أول حكم يقضي بالعقوبات البديلة بالمغرب.. الغرامة مقابل الحبس        كلفته 14.7 مليار سنتيم... 'البيجيدي" يسائل الحكومة عن جدوى برنامج "الزبون السري"    متجاوزا فرنسا..المغرب أول مستورد للغاز الإسباني    طنجة تحتضن الندوة الدولية ال33 للفواكه الحمراء يوم 11 شتنبر المقبل    هيئة: 108 مظاهرة في 60 مدينة مغربية نصرة لغزة وضد سياسة التجويع والإبادة ورفضا للتطبيع        الركراكي يعقد ندوة صحافية الأسبوع المقبل للإعلان عن لائحة المنتخب    برلمانية: الخلاف بين أخنوش ووزير النقل حول الدراجات النارية كشف هشاشة الانسجام الحكومي            وزير خارجية باكستان يصل إلى بنغلاديش في أول زيارة من هذا المستوى منذ 13 عاما    الذهب في المغرب .. أسعار تنخفض والمبيعات في ركود    دوناروما يودّع جماهير باريس سان جيرمان بالدموع    المغرب يتصدر قائمة مستوردي التمور التونسية    أوروبا تستعد لإقرار استراتيجية جديدة لسياسة التأشيرات    الأنشوجة المغربية .. سمكة صغيرة تصنع ريادة كبرى في القارة الأفريقية    حريق يلتهم محلات تجارية بسوق ماتش في الريصاني    كونتي: نعلم المخاطر التي تواجه نابولي للاحتفاظ بلقب الدوري الإيطالي    السكتيوي: مواجهة تنزانيا كانت صعبة لكن اللاعبون أثبتوا جدارتهم    المغرب بين الحقيقة والدعاية: استخبارات منسجمة وتجربة أمنية رائدة تعزز الاستقرار    "يويفا" يمنح برشلونة الإسباني دفعة قوية قبل انطلاق دوري أبطال أوروبا    أجواء حارة نسبيا في توقعات طقس السبت    إعصار إيرين يدمر أعشاش السلاحف البحرية المهددة بالانقراض    "تيك توك" توكل الإشراف على المحتوى في بريطانيا للذكاء الاصطناعي    ثلث الألمان يخشون فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. "أسود الأطلس" يقتربون من اللقب بتغلبهم على تنزانيا    طقس السبت.. حرارة مرتفعة وزخات رعدية بعدد من مناطق المملكة    كيوسك السبت | قادة إفريقيا واليابان يشيدون بالمبادرات الملكية بشأن المناخ والهجرة    الصين تكتشف احتياطيات ضخمة من الغاز الصخري    بطولة انجلترا: تشلسي يهزم وست هام (5-1)    سيارة مسرعة تدهس شابًا وامرأة بعد خروجهما من حفل زفاف بمنطقة العوامة بطنجة    توقيف 6 أشخاص في شجار عنيف بشاطئ طنجة وإصابة قاصر    بلاغ: المجلس الوطني لحقوق الإنسان يعبر عن ارتياحه لدخول قانون العقوبات البديلة حيز التنفيذ    الإعدام للرئيس السابق للكونغو الديمقراطية مطلب النيابة العامة    عجز قياسي جديد يثير المخاوف بشأن متانة التوازنات المالية بالمغرب    دليل استرشادي من رئاسة النيابة العامة إلى قضاة النيابة العامة حول تنفيذ العقوبات البديلة    فلوس الغرامة.. فلوس المهرجان    للمرة الثالثة: عودة الفنانة شيرين عبد الوهاب لطليقها حسام حبيب يشعل أزمة جديدة    احتفاء خاص بالباحث اليزيد الدريوش في حفل ثقافي بالناظور    مهرجان الشواطئ يحتفي بعيد الشباب وثورة الملك والشعب بمشاركة نجوم مغاربة وعرب        "تيكاد-9" يفضح محاولات انفصاليي "البوليساريو" ويؤكد دعم اليابان للحكم الذاتي المغربي        إعادة برمجة خلايا الدم إلى خلايا جذعية مستحثة متعددة القدرات يفتح آفاقا واسعة في مجال العلاج الشخصي والبحث العلمي (صابر بوطيب)    دراسة: عدم شرب كمية كافية من الماء يسبب استجابة أكبر للإجهاد        وفاة القاضي الرحيم عن 88 عاما.. صوت العدالة الذي أنصف المهاجرين    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة        "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسرحي المسكيني الصغير يراكم تجربة غنية
نشر في هسبريس يوم 03 - 11 - 2021

المسيرة الإنتاجية الإبداعية للكاتب والباحث المغربي المسكيني الصغير لها جذور عميقة ممتدة في الشعر والمسرح، وهي متجددة ضمن خاصية التمسرح "théâtralité" التي ركبت في أكثر من مناسبة صهوة الفلسفة وتعميق المعارف، من أجل البحث عن عالم أفضل ومغاير .
تجربة المسكيني الصغير، التي ارتبطت تاريخيا بما يعرف ب"المسرح الثالث"، الذي يندرج ضمن توجيه مسرح الهواة بالمغرب نحو آفاق رحبة من التجريب والتحديث والتأسيس والتأصيل، متشبعة بخاصية التمسرح منذ البداية، والتي تعني التوفر على الخصائص الحصرية والتقنيات المتفردة التي تجعل من عمل ما مسرحا أو فنا رابعا .
وبالعودة إلى البدايات، فإنه حين صدر سنة 1967 ديوان مشترك تحت عنوان "أشعار الناس الطيبين" يحمل توقيع كلا من المسكيني الصغير وإدريس الملياني وأحمد هناوي الشياظمي، قيل وقتئذ إن الأمر يتعلق بشعراء واعدين... لكن المسكيني، الذي صدر له بعد ذلك ديوان شعري يحمل عنوان "مات خطأ" عام 1990، ربما وجد نفسه أكثر في الفن الرابع، حيث صدرت له منذ هذا التاريخ العديد من المسرحيات بدأها ب"سرحان"، فكان حديثها وليس آخرها مسرحية "منطق السقائين".
وإذا كانت مسرحية "منطق السقائين" قد غاصت في التراث العربي لتوصيف وتشخيص واقع معيش راهن، عبر تقنية "التناص أو التفاعل النصي"، فإن أعمالا مسرحية أخرى له استثمرت التقنية نفسها، وهو ما بدا واضحا في بعض العناوين، من قبيل "رجل اسمه الحلاج" التي صدرت عام 1996، ثم "عودة عمر الخيام إلى المدينة المنسية" عام 2000، و"خروج ابن عربي" التي رأت النور خلال السنوات الأخيرة .
ويتعلق الأمر، إذن، بتجربة إبداعية غنية بالبحث والغوص في المعرفة من أجل كتابة أعمال موجهة لجمهور عريض... فالأمر له صلة وثيقة بتصور هذا الكاتب لعملية الكتابة نفسها، حيث يراها مشروعا فنيا، يحمل في المضمون رؤية وأفكارا تدافع عن إنسانية الإنسان، وفي الشكل هي تقنيات متجددة ترتقي بالعمل إلى مستوى الفن الرفيع.
يقول الباحث إبراهيم الهنائي في تقديم لمسرحية "منطق السقائين": "نحن أمام مبدع وباحث مسرحي له مشروع فكري وفني، من خلاله يريد أن يؤكد أن المسرح لا بد أن يكون مسرح قضية، وإلا انقلب ترفا كلاميا وبهرجة زائلة".
وبناء عليه، فإن استثمار المسكيني الصغير لشخصيات حقيقية أو خيالية تحتفظ بها ذاكرة قراء التراث العربي في عدد من أعماله يجسد هذه الرؤية الفكرية التي تعيد صياغة قضايا اجتماعية وسياسية واقتصادية في قالب إبداعي، من أجل إضفاء طابع العمق المعرفي عليها.
فإذا كانت مسرحية "منطق السقائين " قد استثمرت شخصيات كل من فريد الدين العطار صاحب كتاب "منطق الطير " والشاعر أبي العلاء المعري، وشهر زاد وغيرها، فإن أعمالا أخرى استثمرت شخصيات أخرى منها الحلاج وابن عربي، حيث يتم إثارة قضايا معقدة برؤية إبداعية لها عمق فلسفي؛ لأن الأمر يتعلق بطرح أسئلة دقيقة لترك الجمهور يفكر فيها ويتفاعل معها.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن علاقة المسرح بالفلسفة لها من هذا المنظور ما يبررها.. فهي "تتميز بنوع من التداخل والتبادل" كما عبر عن ذلك كتاب "المسرح والفلسفة " لمؤلفه الباحث والجامعي المغربي أحمد الطوالة، حيث يرى أن المسرح إنتاج مركب؛ فهو لغوي ومعرفي وأدبي وتقني، زاخر بالتيمات التي تشكل موضوعا للتفلسف.
وعليه، فإن مسرحية "منطق السقائين" للمسكيني الصغير جاءت لتكرس هذا التوجه لديه، من خلال بحثه المعمق في التاريخ، كي يسائل الحاضر لتغييره وينبش في المستقبل .
فالنص المسرحي "منطق السقائين"، الذي يتوزع إلى أربعة مشاهد أو لوحات، يشخص أحداثا تتعلق بممارسة الشطط في استعمال السلطة.. والذين يقومون بذلك يخافون من القوة التي يمتلكها العلماء والحكماء أو شهود العصر، والمتمثلة في سلطة المعرفة .
هذا الموضوع مهم للغاية؛ لكن أهميته تكمن في بنائه المسرحي المتماسك، الذي ينم عن دراية كبيرة في نسج عوالم الفن الرابع. لذلك، نحن، إذن، بصدد تجربة فنية وبحثية ممتدة في الزمن، وفي المعرفة المسرحية الرفيعة التي اختارت أن تكون شاهدة على عصور تنتصر للحياة في أبهى صورها.
* و.م.ع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.