أكد الدكتور عبد الكبير حسيني الطبيب المغربي العائد قبل أيام من غزة أن الوضع الإنساني والصحي هناك كارثي ولا يمكن تصوره، ودعا إلى ضرورة تقديم كل أشكال الدعم والمساندة لأهل القطاع، معتبرا أن عدم إسناد الفلسطينيين في هذه الظروف وصمة عار. وقال حسيني الطبيب الاختصاصي في الإنعاش والتخدير، في حديثه لموقع "لكم" إن أهل غزة يعيشون المجاعة في ظل شح المواد الغذائية وقلة الماء وقلة النظافة، وما يؤدي إليه ذلك من تفشّ للأمراض، ونبه إلى أن الوضع كارثي ولا إنساني بكل المقاييس، وينبغي على الإنسان ألا يقف متفرجا على ما يحدث.
وأبرز حسيني أن الأوضاع الصحية بالقطاع فوق تصور أي إنسان، لأن جل المستشفيات الكبيرة والمجهزة تم تدميرها، بما في ذلك مستشفى الشفاء والمستشفى الأوروبي والمستشفى الإندونيسي، وأكثر المستشفيات خرجت عن الخدمة، وتحول الضغط أساسا إلى مستشفى واحد، هو مستشفى ناصر الذي يستقبل الحالات المعقدة، وقد باتت الطواقم الصحية منهكة بالكامل بسبب العمل المتواصل ليل نهار لكثرة الإصابات والحالات، في حين أن باقي المستشفيات، بما فيها المستشفيات الميدانية محدودة الإمكانيات ولا تستطيع استقبال الكثير من المصابين. ولفت الطبيب المغربي إلى أن أكثر ما أثر فيه خلال تجربته بالقطاع التي دامت أسبوعين، هو حجم الصبر والاحتساب لدى أهل غزة، إذ إن الشخص يفقد عددا كبيرا من أفراد أسرته وأحبائه، لكنه صابر رغم هول الفقد. واعتبر المتحدث أن الدعم والمساندة لأهل غزة لم يعد مسألة اختيارية، بل أصبح واجبا على كل العالم، كل بما أتيح له وحسب ما يستطيع، وتوقف على ما رصده في القطاع من حضور لأحرار من مختلف دول العالم لتقديم المساعدة الإنسانية، وأشاد أيضا بالدعم المعنوي لتحركات الشعوب في أمريكا وأوروبا ومختلف القارات التي تخرج في مسيرات احتجاجية على ما يقع، واعتبر أن كل ذي مروءة وحس إنساني لا يمكن إلا أن يتضامن ويتألم لما يقع في غزة. وأكد الطبيب المغربي أن التطبيع لا يخدم القضية بشكل عام، مستحضرا التعاطف الكبير للشعب المغربي مع القضية الفلسطينية، وقال "لا يمكن لأي إنسان له أخلاق وإنسانية ومروءة أن يرى مشاهد الإبادة والتجويع والحصار والقتل البطيء، ولا يتألم، ولا يدعم أهل غزة". حسيني الذي يعتبر سابع طبيب مغربي من التنسيقية المغربية "أطباء من أجل فلسطين" يدخل غزة، أكد استعداده للعودة إلى القطاع مرات أخرى إذا أتيحت الفرصة، موضحا أن الدافع للانتقال إلى القطاع رغم المخاطر هو مشاهد التقتيل والتدمير، خاصة في صفوف النساء والأطفال والشيوخ، والأعداد الهائلة من المرضى والمصابين، وصعوبة الوضع الطبي وحاجة الطواقم الصحية المنهكة للمساعدة. وقال إن الدافع أولا إنساني للمساعدة بالمستطاع، ثم إنه واجب شرعي. وخلص الاختصاصي في التخدير والإنعاش إلى التعبير عن أمله في أن تتوقف المأساة في غزة عاجلا، ودعا العالم وخاصة الدول الإسلامية إلى الاستفاقة من الغفلة والإحساس بمعاناة غزة، والعودة لجادة الصواب بالدفع في اتجاه إنهاء المأساة الإنسانية، وأكد أن هذه الدول، خاصة دول الجوار، ملزمة بالإسناد، وتخلفها عن ذلك هو وصمة عار.