ب 27 نوفمبر, 2015 - 12:21:00 مع الصعوبة التي يواجهها الاسلام المؤسساتي في فرنسا في ترسيخ موقعه، يجد نفسه مضطرا للتعامل مع وجوه جديدة تمثل المسلمين وتتجسد بشخصيات فاعلة على الارض او جهات ذات حضور اعلامي، من الليبراليين الى السلفيين الجدد الناشطين على الانترنت مرورا بشباب قريبين من حركة الاخوان المسلمين. فالمجلس الفرنسي للديانة الاسلامية الذي انشئ في 2003 بمبادرة من السلطات العامة لم ينجح يوما في تجسيد "اسلام خاص بفرنسا" يسعى كثيرون الى بنائه بعد اعتداءات باريس التي اودت بحياة 130 شخصا في 13 نوفمبر. وهذا المجلس الذي يديره مولودون في الخارج, تقوضه خلافات بين دولهم الاصلية (الجزائر والمغرب وتركيا), ويواجه صعوبة في مخاطبة خمسة ملايين مسلم حسب تقديرات الحكومة, من مؤمنين او غير مؤمنين, وخصوصا الشبان المولودين في فرنسا. لكن اصواتا اخرى ظهرت في هذه البيئة السنية بمعظمها وهي بيئة تفتقر الى بنية هرمية لرجال دين او الى سلطة دينية واحدة, وتشجع تعدد الخطب. وقال هاويس سينيغر الاستاذ المحاضر في معهد الدراسات السياسية في ليون (وسط الشرق) لوكالة فرانس برس ان "المجال الاسلامي الوطني يهيمن عليه بشكل رئيسي نوعان من التيارات هما السلفيون الجدد والاخوان المسلمون الجدد". واضاف ان هذين التيارين يتمثلان "بمتشددين ان لم يكونوا اصوليين يبحثون عن اسلام مرتبط باسطورة الاصول او محافظين قريبين من الاخوان المسلمين" مشيرا الى انهم "يغتنمون الفراغ" في المرجعية المؤسساتية. ويقوم هؤلاء بالتعبئة من اجل نشر "الحلال" او ضد "التمييز" الذي يستهدف المسلمين وينشطون بصورة خاصة على الانترنت. ومن ابرز شخصيات هذه الكتلة العقائدية المدون "المتشدد" فاتح كيموش الذي سجل موقعه "الكنز" 14 مليون زيارة في 2014 او الشبان الناشطين في اطار جمعية مكافحة الاسلاموفوبيا في فرنسا. ويمكن لهؤلاء عند الحاجة دعم بعض "الدعاة عبر التلفزيون" الذين يتركز عملهم الاساسي على تقديم نصائح حياتية حول الحلال والحرام مثل امام بريست (غرب) السلفي رشيد ابو حذيفة احد نجوم الانترنت الذي يتابعه نحو 190 الف شخص على موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي. ودان هذا الامام الاعتداءات لكنه يواجه مشاكل بسبب تسجيل فيديو يعود الى 2014 ويظهر فيه وهو يشرح لاطفال ان الاستماع للموسيقى يمكن ان يدفع الله الى تحويل المستمع "اما الى خنزير او الى قرد". - ضيف مفضل لمحطات الاذاعة والتلفزيون وفي وسائل الاعلام العامة تهيمن شخصيات اقل تشددا مثل امام بوردو (جنوب غرب) طارق اوبرو المعروف بمواقفه المؤيدة لاسلام ليبرالي. ويدعو عميد مسجد ليون عز الدين قاسي الاقرب الى التيار "الاخواني" الى تأهيل ائمة "معروفين ويتقنون اللغة الفرنسية وكذلك استخدام شبكات التواصل الاجتماعي" حتى لا يتركوا كل الساحة "لمفتي التلفزيون وفتاوى الانترنت". اما محمد باجرافيل الامام الشاب في ضاحية باريس ايفري سور سين فهو ايضا بين الذين تتم مشاورتهم سعيا لاعادة تأسيس الفكر الاسلامي. وهو مقتنع بان "الوقت حان لدخول القرن الحادي والعشرين", بحسب العنوان الفرعي لكتابه الصادر حديثا "اسلام فرنسا العام الاول". وتحول عبد العلي مأمون الى ضيف مفضل لمحطات الاذاعة والتلفزيون. وهو يدعو الى انتخاب اعضاء المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية بالاقتراع العام وليس من قبل ناخبين كبار. وقال مأمون المعروف بصراحته "يجب التخلص من الخطاب الراديكالي انما كذلك من الخطاب القنصلي وهما في نظري مثل الطاعون والكوليرا". ويشدد اخرون على النهج العملي في ادارة القضايا الثقافية او قضايا المساجد او حتى الذبح الحلال. ومن هؤلاء محمد حنيش الامين العام لاتحاد جمعيات المسلمين في سين-سان-دوني الاتحاد المستقل الناشط على عدة جبهات. ولانها تعي ضعف المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية, انشأت الدولة الفرنسية في حزيران/يونيو "هيئة للحوار مع الاسلام" تجمع هذه الوجوه المستقلة الليبرالية وحتى المحافظة باستثناء السلفيين الجدد. وبعد اعتداءات باريس التي تبناها تنظيم الدولة الاسلامية دعا رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس "الاسلام" الى "النهوض" من اجل "قطع الطريق على اي تساهل" حيال التيار الجهادي والارهاب.