بمجموع دواله، لا باللغة وحدها، أو بالحبر، لأن هذه، عنده، "قراءة عمياء". ومما يقرأ في بداية هذا الكتاب الشعري: أنَا يُوسُف / كَادَ لِي إخْوَتِي. لَمْ / أَرَ الذِّئْبَ، / وَ / لَا / فِي ظَنِّي كَانَ أَنْ يَكُونَ دَمِي عَالِقاً بمَخالِبِه. الذِّئْب مثلي فرِيسة لِإخْوَتِي. كِلانَا كُنَّا في قَرَارَةِ الجُبِّ نَنْتَظِرُ حَتْفَنَا، / لَا / نَعْرِفُ مَتَى الليلُ حَلَّ، / وَ/ لَا مَتَى النَّهَارُ مَرَّ بِظُلْمَتِنَا.