قدم مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، مساء الجمعة 31 ماي 2019 بأحد فنادق المدينة، تقريره السنوي الذي بلغ محطته السابعة برسم سنة 2018، حول تطور الوضع البيئي وحالة المآثر التاريخية بعروس الشمال، كما تضمن تقييما للسياسات المتعلقة بالبيئة. وفي كلمة افتتاحية، قال عبد العزيز الجناتي رئيس المرصد، إن هذا العمل راكم كثيرا سواء على مستوى توثيق سلوك الفاعلين والمؤسسات ذات الارتباط بالشأن البيئي، أو على مستوى مساءلة مستوى التجاوب مع الاقتراحات والأفكار التي يقدمها هذا التقرير . وأضاف أمام حشد من الإعلاميين والمهتمين بالمجال البيئي، أن هذه الوثيقة هي وثيقة للذاكرة من خلال تسليطها الضوء على سلوك الفاعلين، وهذا دافع أساسي لمحاولة إحاطة مختلف السلوكات بالقوة الازمة وتمكينها من الحمائية، على اعتبار أن مختلف المحميين بالعملية سيجدون سلوكهم سواء كان ايجابيا أو سلبيا موثقا ومحفوظا للأجيال القادمة. تقييم السياسات البيئية واعتبرت ديباجة التقرير الذي جاء في حوالي 100 صفحة، أنه يمثل خلاصة أشغال المرصد فيما يتصل بالرصد والتتبع المرتبط بالقضايا البيئية والأثرية لمدينة طنجة، كما يعد محطة أساسية لتقييم السياسات ذات الصلة، ورصد مكامن القوة والضعف في تنفيذ مختلف المشاريع التي لها أثر على هذين المجالين. في ذات السياق، قال المرصد إنه يرمي من خلال هذا التقرير، إلى تقديم قراءة تركيبية في مجمل ما ينشر من تقارير رسمية وبحثية وعلمية حول البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، كما أن الوثيقة تهدف إلى تقديم صورة وافية وواضحة حول أهم محطات السنة بهذا الخصوص. وعبر المرصد، عن اعتزازه كون تقاريره السنوية غدت مرجعا معتمدا لصناع القرار وللطلبة الباحثين ولعموم المهتمين، مسجلا افتخاره بالتحاق ثلة من الخبراء بفريق العمل وهو ما أعطى نقلة فيما يخص انجاز التقرير السنوي . إجهاز على مناطق خضراء وفي تتبعه لحال المساحات الخضراء بمدينة طنجة، لاحظ التقرير عمليات للإجهاز على بعض المساحات والفضاءات التي زينت المجالات المحتضنة لها، مشيرا إلى أنه تم تسييج منطقة خضراء قريبة من الملعب الكبير وذلك من أجل إقامة مشروع عقاري، رجح التقرير أن تكون فندقا تابعا لإحدى المؤسسات التابعة للدولة. وأشار التقرير إلى أن المرصد راسل العديد من الجهات، لكنه يواجه بالآذان الصماء، خاصة وأن أغلب المشاريع المماثلة لا يتم تثبيت لوحات تشير إلى طبيعة المشروع، أو مدة إنجازه أو الشركات و المهندسين المختصين، ولا حتى مراجع التراخيص. وسجل التقرير بغرابة، تسييج حدائق المندوبية ذات الطابع التاريخي، والتي تحتضن أشجارا معمرة لمئات السنين، مشيرا إلى أنه تم الإعلان عن مشروع إنجاز مرآب تحت أرضي، الذي يدخل في إطار مشروع طنجة الكبرى، رغم أن الوثائق المتعلقة بالمشروع تشير إلى أن المكان الذي حدد لاحتضان المرآب هو ساحة 9 أبريل وليس حدائق المندوبية. بناء العشوائي على حساب الغابات وفي هذا الصدد، سجل التقرير استفحال ظاهرة البناء العشوائي والمرخص على حساب الغابات، خاصة داخل الغابة الديبلوماسية، وغابة الرهراه، غابة الهرارش، والنوينوينش، وغابة الغندوي، داعيا إلى محاربتها. وطالبت الوثيقة، بتحديد الملك الغابوي ونزع ملكية المناطق الغابوية، وتحفيظها لصالح المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر، كما طالبت بخلق غابات حضرية، كتعويض عن المساحات الكبيرة التي تم الإجهاز عليها، في محاولة اللحاق بالمعايير الدولية في هذا المضمار. وأكد التقرير على ضرورة الحفاظ على المنطقة الواقعة جنوب السلوقية، كمنطقة طبيعية وعدم تحويلها إلى منطقة التهيئة السياحية، وذلك للحفاظ على ممر الطيور المهاجرة بين أوربا وإفريقيا . أما على المستوى التشريعي، فقد طالب المرصد بالإسراع بإخراج المراسيم التطبيقية الواردة في القانون 22.07 المتعلق بالمناطق المحمية. قنبلة تهدد سلامة الساكنة اعتبر التقرير، أن الروائح المنبعثة من المطرح الحالي والأضرار الأخرى الناجمة عن تمدد العشوائي المستمر، بمثابة قنبلة صحية موقوتة تهدد سلامة ساكنة الأحياء المجاورة وعموم المدينة، مؤكدا على أن الإسراع في نقل المطرح الحالي وتحويله إلى منطقة خضراء ظل مطلبا أساسيا للمرصد، لكن دون الوقوع في حالة التسرع والتي تؤدي إلى إعادة انتاج نفس المشاكل بالمطرح الجديد. وأبرز التقرير، أن مشروع المطرح الجديد بشكله الحالي، لا يتسق مع التطلعات الوطنية في مجال البيئة، كما أنه لا يلبي احتياجات المواطنين على المدى المتوسط والبعيد، مشيرا إلى أن المقاربة التي تم اعتمادها لصياغة المشروع هي بعيدة عن المنطق التشاوري مع الساكنة. ودعا المرصد، إلى إعادة النظر في الإطار العام للمشروع، وذلك باستدراك الموضوع من خلال فتح المجال للساكنة للمشاركة، ولجميع مكونات المجتمع للمشاركة في تطوير الاستراتيجية . مغارة هرقل فتقد لمخطط واضح المعالم أما بخصوص مغارة هرقل الشهيرة، فقالت الوثيقة أنها تفتقد لمخطط واضح المعالم، لصيانة الموقع وتثمينه واستثمار مؤهلاته على الوجه الأمثل، رغم عملية تأهيل المغارة بمبادرة ملكية بتاريخ 16 أكتوبر 2016، الذي كلف 10 ملايين درهم، شملت تدعيم جدران المغارة، وإعادة تهيئة الفضاءات الخارجية، وبناء محلات تجارية، ومقاهي ومطاعم، وتحديث شبكة الإنارة. ودعا التقرير إلى معالجة بعض الإشكالات الطارئة، كمشكل غياب موقف للسيارات، كما أن جزء من المغارة يستغله غرباء بدون سند قانوني، مؤكدا على ضرورة وضع المغارة تحت الوصاية المباشرة لوزارة الثقافة، والقطع مع جميع الظواهر السلبية التي تشهدها. تجدر الإشارة إلى أن التقرير، سجل بخصوص معدل مؤشر الحكامة البيئية المحلية، أن المصالح الإدارية تبقى أفضل ترتيبا من المؤسسات المنتخبة، مع محافظة الولاية على ترتيبها المتدني بخصوص امتثالها لمعايير الحكامة الجيدة. يشار إلى أن اللقاء عرف غياب محمد البشير العبدلاوي عمدة طنجة الذي دأب على الحضور كل سنة، مقابل حضور إلياس العماري رئيس مجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة الذي نوه بعمل مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة، معبرا عن الانخراط القوي لمجلس جهة طنجةتطوانالحسيمة في المجهودات المبذولة لحماية البيئة والمآثر التاريخية بتراب الجهة، في إطار العمل التشاركي مع بقية المتدخلين. وتميز لقاء هذه السنة بالتفاتة إنسانية، حيث تم تقديم تذكار رمزي لأسرة المرحوم عضو المرصد مصطفى بن إدريس ، نظير ما قدمه للمرصد وللفعل الجمعوي بمدينة طنجة، وذلك أمام جمع من المنتخبين و ممثلي المصالح الخارجية وممثلي الهيئات السياسية و النقابية و الحقوقية والجمعوية و الأساتذة الجامعيين و الخبراء وثلة من ممثلي وسائل الاعلام المحلية والوطنية.