قال ستيف بانون، المستشار الاستراتيجي السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب وأحد أبرز أصوات تيار اليمين القومي في الولاياتالمتحدة، إن قرار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران كان بمثابة محاولة لإنقاذ النظام الإسرائيلي من الانهيار العسكري والسياسي، بعد أن تورط في حرب تفوق قدراته على الاحتمال والمواجهة. بانون، الذي كان يتحدث خلال بودكاست "وار روم باتلغراوند"، اعتبر أن الاتفاق على وقف إطلاق النار لم يكن خيارا استراتيجيا بقدر ما كان ضرورة وجودية، فرضتها معطيات الواقع ومحدودية الموارد الإسرائيلية في مواجهة الرد الإيراني المكثف.
واعتبر بانون أن العملية العسكرية التي شنتها إسرائيل على منشآت نووية وعسكرية داخل إيران أثبتت أن إسرائيل قادرة على إدارة المواجهة منفردة، دون الحاجة إلى تدخل أمريكي مباشر، مؤكدا أن ما حدث "يعني أن تنفيذ العملية لم يكن ضروريا". وأضاف: "الإسرائيليون كانت لديهم السيطرة الكاملة، ولم تكن هناك ضرورة لتجاوز ذلك العتبة". وأكد بانون في معرض تحليله للحدث أن إيران، وإن كانت تبدو ضعيفة في اللحظة الراهنة، إلا أنها تلعب على المدى الطويل، محذرا من أن الخطر الإيراني الحقيقي يكمن في صبره العقائدي وقدرته على التحمل. وقال: "إيران ضعيفة جدا حاليا. لكن لا يوجد متطرف أخطر من المتطرف الديني، و91 مليون إيراني، كثير منهم مستعدون للموت من أجل معتقداتهم". وتابع محذرا: "قد لا يكون هذا الأسبوع أو الشهر المقبل، لكنهم سيعودون ويضربون، وهذه الحرب ستعود لتطاردنا". وفي مقطع آخر من نفس الحلقة رقم 795 من البودكاست، أشار بانون إلى أن من وصفهم ب"الضباع" في المؤسسة السياسية والإعلامية الأمريكية، كانوا يسعون لتأجيج الصراع، بينما كان ترامب يعمل على التوصل إلى اتفاق سلام بين الطرفين المتصارعين. وخص بالذكر السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام والمعلق السياسي مارك ليفين، متهما إياهما بمحاولة "إشعال النيران" و"التحريض على الحرب" كما فعلا من قبل في الملف الأوكراني. قال بانون: "لقد جلس غراهام في مجلس الشيوخ، وأظهرنا لكم ما قاله بالكامل… لا فوكس نيوز عرضته، ولا سي إن إن، ولا إم إس إن بي سي… فقط نحن من عرضنا كل ثانية من ذلك العرض الهستيري". وكرر بانون أن إسرائيل لم تكن بحاجة إلى دعم أمريكي مباشر لتدمير البنية النووية الإيرانية، وقال بوضوح: "الضربات التي وجهتها إسرائيل كانت فعالة جدا، واستهدفت بنجاح المواقع الحساسة داخل إيران. لقد أثبتوا قدرتهم على الرد دون مساعدتنا". وفي السياق نفسه، قرأ بانون على الهواء رسالة الرئيس ترامب التي نُشرت على منصة "تروث سوشيال"، والتي أعلن فيها عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، بعد 12 يوما من القتال. وقال ترامب في البيان: "تم الاتفاق الكامل بين إسرائيل وإيران على وقف شامل لإطلاق النار خلال ست ساعات من الآن، حيث ستبدأ إيران بوقف العمليات، يعقبها إسرائيل بعد 12 ساعة، وفي الساعة 24 سيتم إعلان نهاية الحرب رسميا". وعلق بانون على ذلك بقوله: "ترامب يستحق عشر جوائز نوبل للسلام. في وقت كان الجميع يندفع نحو الحرب، أوقفها هو". أشار بانون إلى أن من يقفون في وجه جهود السلام هذه ليسوا سوى أدوات بيد المجمع الصناعي العسكري، وهو ما يكرره مرارا في برامجه. وأضاف: "ليست لديهم أي ولاء لهذا البلد، ولاؤهم الوحيد هو للمال والسلاح. إنهم يعارضون كل خطوة نحو السلام، لأنهم يعيشون على الحرب". لم يكتف بانون بذلك، بل دخل في هجوم واسع على من وصفهم ب"الضباع"، قائلا: "إنهم يتغذون على الموت والدمار. إنهم يريدون استمرار القصف والموت… إنهم يسعون لإطالة أمد الحرب كما فعلوا في أوكرانيا، حتى آخر مواطن هناك. والآن يريدون تكرار السيناريو في الشرق الأوسط". كما قارن بانون بين جهود ترامب في إيقاف الحرب الحالية والهدنة التي أنهت الحرب العالمية الأولى، وقال: "إنه تماما مثل يوم الهدنة في الحرب العالمية الأولى، في الساعة 11 من اليوم 11 من الشهر 11… ترامب يريد أن يوقف إطلاق النار بطريقة تاريخية". وأضاف: "ترامب لم يكن يسعى إلى الاستسلام، بل إلى السلام، ومن لا يفهم الفرق فهو أحمق". ولم يغفل بانون الإشارة إلى نتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت أن غالبية الأميركيين، خاصة من مؤيدي حركة "MAGA"، يعارضون الانخراط في حروب خارجية جديدة، ويؤيدون جهود ترامب في تحقيق السلام. وقال: "نحو 75 بالمائة من الأميركيين لا يريدون أي تدخل عسكري إضافي في الشرق الأوسط، وداخل صفوف مؤيدي ترامب، النسبة تصل إلى أقل من 20 بالمائة ممن يؤيدون تدخلا عسكريا". وأوضح بانون أن الأميركيين لا يثقون بالدولة العميقة، ويعلمون أن الحروب لا تنتهي كما تبدأ، مذكرا بما حدث بعد حرب الكويت، حين استغل أسامة بن لادن تلك الحرب لتبرير تأسيس القاعدة. وأضاف: "الأميركيون ليسوا أغبياء. إنهم يتذكرون الدروس جيدا. يعرفون أن قصف بلد ما لا يمر مرور الكرام". وفي سياق ذلك، شدد بانون على أن حرب ال12 يوما بين إسرائيل وإيران كان يمكن أن تتحول إلى حرب إقليمية واسعة لولا تدخل ترامب. وقال: "الحرب كانت قابلة للامتداد إلى سنوات، وكان يمكن أن تدمر الشرق الأوسط بأكمله، لكنها لم تفعل، ولن تفعل… بفضل ترامب". وختم بانون تحليله بنبرة شديدة ضد الطبقة السياسية الأمريكية التقليدية، متهما إياها بأنها تريد جر البلاد إلى حروب لا نهاية لها، لتحقيق مصالحها الخاصة. وكرر: "هذه ليست حربنا، وعلى إسرائيل أن تتولى أمرها، ترامب أنقذ المنطقة من الجحيم". ويُعد ستيف بانون من أبرز الشخصيات المثيرة للجدل في الحياة السياسية الأمريكية، وهو إعلامي ومستشار استراتيجي معروف بتوجهاته اليمينية القومية، وقد شغل منصب كبير مستشاري الرئيس ترامب للشؤون الاستراتيجية حتى عام 2017. ويُعرف بخطابه الحاد ضد المؤسسة السياسية التقليدية، ونزعته الشعبوية التي تعتمد على تحفيز القواعد الشعبية المحافظة.