بقلم الكاتب والمسرحي سعيد ودغيري حسني في مساء يوم 2 غشت انتفض مسرح الزفزاف من سباته وامتلأت مقاعده عن آخرها كما لو أن الدارالبيضاء كلها قررت أن تصلي صلاة الوفاء لفرقة طبعت الذاكرة وألهبت الضحكة وأشعلت الخشبة ذات زمن نجوم مسرح الحي عادوا ليسوا كما رحلوا بل أقوى أجمل أصدق وأنضج من جيل كتب اسمه بدم الضحك في دفتر المسرح المغربي من ينسى "شرح ملح" ومن يتجاهل وقع "حب وتبن" ومن لا يسمع إلى اليوم رجع صدى "حسي مسي" في حارات المدينة وبين أزقتها الضاحكة كان محمد الخياري في المسرح كما الريح في الحقول منفلتًا من كل قيد يضرب في القلب مباشرة يضحكك حتى تُدمع ثم ينصرف كأن شيئًا لم يكن هو الخياري كما عرفناه أشرس مما كان أدفأ مما توقعنا صاحب الرنة التي لا تتغير والضحكة التي تكتبها الحنجرة قبل أن ينطقها اللسان إبراهيم خاي كان صلبًا كمطرقة الجبل جواد السايح حكاية من غضب ساخر نجوم الزهرة خيط من نور وسعيد لهويل كأنما خرج من ضمير الحي ذاته وإذا كان كل هؤلاء في القمة فعبد الإله عاجل صعد الجبل كله وأطل علينا من قمته بإخراجٍ لا يشبه إلا نفسه إخراج نقل التجربة من الحنين إلى التجديد مسرحية "سري مَري" من تأليف الكاتب مصطفى فقِي ومن إخراج الفنان عبد الإله عاجل وقد شكلا معًا ثنائيًا أعاد إلى الجمهور الحلم كاملاً "سري مَري" ليست مجرد عنوان بل برقية وقعها الجمهور ووقعتها الخشبة فكل شيء في تلك الليلة كان يقول إن الذاكرة لم تنم وإن مسرح الحي الذي علمنا كيف تكون الضحكة واعية وكيف تكون الكوميديا مرآة قد عاد عاد بجنونه الجميل بأشخاصه بجمهوره وبروحه الناس لم يأتوا ليشاهدوا عرضًا بل ليعيدوا الروح لأنفسهم ليتأكدوا أن شيئًا من الزمن الجميل لا يزال ممكنًا وأن فرقة بدأت من الحي ما زالت تسكن في قلوب الناس زبدة القول أن من يكتب الضحك بصدق لا يُمحى من الذاكرة وأن من كان من الناس يعود إليهم وأن مسرح الحي ليس لحظة