سيراليون تعبر عن دعمها الكامل للوحدة الترابية للمملكة    التكيف المناخي للفلاحة.. صديقي يدعو إلى تكثيف الجهود لدعم البحث والابتكار    مديرية الضرائب تعلن عن آخر أجل لإيداع الدخول المهنية    الأمم المتحدة تطالب بتحقيق دولي في المقابر الجماعية في مستشفيات غزة    وزير الصحة: أربعة أمراض غير سارية تكلف 75% من النفقات الإجمالية لصندوقي التأمين عن المرض بالمغرب    حموشي يتباحث بالدوحة مع مدير جهاز "أمن الدولة" القطري    الأقمصة الرياضية التي أرعبت السلطات الجزائرية!    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    المحكمة تضاعف من عقوبة الناشط الفايسبوكي "رضا الطاوجني" في قضيته مع وزير العدل    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص لتورطهم في حيازة وترويج مخدر الكوكايين    خارطة طريق فلاحية جديدة بين المغرب وفرنسا    هل خرق مجلس النواب نظامه الداخلي بانتخاب برلماني من الأغلبية لرئاسة لجنة مراقبة المالية العامة؟    بسبب انقطاع شلّ مرافق مقاطعة مرس السلطان.. الداخلية تمنح بودريقة أسبوعا لاستئناف مهامه    وزير الزراعة والأمن الغذائي بنيجيريا: "نرغب في تعميق علاقات التعاون مع المغرب في المجال الفلاحي"    وزارة الفلاحة الإسبانية: صادراتنا إلى المغرب سجلت رقما تاريخيا خلال 2023    عندما تخاف فرنسا.. تُكثر من التصريحات وتعود إلى حضن المغرب!    أمل تيزنيت يستنكر الأخطاء التحكيمية التي ارتكبت في مباراته أمام جمعية المنصورية    الفلاحة المستدامة.. القرض الفلاحي للمغرب والوكالة الفرنسية للتنمية يوقعان اتفاقيتي قرض    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    بورصة الدار البيضاء : تداولات الافتتاح على وقع الانخفاض    التعاون القضائي في صلب مباحثات وزير العدل مع نظيريه الغيني والكونغولي    حنان حمودا تصدر طبعة ثانية لكتاب "الماء وصناعة المقدس: دراسة أنتروبولوجية لبنيات المجتمع الواحي بالمغرب"    دار الشعر بتطوان تحتفي ب "ليلة الملحون"    الراصد الوطني للنشر والقراءة في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    الحسيمة.. موظفو الجماعات الترابية يشلون الإدارات لثلاثة ايام    وزارة التربية الوطنية تشرع في عقد المجالس التأديبية للأساتذة الموقوفين وسط رفض نقابي لأي عقوبة في حقهم    بنموسى: الأزمة التي عاشتها المنظومة التعليمية شكّلت لنا فرصة للإصلاح    شخص يهدد بالانتحار بتسلق عمود كهربائي    بعد أزمة نهضة بركان.. الاتحاد الدولي للمصارعة يعتمد خريطة المملكة في أقمصة المنتخب    حرائق الغابات تجتاح عددا من مقاطعات كندا    بكين تنفي "كل المزاعم بتجسس صيني"    أكادير.. الدورة الأولى لمهرجان "سوس كاسترو" الدولي لفنون الطهي ونجوم المطبخ من 25 إلى 28 أبريل الجاري    الموت يفجع زوج دنيا بطمة السابق    الذهب ينخفض لأدنى مستوى في أكثر من أسبوعين مع انحسار مخاوف الشرق الأوسط    العلاج بالحميات الغذائية الوسيلة الفعالة للشفاء من القولون العصبي    هذه هي الرياضات المناسبة إذا كنت تعاني من آلام الظهر    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    سلسلة زلازل تضرب تايوان أشدّها بقوة 6,3 درجات    اللي غادي لفرانسا لخميس وماشي لشي غراض مهم يؤجل رحلتو الجوية حتى الجمعة وها علاش    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    القميص ‬البرتقالي ‬يمرغ ‬كبرياء ‬نظام ‬القوة ‬الضاربة ‬في ‬التراب‬    الاتحاد المصري يستدعي المغربي الشيبي    سباق النصر النسوي يطفىء شمعته ال 14 يوم الأحد المقبل وسط أجواء رياضية واحتفالية    الصين: مصرع 4 أشخاص اثر انهيار مسكن شرق البلد    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الأمثال العامية بتطوان... (579)    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقّف ونقد السّلطة في المجتمعات المعاصرة
نشر في هوية بريس يوم 29 - 10 - 2021

يعيش المشهد الحزبي في فرنسا على وقع حملة رئاسية صاخبة، وهي سمة الحياة السياسة في فرنسا خاصة بعد وصول الرئيس ماكرون إلى قصر الإليزيه الذي صنع على عجل على طريقة "Fastfood" بعجينة تجمع بين اليسار واليمين، فجرت أزمة عميقة بدأت تأخذ أبعاداً بنيوية في دولة ترقد على تراث حزبي وسياسي وأيديولوجي وقانوني وديموقراطي عريق. سقوط الثنائية الحزبية في فرنسا وفراغ مهام الوساطة، ليس مجرد حادثة عابرة، بل هي عبارة عن سقوط رأس جبل الجليد، فالأزمة أعمق من ذلك، بل لها طابع بنيوي لا يهم فرنسا فقط، بل كثيراً من الدول الغربية التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية، وفرض عليها وجود الاتحاد السوفياتي، قيام دولة الرعاية التي لم تقبلها أبدا الليبرالية المتوحشة، بل تعايشت معها على مضض إلى حين الإرهاصات الأولى لسقوط جدار برلين، لتظهر من جديد جشعها وعداءها للشعوب، خاصة مع الثنائي تاتشر وريغان.
التحولات المفصلية للمجتمعات المعاصرة حدثت عندما تحول العمل إلى مجرد وسيلة للعيش لا الحياة، وتحوّل الحكم من رؤية سياسية فكرية وتنظيمية تعكس مجموعة من القيم، مثل العدالة والإنصاف، وتتحقق بفضل سياسيين يمارسون السياسة بمفهومها النبيل، إلى مجرد تقنيات للتدبير والحكامة في حاجة إلى خبراء فقط، وعندما تحول الاقتصاد من كونه بحثاً عن الثروة وتوزيعها بعدالة، وتحقيق الشغل لكل من يطلبه، إلى مجرد فقاعة مالية بحاجة إلى مضاربين ومحاسبين وتكنوقراط، يقدمون أرقاماً للنمو والدخل لا علاقة لها بالواقع المعيش للإنسان، وعندما تحولت المطارحات الفكرية والبرامج الانتخابية من تعبير عن منظومة ورؤية للمجتمع والدولة، إلى مجرد "ماركوتينغ" لا فرق عند القائمين عليه بين مسحوق التصبين ومرشح لرئاسة الجمهورية، فالجمهور يخاطب من خلال الصورة و"القصة" الخبرية، وأساساً من خلال غرائزه وفي صلبها الخوف، الخوف من المهاجرين واللاجئين، الخوف من أقصى اليمين، الخوف من الإرهاب والتطرف، وذلك مثل ما حدث في معظم الانتخابات التي عرفتها أوروبا في السنوات الأخيرة، هذا الخوف تصنعه وتصنع أسبابه الآلة نفسها، التي تمثل "الدولة العميقة" بعيداً من شكليات الديموقراطية والتي تتكون من كارتيلات السلاح والدواء والغذاء والنفط والإعلام وغيرها.
ما عرفته شوارع باريس مع حركة القمصان الصفر، وقبلها حركات مماثلة في إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من البلدان الغربية، قد لا يكون سوى مجرد إرهاصات أولية لصياغة جواب تاريخي على وحشية الرأسمالية المالية، صحيح ليس هناك اليوم مثقف من حجم "سارتر" بمرافعاته التي يذكرها التاريخ في حوادث ماي 1968، لكن هناك مثقفين ما زالوا يقاومون من أجل استقلاليتهم في مواجهة "الدولة العميقة" وأدواتها من أجل تفكيك تعقيدات الواقع المعيش في زمن الشبكات، فجزء من أزمة المثقف اليوم ناتجة في أحد أبعادها من عدم قدرته على فك الاختلاط الحاصل بين ما هو واقعي وما هو افتراضي في الواقع المعيش الذي يتحول بسرعة كبيرة. يعتبر "إيمانويل كستلز" أحد الذين حاولوا تفكيك بنيات المجتمعات الشبكية في "عصر المعلومات"، والذي يشكل عنوان كتاب له من ثلاثة أجزاء تناول فيه مجتمع الشبكات، قوة الهوية، والجيوسياسة العالمية من خلال بحث في الفاعلين الجدد.. ميزة المجتمع الشبكي عند "كستلز" هو قدرته على الانفلات من الضبط والتوجيه وتجاوز الزمان والمكان، فالشبكة هي البنية الاجتماعية للعصر الشبكي، ما مكّن الحركات الاجتماعية اليوم من أن تتجاوز حصارها إعلامياً، وتنجح في فرض روايتها في مقابل الرواية الرسمية.
أزمة المثقف اليوم هي أيضاً نتيجة طبيعية لغياب السرديات الكبرى التي كانت تمثل النظريات الإنسانية لمسيرة التاريخ، وسعت إلى تقديم أجوبة عن كثير من القضايا التي تهم الإنسانية في السياسة والثقافة والاقتصاد وبنيات المجتمع، هذا الغياب أشار لخطابات النهايات: "نهاية الديموقراطية" ،"نهاية الأيديولوجية"، "نهاية السياسة"، "نهاية العمل"، "نهاية التاريخ"، "نهاية الدولة"… حركة القمصان الصفراء وقبلها حركة "black bloc"، و"احتلوا وولستريت"، هي غضب حارق على وحشية العولمة وسلطة المال وخطاب النهايات الذي عزز شمولية السلطة في زمن الجائحة، فهل تستطيع الشعوب مواجهة النزعة الشمولية في السلطة؟ أم أن الانحراف نحو اليمين سيكمل دورته ويدخل العالم في فوضى لا تنتهي…؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.