تزامنا مع المفاوضات التي تجريها الأحزاب السياسية لتشكيل المجالس الترابية، دعا ائتلاف "المناصفة دبا" إلى ترشيح النساء أسوة بالرجال على رأس كل المجالس المقبلة، إعمالا لمقتضيات الدستور والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب. وينص الفصل ال19 من دستور 2011 على أن الرجل والمرأة يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية. وتسعى الدولة، حسب مقتضيات الفصل ذاته، إلى تحقيق مبدإ المناصفة بين الرجال والنساء، عبر إحداث هيئة للمناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز؛ غير أن مطلبَ المناصفة في المجال السياسي لم يتحقق للمرأة المغربية إلى حد الآن. ويرجع تأخّر تفعيل التمكين السياسي للنساء في المغرب بعد مرور عشر سنوات على تضمين مبدأ المساواة والمناصفة في الدستور إلى مجموعة من الأسباب؛ منها "العقلية المجتمع الذكورية داخل الأحزاب السياسية"، حسب وفاء حجي، رئيسة ائتلاف "المناصفة دبا". وأنجز الائتلاف سالف الذكر، في سنة 2017، دراسة سلطت الضوء على أسباب ضعف إشراك الأحزاب للمرأة في الحياة السياسية، خلُصت إلى أن الأسباب مركّبة وتتوزع بين ما هو ثقافي ومجتمعي، علاوة على غياب إرادة حقيقية لدى الأحزاب لتعزيز المشاركة السياسية للنساء. في هذا الإطار، قالت وفاء حجي إن من بين المعيقات الأساسية التي تثبط المشاركة السياسية للنساء طريقة التدبير الداخلي للأحزاب؛ "ذلك أنها لا تتخذ القرارات داخل الأجهزة بل خارجها، مع ما يترتب عن ذلك من حاجة إلى المال لكسب النفوذ، وهو ما لا تتوفر عليه النساء". وبالرغم من أن الحركة النسائية في المغرب قامت بمجهودات كبيرة من أجل تحقيق المساواة والمناصفة بين النساء والرجال، فإن تفاعل الأحزاب السياسية مع هذا المطلب في المجال السياسي لا يزال ضعيفا، ولولا الإجراءات التي اتخذتها الدولة لكانت وضعية المرأة أسوأ مما هي عليه الآن. وشددت رئيسة تحالف "المناصفة دبا" على أنّ الآليات الإيجابية التي وضعتها الدولة هي التي مكّنت من صعود 90 امرأة في الانتخابات التشريعية عن طريق اللائحة المخصصة لهن، "ولو أزلْنا هذه اللائحة فإن النساء اللواتي نجحن في اللوائح المحلية لم يتعدَّ عددهن خمس نساء"، تضيف المتحدثة. ويستعد ائتلاف "المناصفة دبا" للترافع من أجل وضع قانون إطار لتفيل مبدأ المناصفة بين النساء والرجال، حيث سبق للائتلاف أن تقدم بعريضة إلى رئيس مجلس النواب حظيت بالقبول، ويَنتظر تشكيل أجهزة المجلس وتشكيل الحكومة من أجل الدفع بتفعيل التوصيات المتضمنة في العريضة.