كريم التازي في مسيرة 20 فبراير بمراكش هاجم رجل الأعمال كريم التازي في رسالة مفتوحة إلى وزير الرياضة الشباب منصف بلخياط ، توصلت " أخبار بلادي" بنسخة منها، في رد حول ما أتى به الوزير من اتهامات ضد التازي في موقع ( تويتر)، مؤكدا أن كل ما قيل في حقه من اتهامات وتشهير هو بسبب انتمائه لحركة 20 فبراير. رسالة مفتوحة إلى السيد وزير تشويه سمعة الشباب وتسليع الرياضة السيد الوزير، في رسالة جديدة ب"تويتر"، اتهمتموني ب"استغلال احتكار مزدوج في مجال الأفرشة"، وب"التزوير في مجال قنينات جافيل». وهي الجريمة التي قد تكون ارتكبها فرع من مجموعتي التجارية، شركة «سيميك»، في حق أحد مشغليكم السابقين، وتقولون إنكم تتوفرون على «الحجج الاتهامية والأدلة التجريمية». وقد أنهيتم رسالتكم بإعادة التأكيد على كراهيتكم وتأففكم من أولئك الذين، كما هو الأمر بالنسبة لي، «يبصقون في الحساء»، لكن بدون أن تجشموا نفسكم عناء تفسير طبيعة هذا «الحساء» الذي تتحدثون عنه. لنخمّنْ إذن! إنّ هذا الحساء هو الذي تغذّى منه وسمُنَ به، خلال ما يربو عن الأربعين سنة، قسم من بورجوازية المال المغربية، تحت الرعاية الأمومية للدولة، والتي تتجلى مقوماتها بصفة عامّة في المغارف الضخمة للرخص، ولترات لا تعد ولا تحصى من أسواق الدولة، وعدة معالق من الحماية الجمركية، وكميات هامة من الممتلكات العمومية المجانية. ولكي نعطي نكهة أكثر لهذا الطبق، نضيف قبضات كبيرة من الجنح والمخالفات التي تفلت من العقاب. هل يمكنني أن أضيف إليها كميات هامة من التساهل الضريبي؟ لنَرَ ما إذا كان الحساء، الذي تغذت منه عائلتنا منذ خمسين سنة، والذي يمكن أنْ أكون قد بصقتُ فيه بجحود كبير، ينطوي على بعض من هذه المقوّمات. ولنبدأ بالرخص وغيرها من أشكال الريع العقاري الممنوحة، ولنؤكد بأنها لم تكن يوما ما جزءا من نظامنا الغذائي، والشيء نفسه يقال عن أسواق الدولة. فنحن لم يسبق لنا استغلال أي رخصة تمنحها الدولة، ولم نستثمر في أي قطاع يخضع للضبط، أو لا يسمح بالدخول إليه سوى وفق ضوابط معلومة. إن زبوننا الرئيسي هو الأثاث المنزلي الذي له أقلّ من خمسين سنة، ويُدِرّ أرباحا متوسطة أو متواضعة. وفرضنا على أنفسنا كذلك نظام حمية صارم، أما فيما يخص الممتلكات العقارية المجانية أو ذات الأثمنة الزهيدة. فلم يسبق لنا أنْ طلبنا ذلك، ولا هم منحونا إياه أبدا. بقيت الحماية الجمركية. وهنا سوف أكون غير صادق إذا زعمتُ بأننا لم نستفد منها. لكن، ليس هناك ما هو استثنائي خاص بنا في هذه الاستفادة! كل ما هنالك هو النظام العام المتّبع والمعمول به مع الجميع! غير أنه بسعرات حرارية أكبر، ينبغي الاعتراف بذلك! فكيف عملت هذه السنوات الخمس والعشرين من السكر وفيتامين «س» الجمركية على إغنائنا الفاحش؟ لقد ساهمت في جعلنا نحافظ على مجموعة صناعية ما تزال إلى اليوم قائمة وقويّة بعد مرور خمسين سنة على إنشائها، وبعد عشر سنوات على اتباع سياسة التحرير والاستيراد التي ألغتْ هذه الحماية. وماذا عن البورصة؟ هنا كذلك لنْ أكون صادقا إذا أنكرتُ بأننا لم نحقق بعضا من القيم الفائضة الملموسة، التي تفوق بشكل كبير حتى الأرباح التي تحققها الصناعة. غير أنه من السهولة بمكان التحقق من كوْن أيّ واحدة من معاملاتنا في البورصة لم ترتبط بالأسماء والمؤسسات التي كانت موضع مخالفات قانونية أو متابعات، وأن فائض القيمة الذي كنا نحقّقه كانَ «يُنظّف» بالضريبة المفروضة والتي يتم اقتطاعها من المنبع. هذا ما يتعلق بالحساء. لننتقل الآن إلى البَصْق. وهو يرتبط، كما أتصوّر، بمشاركتي في حركة 20 فبراير، كما يرتبط بنشر بعض المقالات على أعمدة الصحافة المغربية! لكن ماذا قذفْتُ بالضبط؟ قلت إن حركة الإصلاحات، التي زرعت موجة أمل كبيرة وحماس، في بداية فترة حكم محمد السادس، بدأت تخبو؛ وإن هذا الأمل الذي خبا أصبح ينطوي على أضرار جسيمة، وإنه من المستعجل إعادة تحريك دينامية الإصلاح. ولتعلَموا السيد الوزير بأنني فخور لكوني ساندت بكل تواضع حركة أصيلة وشعبية هي التي يعود إليها الفضل في بعث الروح في الدينامية الإصلاحية لبلادنا. وهي حركة ينشطها ويساهم فيها شباب اتهمتهم ب»خدمة مصالح البوليساريو»، قبل أن يصل الأمر إلى حدّ دعوتهم، بكل وقاحة، إلى الالتحاق بصفوف حزبكم. كما أنني دافعتُ عن قيام ملكية برلمانية. وفي هذا الشأن، اعلموا السيد الوزير أنني قمت بذلك انطلاقا من معطيات موضوعية وواقعية. الجميع يعلم بأنني، بصفتي رجل أعمال عَمَليّ وحريص أشد ما يكون الحرص على الفعّالية، كنتُ دائما من أنصار مفهوم «الملكية التنفيذية»، حين أُسْنِد أمْر تنفيذها إلى كبار رجالات الدولة الذين يتصفون بالنزاهة والفعالية. السيد الوزير، إن الصعود القويّ لأشخاص من طينتك هم الذين جعلوا التجربة تفقد مصداقيتها، وبالتالي دفعوا الكثير من المستائين إلى وضع أملهم في المنهجية القديمة، طويلة الأمد والمحفوفة بالكثير من المزالق، المتمثلة في الدعوة إلى «برلمانية برلمانية». وينبغي أنْ تسجّلوا بأنه في كل هذا لمْ يتمّ الحديث ولو مرّة واحدة عن قيام جمهورية أو خلافة. وكما هو الشأن بالنسبة لكم، لكن بوتيرة أقل، فإنه يحصل أن أدخل وأشارك في مختلف المواقع الإلكترونية الاجتماعية، ومن السهولة التأكد، برجوعك إلى صفحتي على «الفيسْ بوك» منذ منتصف شهر مارس، بأنني من الأوائل الذين عبّروا عن خوفهم من التنامي المتزايد لمخاطر الانزلاق نحو التطرف اليميني أو اليساري. وأنتم تتحدثون عن «البصق»؟ من جهتي، أفضّل الحديث بالأحرى عن «غياب النفاق». وأنتم تعلمون بأنني لم أعبّر في كل المقالات التي كتبتها إلا عمّا يقال خلسة وهمسا داخل الصالونات نفسها التي ترتادونها أنتم وأصدقاؤكم، خلال الشهور الأخيرة، من أجل محاكمتي. لنوقف السخرية هنا. ولنتحدث عن الوقائع، بالنسبة لأولئك الذين يحتاجون إلى التذكير، لأن الكثير من الأمور قيلت من أجل التشهير بي، منذ أن اقترفت هذه الجريمة التي لا تغتفر، وهي المشاركة في حركة 20 فبراير. _ الواقعة الأولى التي يمكن التأكد منها: في الوقت الذي كان يهرب فيه معظم المستثمرين الوطنيين من الصناعة من أجل العمل في مجال المضاربات العقارية والاستيراد، بقيت عائلتي ملتصقة بمعاملها لدرجة أن البعض وجه أصابع الاتهام إليها بالبلاهة في هذه السنوات المجنونة والتي غلبت عليها الفقاعات العقارية المالية. _ الواقعة الثانية التي يمكن التأكد منها: فبسبب التحرير الجمْركي، كان ينبغي أنْ نغلق العديد من الوحدات الصناعية التي يشتغل فيها ما يربو على الخمسمائة شخص، غير أننا لم نسرّح عاملا واحدا، وبالتالي حافظنا على جميع المناصب، وحوّلنا الاستثمار بشكل كبير في وحدات صناعية جديدة جد حديثة، ويتعلق الأمر بصورة خاصة بميادين الأثواب والأسرّة والأثاث. _ الواقعة الثالثة التي يمكن التأكّد منها: ففي الوقت الذي عمل فيه الكثيرون، فيما تبقّّى من الصناعة المغربية، على الحفاظ على منافستهم، إمّا بعدم التصريح بكل العاملين، أو بالتصريح بالبعض منهم فقط، وإما بالأكل من الحد الأدنى للأجور أو من التحمّلات الاجتماعية، فقد حافظنا نحن بالنسبة لمجموع عمّالنا على راتب شهري أدناه يفوق بنسبة 5 في المائة الحدّ الأدنى للأجور، إضافة إلى التأمين عن المرض والتقاعد، فضلا عن تنظيم مخيمات صيفية ودروس للدعم لفائدة أبنائهم. الواقعة الرابعة التي يمكن التأكد منها: في الوقت الذي بقي فيه الكثيرون متفرجين وضحايا تدهور التكوين المهني العمومي، بادرنا نحن إلى استثمار أكثر من خمسة عشر مليون درهم من أجل إنشاء أكاديمية خاصة تشتمل على مدرسة للبيع، ومدرسة لتدبير المخازن، ومدرسة للصيانة. الواقعة الخامسة التي يمكن التأكد منها: في الوقت الذي نعيش فيه في بلاد تقدّم فيها معظم المقاولات، سنة عن سنة، بيانات كلها عجز إلى المصالح الضريبية، لم تعلن أيّ شركة من شركاتنا وجود عجز ما، وخصوصا خلال السنوات العشر المنصرمة التي اتسمت بإعادة التأهيل الصعب لكل الصناعة المغربية. الواقعة السادسة التي يمكن التأكّد منها: لقد اتهمت مجموعتنا الصناعية بكونها تشتغل وفق منطق المنطقة الخالية من الضرائب، وبكونها لم تسدد تقريبا ما بذمتها من ضرائب للدولة. وعلى سبيل التوضيح، لا بدّ من الإشارة إلى أنه خلال العشر سنوات الأخيرة، كنا من بين المجموعات العائلية القليلة التي تجاوزت مليار درهم فيما يخص الضريبة على القيمة المُضافة. الواقعة السابعة التي يمكن التأكد منها: الاحتكار المزدوج الذي تتحدثون عنه بنبرة قطعية انتشر في بداية الألفية الثالثة. واليوم تحتوي السوق المغربية على 52 صانعا للأسرة، و12 صانعا للإسفنج، وهناك متدخلون آخرون يشغلون نسبة 51 في المائة من السوق. الواقعة الثامنة التي يمكن التحقق منها: في الوقت الذي ترتاح فيه الكثير من المقاولات فيما يتعلق بالمنتوجات المستوردة، مع ما يصاحب ذلك من نتائج معروفة على صعيد الميزان التجاري، ومخزوننا من العملة الصعبة، فإن مجموعتنا لم تتوقف يوما عن النضال من أجل تصدير منتوجات رفيعة الجودة بعلامة «صنع بالمغرب»، وهي المنتوجات التي صارت بمثابة سفيرة لفنّ العيْش المغربي في الأسواق الخارجية. الواقعة التاسعة التي يمكن التحقق منها: خلال العشر سنوات نفسها، قامت مجموعتنا بتمويل ومصاحبة مئات المبادرات والمشاريع الجمعوية ذات الطابع الثقافي والاجتماعي أو الخيْري، بغلاف مالي يشتمل على ملايين الدراهم سنويّا. وأخيرا، فإنكم تتهموننا بالتزوير. لكنكم نسيتم عن قصد أن تذكروا بأننا لم نكن مسؤولين سوى عن صنع القارورات الفارغة للماء وجافيل، وهو عمل صغير لا قيمة له بالنسبة لمجموعتنا. إن المشكل الخطير الذي يثيره اتهامكم هو أنه ينتمي إلى الخطابات التي تعتبر كل شيء في هذه البلاد «فاسدا ومتسخا»، الخطابات التي تزعم بأنه لا يوجد شخص نظيف وذو مصداقية، على الأقل في صفوف «النخبة». وبالتالي لا ينبغي لأحد أن يحتج حين يتم الاستهزاء والاستخفاف بقضايا الدولة والجماعات المحلية. فهل تحملني هذه الوقائع على أن أعتبر نفسي نموذجا مثاليا للفضيلة، ومرجعا أخلاقيا؟ كلاّ بكل تأكيد. فقد ارتكبتُ من جهتي أخطاء اقتصادية وسياسية. لكن اسمحوا لي بالقول إنني أستغرب من أنّ شخصي المتواضع، والمجموعة الاقتصادية التي أشتغل بها إلى جانب والدي وأخي، باتت موضوعا لخطابات بعض المتعصبين خلال بضعة أشهر من التوترات السياسية. وانتقلت من وضعية «مقاول ملتزم» ووضعية «مقاولات مواطنة» إلى وضعية «مَنْ يعطي الدروس ويبصق في الحساء»، و»المقاولة الغامضة». من حسن الحظ أن الربيع لا يستغرق سوى فصل واحد، وإلاّ لأصبحتُ بسرعة العدوّ العمومي رقم واحد. ومن بين الأشخاص الذين يخوضون حملة التشويه الواسعة هذه هناك رجل أعمال لنْ أذكر اسمه هنا. لأنه سرعان ما ستعرفون اسمه بسهولة لو أخبرتكم بأن اسمه مرتبط بإنشاء شبكة ماتت في المهد تتعلق بالمواد الغذائية، والتي كلفت حياتها العابرة ثروة بكاملها للمساهم الرئيسي فيها، وخيّبت آمال معظم الشركاء الصغار الذين وضعوا ثقتهم فيه، والذي يقال بأنه من الممكن أن يكون قد راكم نشاطا متعلقا بتوزيع السجائر، مع وظائف حكومية تتعلق بالرياضة. إن خطاب «الحساء» و»البصق» الذي ترددونه أنتم وأصدقاؤكم هو بكل بساطة خطاب تافه غبي، فضلا عن كونه خطيرا على عدة مستويات. فهو خطاب غبيّ لأنه يوحي بأن الثروات التي أقامها الأشخاص في هذه البلاد لم يتم تكوينها بصدق وإخلاص وشفافية وبعرق الجبين. خطاب يعتبر الجميع متسخا، وبأنهم مدينون في ثرواتهم للدولة. وبالتالي فإن المقابل هو الاتفاق الأعمى أو الصمت. وهو تافه لأن طرق المنح التي ذكرتها سابقا كمقومات للحساء كلها مشكوك فيها. وبالتالي لا يمكن للدولة أن تلجأ إليها من أجل فرض الاعتراف والامتنان. وهو خطاب خطير لأنه إذا كانت كل الثروات ممنوحة، فإن الذين لم يستفيدوا من توزيعها سوف يطالبون بتوضيح أسباب إقصائهم من الوليمة، وبالتالي لا بد من الحصول على نصيبهم منها. وهو خطاب خطير لأن هذه الممارسات المرتبطة بالمحاكمات وكيْل الاتهامات والتحريض على الكراهية قد ساهمت في زرع ونشر مناخ الحقد والإيذاء الذي نعيشه اليوم. وهو المناخ الذي يجعل الجميع يسكت ولا يحرّك ساكنا. كل هذا مؤسف للغاية ولا يخدم مصالح بلادنا، لأن الواقع غير هذا. فإذا كانت العديد من المقاولات الاقتصادية قد تكوّنت في ظروف مشبوهة، فإن هناك مقاولات تشكلت في ظروف عادية وشفافة وذات مصداقية. ومن الأفضال التي قام بها النظام في المغرب هو توفير جو المنافسة الحرة بين المؤسسات الاقتصادية، والسماح للأفضل بالتعبير عن نفسه.