الملك يعفو على 681 شخصا بمناسبة عيد المولد النبوي        جلالة الملك يعزي الرئيس البرتغالي في ضحايا حادث القطار السياحي    آلاف المشيعين يودعون أحمد الزفزافي والد قائد حراك الريف    أمير المؤمنين يترأس بمسجد حسان بالرباط حفلا دينيا إحياء لليلة المولد النبوي الشريف    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض    ارتفاع طفيف في كمية مفرغات الصيد البحري بميناء طنجة    المغرب يجدد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة وفتح المعابر الإنسانية    افتتاح أبواب ملعب مولاي عبد الله على الساعة الرابعة لاستقبال مباراة المغرب والنيجر    المغرب يسعى للحفاظ على سجله الخالي من الهزائم أمام النيجر    قانون جديد يمنح ضحايا حوادث السير تعويضات أكبر وفئات أوسع    هل يطوى ملف معتقلي الريف بعد جنازة الزفزافي الأب؟    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    إيطاليا تعتقل مغربيا ملاحقا بتهم تهريب مهاجرين    وزارة الأوقاف تعلن مواعيد استخراج مصاريف الحج للمسجلين في لائحة الانتظار    مجلس الحكومة تتداول النسخ التصويري    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يدشن ملعب "مولاي عبد الله" بالرباط    مغربي ضمن 11 مصابا أجنبيا في حادث القطار السياحي بلشبونة البرتغالية    لفتيت يعقد جلسات استماع لقادة الأحزاب حول مذكراتها لإصلاح القوانين الانتخابية    الحكومة تصادق على إدراج المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي في مؤسسات التعليم العالي    الصناعة التحويلية: أرباب المقاولات يتوقعون ارتفاع الإنتاج خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية التخطيط)    التفكير النقدي في الفلسفة كأداة للابتكار والتطوير المستمر    غاستون باشلار: لهيب شمعة    بوريطة يجري مباحثات مع وزير الخارجية المصرى على هامش مجلس الجامعة العربية    الدخول المدرسي.. عودة التلاميذ إلى المدارس تعيد الزخم للمكتبات    نقابة موظفي التعليم العالي تندد ب"خروقات" خلال الإضراب الوطني وتعلن عن خطوات احتجاجية جديدة    الزفزافي يغادر السجن مؤقتًا لتشييع والده    صيادلة المغرب يحتجون على "اختناق القطاع" وسط جدل أسعار الأدوية المرتفعة    الفيفا تطلق المرحلة الأولى من بيع تذاكر مونديال 2026    الإصابة تبعد أشرف داري عن معسكر الأسود    ريال بيتيس يضم سفيان أمرابط على سبيل الإعارة    سنتان ونصف حبسا نافذا لمتهمة بالإساءة للذات الإلهية            الصين ترد على واشنطن: مكافحة المخدرات أولوية وطنية ولسنا مصدر الفوضى العالمية    لحماية الأطفال .. "روبلكس" تعطل ميزة المحادثات في الإمارات    مجزرة جديدة إثر قصف خيام نازحين    إلزام شركة "غوغل" بدفع 425 مليون دولار لتعويض مستخدميها عن جمع بياناتهم    دراسة: ثلاثة أرباع واد سبو في سيدي علال التازي تُصنف ضمن "التلوث المرتفع جدا"    المنتخب البرتغالي مرشح لمواجهة المكسيك في إعادة افتتاح ملعب "أزتيكا" (وسائل إعلام مكسيكية)    29 قتيلا في غرق قارب بنيجيريا    الذهب يستقر قرب أعلى مستوياته وسط توقعات خفض الفائدة الأمريكية    الاستثمار الدولي... وضع صاف مدين ب 693,1 مليار درهم في 2024    استعدادات تنظيم النسخة الرابعة من الملتقى الجهوي للمقاولة بالحسيمة    "ميتا" تطلق إصدارا جديدا من "إنستغرام" لأجهزة "آيباد"    "آبل" تتيح نموذجي ذكاء اصطناعي مجانا    ذكرى المولد النبوي .. نور محمد صلى الله عليه وسلم يُنير طريق الأمة في زمن العتمة            دولة أوروبية تحظر بيع مشروبات الطاقة للأطفال دون 16 عاما    هدية غير متوقعة من عابر سبيل    دراسة تكشف أهمية لقاح فيروس الجهاز التنفسي المخلوي لكبار السن    شرب كمية كافية من السوائل يساعد على تخفيف التوتر    أمينوكس سعيد بالحفاوة الجماهيرية في مهرجان السويسي بالرباط    وجبات خفيفة بعد الرياضة تعزز تعافي العضلات.. الخيارات البسيطة أكثر فعالية    الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر    ليالي العام الهجري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المثقّف ونقد السّلطة في المجتمعات المعاصرة
نشر في هوية بريس يوم 29 - 10 - 2021

يعيش المشهد الحزبي في فرنسا على وقع حملة رئاسية صاخبة، وهي سمة الحياة السياسة في فرنسا خاصة بعد وصول الرئيس ماكرون إلى قصر الإليزيه الذي صنع على عجل على طريقة "Fastfood" بعجينة تجمع بين اليسار واليمين، فجرت أزمة عميقة بدأت تأخذ أبعاداً بنيوية في دولة ترقد على تراث حزبي وسياسي وأيديولوجي وقانوني وديموقراطي عريق. سقوط الثنائية الحزبية في فرنسا وفراغ مهام الوساطة، ليس مجرد حادثة عابرة، بل هي عبارة عن سقوط رأس جبل الجليد، فالأزمة أعمق من ذلك، بل لها طابع بنيوي لا يهم فرنسا فقط، بل كثيراً من الدول الغربية التي خرجت منتصرة في الحرب العالمية الثانية، وفرض عليها وجود الاتحاد السوفياتي، قيام دولة الرعاية التي لم تقبلها أبدا الليبرالية المتوحشة، بل تعايشت معها على مضض إلى حين الإرهاصات الأولى لسقوط جدار برلين، لتظهر من جديد جشعها وعداءها للشعوب، خاصة مع الثنائي تاتشر وريغان.
التحولات المفصلية للمجتمعات المعاصرة حدثت عندما تحول العمل إلى مجرد وسيلة للعيش لا الحياة، وتحوّل الحكم من رؤية سياسية فكرية وتنظيمية تعكس مجموعة من القيم، مثل العدالة والإنصاف، وتتحقق بفضل سياسيين يمارسون السياسة بمفهومها النبيل، إلى مجرد تقنيات للتدبير والحكامة في حاجة إلى خبراء فقط، وعندما تحول الاقتصاد من كونه بحثاً عن الثروة وتوزيعها بعدالة، وتحقيق الشغل لكل من يطلبه، إلى مجرد فقاعة مالية بحاجة إلى مضاربين ومحاسبين وتكنوقراط، يقدمون أرقاماً للنمو والدخل لا علاقة لها بالواقع المعيش للإنسان، وعندما تحولت المطارحات الفكرية والبرامج الانتخابية من تعبير عن منظومة ورؤية للمجتمع والدولة، إلى مجرد "ماركوتينغ" لا فرق عند القائمين عليه بين مسحوق التصبين ومرشح لرئاسة الجمهورية، فالجمهور يخاطب من خلال الصورة و"القصة" الخبرية، وأساساً من خلال غرائزه وفي صلبها الخوف، الخوف من المهاجرين واللاجئين، الخوف من أقصى اليمين، الخوف من الإرهاب والتطرف، وذلك مثل ما حدث في معظم الانتخابات التي عرفتها أوروبا في السنوات الأخيرة، هذا الخوف تصنعه وتصنع أسبابه الآلة نفسها، التي تمثل "الدولة العميقة" بعيداً من شكليات الديموقراطية والتي تتكون من كارتيلات السلاح والدواء والغذاء والنفط والإعلام وغيرها.
ما عرفته شوارع باريس مع حركة القمصان الصفر، وقبلها حركات مماثلة في إسبانيا والولايات المتحدة الأميركية وغيرها من البلدان الغربية، قد لا يكون سوى مجرد إرهاصات أولية لصياغة جواب تاريخي على وحشية الرأسمالية المالية، صحيح ليس هناك اليوم مثقف من حجم "سارتر" بمرافعاته التي يذكرها التاريخ في حوادث ماي 1968، لكن هناك مثقفين ما زالوا يقاومون من أجل استقلاليتهم في مواجهة "الدولة العميقة" وأدواتها من أجل تفكيك تعقيدات الواقع المعيش في زمن الشبكات، فجزء من أزمة المثقف اليوم ناتجة في أحد أبعادها من عدم قدرته على فك الاختلاط الحاصل بين ما هو واقعي وما هو افتراضي في الواقع المعيش الذي يتحول بسرعة كبيرة. يعتبر "إيمانويل كستلز" أحد الذين حاولوا تفكيك بنيات المجتمعات الشبكية في "عصر المعلومات"، والذي يشكل عنوان كتاب له من ثلاثة أجزاء تناول فيه مجتمع الشبكات، قوة الهوية، والجيوسياسة العالمية من خلال بحث في الفاعلين الجدد.. ميزة المجتمع الشبكي عند "كستلز" هو قدرته على الانفلات من الضبط والتوجيه وتجاوز الزمان والمكان، فالشبكة هي البنية الاجتماعية للعصر الشبكي، ما مكّن الحركات الاجتماعية اليوم من أن تتجاوز حصارها إعلامياً، وتنجح في فرض روايتها في مقابل الرواية الرسمية.
أزمة المثقف اليوم هي أيضاً نتيجة طبيعية لغياب السرديات الكبرى التي كانت تمثل النظريات الإنسانية لمسيرة التاريخ، وسعت إلى تقديم أجوبة عن كثير من القضايا التي تهم الإنسانية في السياسة والثقافة والاقتصاد وبنيات المجتمع، هذا الغياب أشار لخطابات النهايات: "نهاية الديموقراطية" ،"نهاية الأيديولوجية"، "نهاية السياسة"، "نهاية العمل"، "نهاية التاريخ"، "نهاية الدولة"… حركة القمصان الصفراء وقبلها حركة "black bloc"، و"احتلوا وولستريت"، هي غضب حارق على وحشية العولمة وسلطة المال وخطاب النهايات الذي عزز شمولية السلطة في زمن الجائحة، فهل تستطيع الشعوب مواجهة النزعة الشمولية في السلطة؟ أم أن الانحراف نحو اليمين سيكمل دورته ويدخل العالم في فوضى لا تنتهي…؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.