في خطوة احتجاجية تنم عن تصاعد الاحتقان المهني، وجه المكتب الجهوي للجامعة الوطنية للتعليم (FNE) بجهة فاس-مكناس، عبر لجنته الجهوية لمتصرفي ومتصرفات قطاع التربية الوطنية، مذكرة مطلبية إلى مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، عبّرت فيها عن قلقها البالغ إزاء ما وصفته ب"الوضعية المزرية" التي تعيشها هيئة المتصرفين، سواء على المستوى المادي أو الاعتباري، في ظل تهميش مستمر لأدوارهم واختصاصاتهم، وتفريغ مهامهم لفائدة أطر أخرى لا يشملها المرسوم المنظم للهيئة. وتشير المذكرة، التي وصل موقع "لكم" نظير منه، إلى أن المتصرف، الذي يفترض أن يكون عنصرا محورياً في تثبيت دعائم الإدارة وتفعيل آليات الحكامة داخل المؤسسات التعليمية، يعيش حالة من الإقصاء الوظيفي والتبخيس المؤسساتي، بالرغم من كون اختصاصاته القانونية تشمل التأطير، والتكوين، والرقابة، والاستشارة في الشؤون الإدارية. وقد أبرزت اللجنة، بناءً على بحث ميداني وتشخيص دقيق للوضع، مجموعة من المؤشرات المقلقة التي توضح عمق الإشكال، إذ أفادت أن 90% من المتصرفين لا يمارسون مهامهم الأصلية، و95% منهم لا يشاركون في عمليات التأطير والتكوين الإداري، فيما يعمل 93% دون تكليفات رسمية مستندة إلى النصوص القانونية، ويُحرم 87% منهم من أي تعويض عن المهام الإضافية التي يضطلعون بها.
وأكثر من ذلك، أفادت المعطيات الواردة إلى أن 78% من هؤلاء الأطر لم يتلقوا أي تكوين إداري مستمر، في حين عبّر 98% عن استيائهم الكامل من نظام التحفيزات السنوية، الذي وصف بأنه "جزافي" وغير قائم على معايير واضحة أو منصفة. أما على مستوى التجهيزات والوسائل اللوجستية، فقد تبيّن أن نصف المتصرفين لا يتوفرون حتى على هواتف وظيفية، مما يضطرهم لاستعمال وسائلهم الخاصة في أداء مهامهم، في تناقض صارخ مع شروط العمل اللائق. وفي ضوء هذا الوضع المتأزم، طالبت اللجنة الجهوية بضرورة تفعيل مقتضيات المرسوم رقم 2.06.377 المنظم لهيئة المتصرفين المشتركة بين الوزارات، عبر تمكينهم من مهامهم الأصيلة من خلال تكليفات مكتوبة تستند إلى توصيفات وظيفية دقيقة، واعتماد مبدأ التخصص في التكوينات الإدارية، وذلك بمنح الأطر التصرفية وحدها الحق في التأطير والتكوين غير التربوي، إلى جانب التعويض العادل عن كل المهام الإضافية المؤطرة قانونياً. كما شددت المذكرة على أهمية تفعيل الأدوار الرقابية والاستشارية للمتصرفين في الشؤون الإدارية، ومنحهم حق الحركية داخل الجهة بشكل منظم وتشاركي، بما يتماشى مع طبيعة هذه الهيئة المشتركة، ليس فقط داخل الأكاديمية، بل أيضاً بين المديريات والمصالح الخارجية. وأوصت بضرورة تحسين ظروف العمل، وتوفير كل التجهيزات الأساسية التي تضمن أداء المهام في بيئة مهنية مناسبة، وعلى رأسها الهواتف الوظيفية. وفي الجانب المالي، دعت اللجنة إلى اعتماد معايير شفافة ومنصفة في صرف التعويضات الجزافية، بما يراعي الإطار والدرجة الوظيفية، ويُحقق نوعا من العدالة التحفيزية داخل الأكاديمية ومصالحها الخارجية. كما طالبت بتنظيم دورات تكوينية متخصصة للمتصرفين في مجالات التدبير والحكامة الإدارية، بما يمكّنهم من مواكبة المستجدات في أساليب الإدارة العمومية الحديثة. وختمت اللجنة مذكرتها بدعوة مفتوحة لفتح حوار جاد ومسؤول مع الإدارة الجهوية للتربية والتكوين، معتبرة أن الاستجابة لهذه المطالب لا تندرج فقط في إطار تحسين ظروف العمل، بل تندرج كذلك ضمن واجب الاعتراف بمكانة المتصرف كفاعل أساسي في المنظومة التربوية والإدارية. كما راهنت على "الحس المهني" لمدير الأكاديمية، باعتباره من أبناء نفس الهيئة، من أجل التجاوب الإيجابي مع الملف المطلبي، بما يضمن إنصاف المتصرفين ورد الاعتبار لهم داخل المنظومة.