اتهمت المقرّرة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967، فرانشيسكا ألبانيزي، في تقريرها الجديد المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، أكثر من 60 دولة ب التورط أو التواطؤ في ما وصفته ب «الإبادة الجماعية الجارية في غزة»، من خلال الدعم العسكري أو السياسي أو الاقتصادي الممنوح لإسرائيل، أو عبر الامتناع عن اتخاذ إجراءات لوقف جرائمها. وأكد التقرير، الصادر تحت عنوان «إبادة غزة: جريمة جماعية» (Gaza Genocide: A Collective Crime)، أن بعض الدول، بينها المغرب، شاركت أو تواطئت في ما وصفته ب "الإبادة الجماعية الجارية في غزة"، سواء من خلال التعاون العسكري أو تسهيل العبور اللوجستي لشحنات الأسلحة الموجّهة إلى إسرائيل.
وأشارت ألبانيزي، في تقريرها المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 20 أكتوبر 2025، إلى أن الموانئ المغربية كانت من بين الموانئ التي سهّلت نقل أجزاء طائرات مقاتلة F-35 ومواد عسكرية أخرى إلى إسرائيل، في وقتٍ شاركت فيه القوات المسلحة الملكية المغربية إلى جانب الجيش الإسرائيلي في مناورات عسكرية متعددة الجنسيات بقيادة القيادة الأمريكية لإفريقيا (أفريكوم) خلال عامي 2024 و2025. نظام دولي متواطئ وقالت المقرّرة إن استمرار هذا النوع من التعاون «يُعدّ جزءاً من منظومة عالمية مكّنت إسرائيل من ارتكاب انتهاكات جسيمة للقانون الدولي»، معتبرة أن الإبادة في غزة ليست فعلاً معزولاً، بل ثمرة نظام دولي متواطئ، يوفر لإسرائيل الغطاء السياسي والعسكري والاقتصادي. وأبرز التقرير أن الولاياتالمتحدة تتحمّل القسط الأكبر من المسؤولية، إذ نقلت إلى إسرائيل أكثر من 740 شحنة أسلحة وذخائر منذ أكتوبر 2023، تشمل قنابل وصواريخ ومقاتلات F-15 وF-35، فيما وفّرت ألمانيا دعماً عسكرياً ثانياً من حيث الحجم بقيمة تجاوزت 489 مليون يورو، مبرّرة ذلك ب«الالتزام التاريخي تجاه إسرائيل». كما شاركت المملكة المتحدة في مهام استخباراتية ومراقبة جوية من قواعدها في قبرص وأجرت أكثر من 600 رحلةٍ استطلاعيةٍ فوق القطاع، وقدّمت بياناتٍ واستخباراتٍ عسكريةً دعمت العمليات الميدانية، بينما ساهمت إيطاليا، فرنسا، كندا، والهند في تزويد إسرائيل بمكونات عسكرية ومواد مزدوجة الاستخدام. وأبرز التقرير أن 18 دولة علّقت تمويلها لوكالة الأونروا، ردًا على مزاعم إسرائيلية غير مؤكدة ضد المنظمة. وذكر التقرير شركات أسلحة بارزة مثل لوكهيد مارتن، وليوناردو، وكاتربيلر، وهيونداي للصناعات الثقيلة. كما أدرج شركات تكنولوجية كبرى، منها ألفابت (الشركة الأم لجوجل)، وأمازون، ومايكروسوفت، وآي بي إم، وبالانتير. واتُهمت هذه الشركات بتوفير أدوات مراقبة متطورة وخدمات سحابية للحكومة الإسرائيلية، أو تطوير تقنيات ذكاء اصطناعي تُستخدم في العمليات العسكرية. غطاء سياسي ودبلوماسي وعسكري وأشار التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبي ودولاً عربية من بينها الإمارات ومصر والمغرب حافظت على علاقات تجارية نشطة مع إسرائيل رغم صدور قرارات قضائية دولية تدينها، موضحاً أن صفقة الغاز المصرية-الإسرائيلية البالغة 35 مليار دولار وارتفاع حجم التجارة بين إسرائيل ودول عربية أخرى "أسهما في تخفيف أثر المقاطعة الدولية". وأضاف التقرير أن "المنظومة الدولية شريك في الجريمة"، لأن الدعم الغربي "أعطى لإسرائيل الغطاء السياسي والدبلوماسي والعسكري لمواصلة حرب الإبادة"، في حين حذر من أن "العالم يقف اليوم على حافة انهيار القانون الدولي ما لم تُحاسَب الدول المتورطة". ودعت المقرّرة الخاصة جميع الدول إلى تعليق علاقاتها العسكرية والتجارية والدبلوماسية مع إسرائيل فوراً، ودعم تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية، وإعادة تمويل وكالة الأونروا التي تعرضت لهجوم ممنهج، مع التوصية ب تعليق عضوية إسرائيل في الأممالمتحدة بموجب المادة السادسة من الميثاق.