في المؤتمر الإقليمي بالقنيطرة.. الكاتب الأول إدريس لشكر: الحكومة تتعامل بمنطق التلكؤ وإقليم القنيطرة يتوفر على مؤهلات كبيرة لكن الاستثمارات لم تنعكس بشكل إيجابي على الساكنة المحلية    ميناء الحسيمة يسجل تراجعا في مفرغات الصيد البحري خلال النصف الأول من 2025    إحداث أزيد من 6200 مقاولة مع متم ماي الماضي بجهة الشمال    هولندا.. مصرع امرأة بعد اعتداء داخل منزلها وتوقيف شريكها للتحقيق    بنسعيد يربط نجاح تنظيم المونديال بتطوير رأس المال البشري في المغرب    حرب خفية على المنتجات المغربية داخل أوروبا.. والطماطم في قلب العاصفة    افتتاح موسم صيد الأخطبوط بعد فترة الراحة البيولوجية    ترامب يعاني من قصور وريدي مزمن    اشتباكات بين عشائر ومقاتلين "دروز"    ترامب يهدد صحيفة أمريكية بالقضاء        إحباط تهريب الشيرا ضواحي الجديدة    قاضي التحقيق يودع ثلاثة موظفين سجن عكاشة بملف سمسرة قضائية    "البيجيدي": تهديدات أخنوش ضد تيكوكين غير مسؤولة وتمس بمبدأ استقلالية الجماعات الترابية    "أنا غني".. سجال هاشم يستعد لإشعال صيف 2025 بأغنية جديدة    مدينة تيفلت تفتتح سهرات المهرجان الثقافي الخامس بباقة موسيقية متنوعة    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        غزة تحترق وأوروبا تتواطأ مع إسرائيل بالصمت    طبيبة شابة تُغدر وتُدفن في ظروف غامضة بإقليم تازة والزوج في قفص الاتهام    مجلس النواب ينتظر صدور قرار المحكمة الدستورية بشأن دستورية قانون المسطرة المدنية    بورصة البيضاء .. أداء سلبي في تداولات الافتتاح    جيش الاحتلال الصهيوني يواصل مجازره ضد الفلسطينيين الأبرياء    رحيل أحمد فرس.. رئيس "فيفا" يحتفي بالمسيرة الاستثنائية لأسطورة كرة القدم الإفريقية    لوفيغارو الفرنسية: المغرب وجهة مثالية لقضاء عطلة صيفية جيدة    الهلال يتوصل إلى اتفاق مع ياسين بونو لتمديد عقده        افتتاح بهيج للمهرجان الوطني للعيطة في دورته ال23 بأسفي تحت الرعاية الملكية السامية        لبؤات الأطلس على المحك..في لقاء حاسم أمام مالي لحجز بطاقة التأهل إلى المربع الذهبي    بلاغ صحفي تمديد استثنائي لآجال التصريح والأداء عبر بوابة "ضمانكم" برسم شهر يونيو 2025    بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    مغني الراب سنوب دوغ يدخل عالم الاستثمار الكروي عبر بوابة سوانسي سيتي الانجليزي    مزور: الطاقات المتجددة مفتاح تحول الصناعة بالمغرب    "مهرجان الراي للشرق" بوجدة يعود بثوب متجدد وأصوات لامعة    توقعات أحوال الطقس لليوم الجمعة    الرابطة المغربية تنظم لقاء دوليا بمالقا لمواجهة تصاعد خطابات الكراهية ضد المهاجرين    محمد أبرشان كاتبا إقليميا للحزب بالناظور، وسليمان أزواغ رئيسا للمجلس الإقليمي    الجنائية الدولية تؤكد القبض على ليبي في ألمانيا لاتهامه بجرائم حرب    البنك الدولي: 64% من المغاربة تعرضوا لكوارث طبيعية خلال السنوات الثلاث الماضية    فرحات مهني يُتوَّج في حفل دولي مرموق بباريس    بطولة إيطاليا: انتر يسعى لضم النيجيري لوكمان من أتالانتا    ميتا تخطط لتطوير ذكاء اصطناعي يتجاوز قدرات العقل البشري    احتفاء بالراحل بن عيسى في الإسكندرية بمناسبة اختياره شخصية الدورة العشرين للمعرض الدولي للكتاب    سانشيز: "الهجرة تساهم بشكل إيجابي في الاقتصاد الإسباني"    الكونفدرالية تُشدد على حماية مكتسبات المتقاعدين وتُحذر الحكومة من قرارات أحادية في ملف التقاعد    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    سقوط شخص من الطابق الرابع لمنزل سكني بطنجة    "حزب الكتاب" يدافع عن آيت بوكماز    وزير الثقافة يعزي في وفاة الفنانين الأمازيغيين صالح الباشا وبناصر أوخويا    وداعا أحمد فرس    موقع "الأول" يتوج بجائزة الصحافة البرلمانية لسنة 2025    دراسة تكشف العلاقة العصبية بين النوم وطنين الأذن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثورة الفايسبوك أو حصان طروادة؟
نشر في هسبريس يوم 23 - 06 - 2013

تداولت وسائل الإعلام دور الانترنيت وشبكات التواصل الاجتماعي في اندلاع ربيع الشعوب، وتناقلت بعضها أخبار المدونين وبطولاتهم في تحريك الشارع بعيدا عن رقابة الدول.
ومع سقوط النظام التونسي اعتقد الكثيرون أن الدول أصبحت عاجزة عن التحكم في التواصل بين مواطنيها و تنظيمهم لتحركات شعبية قوية في الشارع ، كما تناقلت التحاليل دور هذه الشبكات من فايسبوك وتويتر وغيرها في سقوط أنظمة بكاملها بداية بالنظام التونسي والمصري واستمرار الحراك ضد أنظمة أخرى.
أعترف أنني كنت من الأوائل الذين ابتهجوا لدور هذه الشبكات الافتراضية في تحريك الشارع وآمنتُ بيقينية بليدة أن هذه الشبكات التي أطلقها نظام السوق بهدف الربح كانت وبالا على الكبار، وعلى السوق، وعلى زعماء العولمة المتوحشة، واعتقدت أن تعقيدات هذه البحار والطرق السيارة من المعلومات ومن مجالات التواصل قد فتحت على البشرية مرحلة جديدة أصبحت فيها المعلومة ملكا للجميع، وأصبحت وبالا على الطاغوت، وأصبح التواصل بين البشر لا يخضع لقوانين الدول وأنظمتها، وأن هذه الأخيرة أصبحت عاجزة عن التحكم في هذه الكرة الضخمة من خيوط شبكة عنكبوتية هائلة، شبكة قادت تحرّر البشر من تسلط الأنظمة ورقابتها، وفرضت على الأنظمة تغيير سياساتها مع المواطن الذي أصبح خارج تأثير إعلامها ومُنتجا لإعلام بديل ومُؤثر.
مرت سنوات على هذا "الانبهار" انهارت خلالها مصر أو تكاد، وتُواصل تونس لاهثة للخروج من عنق الزجاجة، واستأمن فيها المخزن حاله في المغرب بتوافق مع أبلد الاسلاميين في المنطقة، واستأمنت اسرائيل حالها بعد تطويق سوريا عربيا وإقليميا ودوليا، وفتحت أمريكا حوارها مع طالبان بعد أن استكملوا مهمتهم في تبرير غزواتها ، ولا زال بعضنا يعتقد أن شبكات التواصل الاجتماعي تُحرج وتهدد الدول العظمى وصنائعها في المنطقة.
بالمقابل تفجرت فضيحة القرن بامتياز والمتعلقة بتجسس بريطانيا والولايات المتحدة على البشر ومحاولتهما رصد أنفاس الناس وأسرارهم عبر الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل الاجتماعي. وتبين من تصريحات الجاسوس الأمريكي المختبئ في هونكونغ إدوارد سنوودنEdward Snowdon أن هذه الأخيرة تتجسس على الدول وعلى المؤسسات وعلى الخواص، وأن هدفها الاستراتيجي هو توجيه الرأي العام عبر التحكم في هذه الشبكات وتطوير آليات تحكمها في الجماعات وفي المجتمعات وتوجيهها نحو مواقف وتحركات تلائم الاستراتيحية المرسومة سلفا من طرفها، وعرضها كأنها مطالب للشعوب تتجاوب معها هذه الدول بديموقراطية.
حسب نفس الجاسوس الأمريكي أنه باستثناء تونس التي كانت مرحلة تجريبية، باقي الانتفاضات من مصر مرورا باليمن وسوريا تمت البرمجة لها وترتيب فصولها بدقة واستباقية وفّرتها شبكات التواصل الاجتماعي المُخترقة، كما أن التحكم في هذه الانتفاضات تم بشكل مختلف من بلد لآخر وحسب السيناريو المنشود لكل منطقة، وهذا ما لاحظناه من اختلافات في المنحى والهدف الذي تباين بين إسقاط رؤوس بعض الأنظمة (تونس، مصر، ليبيا واليمن )والحفاظ على بعضها بعد تعديل أجندة حكامها (البحرين، الأردن، المغرب والسودان، وربما الجزائر إلى حين) مع استمرار محاولة ترتيب الباقي لاستكمال أجزاء الصورة الجديدة للمنطقة.
قبل ذلك وفي سنة 2010 انتقل بدون ضجة تُذكر المسؤول الأول عن أمن الفايسبوك وأحد أدمغته اللامعة ماكس كيلي Max Kelly للعمل في وكالة المخابرات الأمريكية حاملا معه معلومات ما لايقل عن ألف مليون مشترك في الفايسبوك، وكان ذلك سنة 2010،أي سنة قبل اندلاع الثورة التونسية، ونعرف اليوم عبر تسريبات الجاسوس إدوارد أن ماكس كيلي تم استقطابه للعمل مع المخابرات الأمريكية من طرف الجنيرال كيت ألكسندر Keith B Alexanderمدير قسم تجنيد القراصنة بالوكالة الأمريكية، كما كان مسؤولا عن برنامج التعاون مع الشركة المالكة لبرنامج سكايب Skype للتواصل عبر الانترنيت قبل أن تقتنيه ميكروسوفت سنة 2011.
هناك من يضع في قلب هذه الاحتمالات كذلك ما يجري اليوم في البرازيل والتشيلي، خصوصا بعد أن أصبحت هذه الدول تُهدد بنموها المتصاعد الاقتصادات الغربية العليلة، وتقترب من تحالفات مُحتملة مع التنين الصيني، والدب الروسي والهند الصاعدة إلى جانب أخرى.
قد يبدو للبعض أن للمقاربة علاقة بما يُعرف بنظرية المؤامرة، أو أن في الموضوع انحياز لأطروحة البكاء على الأنظمة البائدة باعتبارها كانت أخف الأضرار، أو تبرير نوسطالجيا الدعم غير المشروط لسوريا البعث، أو غيرها من تبريرات، فهم أسباب نزول هذه التشكيكات التي أججتها فضيحة التجسس الأمريكي والبريطاني على العالم.
الحقيقة أنني ما فتئت أرفض نظرية تفسير فشلنا السيزيفي بمؤامرات تُحاك ضدنا، كما لا أجد أي مبررلاستمرار النظام السوري وقبله المصري أو التونسي باسم قومية عُنصرية بليدة، أوبمبرر الحفاظ على حصون المواجهة مع الوهابية القاتلة وتُجّار التطرف، كما أن انكشاف الاستراتيجيات الغربية اليوم لا يُبرر الشّوق إلى الدمى التي سقطت فقط لأن دورها انتهى.
في ظل هذا الكسوف وانفجار فضائح التجسس من حجم وثائق ويكيليكس سابقا، والدفعة الأولى من تسريبات الجاسوس الأمريكي إدوارد سنوودنEdward Snowden ، يحضُرني بقوة السؤال الذي غاب عنا في خضم فرحتنا بانطلاق ربيع الشعوب، سؤال من يراقب من؟ ومن يُحرك من؟
يتعلق الأمر بكيف صدقنا أننا تخلصنا من رقابة الأنظمة ومن سيطرتها على المعلومة ومن تحجيمها للتواصل بيننا بفضل الشبكة العنكبوتية وشبكات التواصل ، ونسينا أنها قبل تحريرها وتسويقها كانت اختراعات عسكرية سرية .
والواضح اليوم أن انبهارنا بها لم يكن صُدفة ولااستعمالنا لها انفلات أمني، بل كان جزءا من الاستراتيجية الامنية الجديدة ، و ما سرّبه الجاسوس الأمريكي الهارب يؤكد هذه الفرضية ويؤكد أن آليات التواصل التي ساعدت على سقوط بعض الأنظمة، هي نفسها التي تُشرف على مراقبتنا والتأثير في قراراتنا الجمعية، وأن صانعها ومُحررها يستعملها في مراقبتنا بدقة وتفصيل أكثر من السابق وبمحض "إرادتنا".
رغم فرضية الشك وهاجس الحذر، وكلاهما يؤسسان للحقيقة التي نسعى إليها.
لست متشائما، بل يملأني اليقين بالنصر للحرية..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.