نبهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى التصاعد المقلق لخطابات التحريض والتمييز والعنصرية، سواء على أساس العرق أو اللون أو الدين أو الانتماء الاجتماعي أو السياسي، وهو ما يشكل تهديدًا مباشرًا للسلم المجتمعي، وتقويضًا لقيم التعدد والعيش المشترك التي يشكل احترامها أساسًا لأي نظام ديمقراطي حقيقي. وسجلت العصبة، في بيان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة خطاب الكراهية بأسف وقلق، تنامي بعض أشكال الخطاب الإقصائي والتحريضي داخل الفضاء الرقمي، بل وأحيانًا داخل بعض المنابر الإعلامية، أو في خطابات بعض الفاعلين السياسيين، دون أن يُقابل ذلك برد فعل مسؤول من السلطات والمؤسسات المختصة، وهو ما قد يُفهم كنوع من التواطؤ السلبي أو غض الطرف، في لحظة سياسية واجتماعية تتطلب أعلى درجات الالتزام بثقافة حقوق الإنسان.
وأكدت العصبة الحقوقية أن حرية التعبير هي حق أساسي غير قابل للمصادرة أو التقييد التعسفي، مبرزة التمايز الواضح بين التعبير الحر والبنّاء، وبين الخطابات التي تُزرع فيها بذور الكراهية وتُحرّض على العنف أو التمييز ضد الأفراد والجماعات، وهي ظواهر تمس جوهر الكرامة الإنسانية، وتُناقض بشكل صارخ التزامات المغرب الدولية. ودعا البيان السلطات العمومية إلى تفعيل القانون بشكل متوازن ومسؤول، لمواجهة كل أشكال التحريض على الكراهية، بما ينسجم مع المعايير الدولية لحرية التعبير وحقوق الإنسان، وطالبت بإطلاق استراتيجية وطنية شاملة للتربية على التسامح وحقوق الإنسان، موجهة خاصة للفئات الناشئة داخل المدارس والجامعات، وعموم المجتمع عبر الإعلام العمومي. وشددت على ضرورة تحمل الأحزاب السياسية والمؤسسات الدينية والإعلامية لمسؤولياتها الأخلاقية والقانونية، في نبذ الكراهية، والتصدي لكل خطاب يحمل بذور الإقصاء أو التمييز أو التحريض، مع تأكيدها على ضرورة تقوية دور القضاء المستقل والمؤسسات الوطنية، وفي مقدمتها المجلس الوطني لحقوق الإنسان، في تتبع مظاهر خطاب الكراهية، وتوثيقها، والتوصية بإجراءات ناجعة لاحتوائها. وفي ذات الصدد، حثت العصبة شركات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي إلى احترام التزاماتها الدولية في ضبط المحتوى التحريضي، وفتح قنوات تعاون مؤسساتي مع الهيئات الحقوقية المغربية. وخلصت العصبة في بيانها إلى اعتبار مكافحة خطاب الكراهية أولوية وطنية وأخلاقية لا تحتمل التأجيل أو الانتقاء، داعية كل الفاعلين إلى الانخراط الواعي والمسؤول في حماية الفضاء العام من الانزلاقات التي قد تؤدي إلى تهديد السلم الأهلي، وتقويض ثقة المواطنين في القيم الدستورية والمؤسسات الديمقراطية.