وسيط المملكة: مؤسسات الوساطة تواجه تحديات التحول الرقمي وتأمين المساواة في ولوج المرافق العمومية    الطالبي العلمي يتباحث مع رئيس برلمان "سيماك" لتعزيز التعاون البرلماني    إسبانيا تُشيد بالتعاون مع المغرب في استقبال الجالية خلال عملية مرحبا 2025    الذهب يصعد وسط التوتر في الشرق الأوسط    بنعلي وقيوح يبحثان التعاون العملي    التصعيد بين إسرائيل وإيران يعيد للواجهة مطالب إحياء مصفاة "سامير" لتعزيز الأمن الطاقي    مجموعة "فيسين" تطلق طرحا عاما أوليا في بورصة الدار البيضاء    وقفة احتجاجية في طنجة تنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران    "مجزرة جديدة"… إسرائيل تقتل 40 فلسطينيا بينهم 16 من منتظري المساعدات    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"    حرارة شديدة وأمطار صيفية تميز طقس اليوم الخميس    حرائق الواحات بالمغرب… تهديد للبيئة وخسائر اقتصادية    تجاهل شكايات مهنيي النقل يضع وعود عامل تيزنيت على المحك    اجتماع تنسيقي لأغلبية مجلس النواب يثمن "الانتصارات" الدبلوماسية ويؤكد "أولوية" الحق في الصحة    يوفنتوس يكتسح العين بخماسية نظيفة قبل مواجهة الوداد    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    رحيمي وحركاس وبنعبيد ضمن قائمة أغلى اللاعبين العرب في مونديال الأندية    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    فرحات مهني يكتب: الجزائر الإيرانية    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    غامبيا تجدد دعمها لمخطط الحكم الذاتي لتسوية قضية الصحراء المغربية    بيب غوارديولا في تصريح أعقب مواجهة الوداد الرياضي المغربي، إن "المباراة الأولى في دور المجموعات دائما ما تكون صعبة    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير    كيوسك الخميس | إسبانيا تشيد ب"التنسيق النموذجي" مع المغرب في إطار عملية مرحبا    عمال أوزون يحتجون بالفقيه بن صالح بسبب تأخر صرف الأجور ومنحة العيد    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    اصابة دركي اصابات بلغية في عملية لاحباط عملية للتهجير السري وتوقيف 30 حراكا    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    ياسين بونو يهدي الهلال تعادلا ثمينا أمام ريال مدريد رياضة    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    صواريخ إيران تُشرد 2000 عائلة إسرائيلية    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    كومنولث دومينيكا تجدد تأكيد دعمها لمخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    السيّد يُهندس مسلسل شارع الأعشى في كتاب    أفلام قصيرة تتبارى على ثلاث جوائز بالمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    مسرح رياض السلطان يحتضن أمسيات شعرية موسيقية من الضفتين وقراءة ممسرحة لرواية طنجيرينا وأغاني عربية بإيقاعات الفلامينغو والجاز والروك    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    برنامج "مدارات" يسلط الضوء على مسيرة المؤرخ والأديب الراحل عبد الحق المريني    الصويرة ترحب بزوار مهرجان كناوة    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    برلماني يطالب بالتحقيق في صفقات "غير شفافة في مستشفى ابن سينا الجديد        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فؤاد مطر "الشرق الأوسط": ليبيا.. انتقال للسلطة وتوق إلى الاتحاد «الخامل»
نشر في مغارب كم يوم 12 - 08 - 2012

أدى مصطفى عبد الجليل قسطين بدلا من القسط الواحد للمسألة الليبية، وليس واضحا ما إذا كان سيخلد للنوم بمعنى الابتعاد عن الساحة السياسية، أم أن ليبيا الجديدة التي بات «المؤتمر الوطني العام» المنبثق عن انتخابات 7 يوليو (تموز) 2012 هو رأس السلطة الذي سيتولى أعضاؤه المائتان العمل على اختيار الحكومة الجديدة وإعداد دستور للبلاد ثم بعد ذلك التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام 2013، ستكافئه خير مكافأة، بحيث لا ينتهي مثل نهاية الفريق سوار الذهب في السودان.
يوم الأربعاء 8 أغسطس (آب) الذي سلم فيه مصطفى عبد الجليل الأمانة، والتي هي رئاسة المجلس الانتقالي إلى المؤتمر الوطني (أي البرلمان)، الذي انتخب بعد ساعات محمد المقريف رئيسا له، كان بأهمية يوم 7 يوليو 2012 الذي جرت فيه انتخابات «المؤتمر الوطني العام» من حيث سلاسة الإجراءات والحماسة إلى حد الاندفاع في أداء الواجب الانتخابي، كون مثل هذا الأمر يحدث بعد أربعة عقود ازدهرت فيها ظاهرة الرأي الواحد. وفي تلك الانتخابات سجل التوجه العلماني الذي يقوده محمود جبريل مفاجأة كتلك التي سبق أن سجلها في الانتخابات العراقية إياد علاوي، الأمر الذي حقق توازنا قد يصمد في حال كان هناك تفهم له وبما ينتهي إلى ما هو أكثر من التوافق بين التيار الديني والتيار الليبرالي على أن الاستقرار هو في اعتماد ما يجوز تسميته من جانبي، كصاحب قلم متابع بدقة للأحوال العربية على مدى أربعة عقود، «الدينوقراطية»، وهي صيغة تطمئن لها الجماعات الدينية والاشتراكيون بيساريهم المتشدد والمتعقل والعروبيون بمن في ذلك الأطياف الرومانسية، وخصوصا الطيف الناصري الذي ما زال حاضرا في المشهد الليبي على الرغم من تحطيم تمثال جمال عبد الناصر قبل شهور في بنغازي التي كانت ذات يوم أحد أعماقه الشعبية.
وثمة ما يلفت الانتباه في التحول الليبي، وهو أن رموز المعارضة في داخل نظام العقيد معمر القذافي هم رموز عملية التحول بدءا بمحمد المقريف المنشق الأول على حكم القذافي، والذي خاض من خلال إقامته في أميركا وتنقلاته في عواصم أخرى مواجهة القذافي رفيق «ثورة الفاتح من سبتمبر (أيلول)» بالبيانات ثم بكتاب توثيقي مع ملاحظة أن انشقاق الرفيق الآخر عبد المنعم الهوني هو بالأهمية نفسها على الرغم من أنه انشقاق بالتراضي عكس حالة المقريف، يليه مصطفى عبد الجليل الذي شكل انشقاقه حالة صحوة ليبية، كون الرجل كان الوجه المدني الأعقل في التركيبة القذافية، وبعده محمود جبريل الذي ساد الاعتقاد لدى الليبيين بأنه يقوم داخل النظام في اتجاه إحلال سيف الإسلام محل والده معمر بالدور الذي مارسه في السنتين الأخيرتين من حكم الرئيس المصري السابق حسني مبارك أحمد عز وآخرون في اتجاه توريث جمال مبارك. المحاولتان مستحيلتان وساذجتان.
وها نحن بعد إسقاط نظام القذافي نرى أن المرحلة الانتقالية، فالمرحلة التأسيسية يتولاها المنشقون الثلاثة:
مصطفى عبد الجليل الذي قاد المجلس الانتقالي بأمانة ونزاهة وتعقل بحيث تفادى أي سقطة كلامية أو مالية بدليل أنه بقي وسطيا كما أنه رفض العرض الساركوزي بتحويل أموال ليبيا المودعة في فرنسا خشية أن تتبعثر ولا يدري أحد أي يد اختطفت ما استطاعت منها بذريعة ثورية أو حاجة إنسانية.
ومحمود جبريل الذي ترأس الحكومة الأولى ثم انصرف عنها تحت وطأة اعتراضات الإسلاميين ليرد على الاستهانة به من خلال الانتخابات التي تفوق فيها على الإسلاميين، وها هو بعد أن تستقر الأمور في عام 2013 سيأخذ على الأرجح مكانته نتيجة الشأن الشعبي الذي حققه.
ومحمد المقريف الذي ارتأى المائتا عضو «المؤتمر الوطني العام» أي البرلمان، تقدير مخاطرته في أصعب الأوقات وتحديه العملي للنظام، ترئيسه للبرلمان الذي لن يعيش سوى بضعة أشهر وبعدها تخضع الأمور لمعطيات جديدة.
وأما التقدير الأهم فكان حرص مصطفى عبد الجليل على تضمين وثيقة «التسلم والتسليم» عبارة تؤكد براءة الذمة مقرونة بتسجيل الشكر للذين أمطروا ليبيا صواريخ أدت إلى زعزعة نظام القذافي وتمكين المنتفضين عليه من إسقاطه فتصفيته في أبشع عملية انتقام. والعبارة هي: «لا بد من القول إن المجلس الوطني الانتقالي المؤقت لم يدفع لقوات التحالف درهما واحدا نظير أعمالها، كما لم يحمل الشعب الليبي بأي التزامات مستقبلية نظير ذلك العمل الجبار الذي قام به المجتمع الدولي. وأقول عن نفسي وعن زملائي، إننا نشكر كل من وقف معنا وأيضا نسامح كل من أساء إلينا..». يا ليت إخواننا في العراق كانوا أقل استعجالا وأكثر تنبها وبذلك لا تقع بلاد الرافدين في فخ ألاعيب بريمر.
ونشير هنا إلى أن دول قوات التحالف لم تأخذ دراهم، لكنها استعادت ليبيا هذه الإوزة التي تبيض ذهبا والتي في صحرائها ثروات لم يتم اكتشافها بعد. وفي الوقت نفسه، حجبت المكاسب عن روسيا التي تنتقم لذلك بأفعالها ا«فيتوية» إزاء المحنة السورية.
وما يلفت الانتباه هو أنه في يوم «التسلم والتسليم» يدعو الرئيس الحالي للحكومة الليبية عبد الرحيم الكيب وهو ليس من الفريق الذي اكتسب الأهمية بانشقاقه عن حكم القذافي (أي محمد المقريف. مصطفى عبد الجليل. محمود جبريل. عبد المنعم الهوني الذي لم ينل الحظوة من النظام الجديد) إلى «اتحاد مغاربي جدي وفاعل». وهو أطلق الدعوة خلال زيارة إلى المغرب يوم «التسلم والتسليم» الأربعاء 8 أغسطس 2012 على رأس وفد ضم عشرة وزراء اجتمع خلالها بالملك محمد السادس وعقد محادثات سياسية - عسكرية مع مسؤولين مغاربة تناولت مصير أموال ليبية مودعة في المغرب ومشاريع استثمارية تجارية وسياحية أقامها نظام القذافي في المملكة الجارة. وبعد اللقاء والمحادثات قال حول الاتحاد «إن الاتحاد المغاربي هو الوعاء الذي يحوينا جميعا، بل ويحوي الكثير من أحلامنا ونريد لهذه الأحلام أن تتحقق. ولن يحصل ذلك إلا إذا كان هناك اتحاد مغاربي جدي وفاعل وعنده برامج عملية مدروسة واضحة ونريد لها أن تتحقق وبشكل سريع..».
هنا نجد أنفسنا نقول إن مشكلة هذا «الاتحاد المغاربي» أنه يفتقد إلى حماسة الدول الأعضاء، وأنه منذ تأسيسه كان موضع تجاذب بين الملك الحسن الثاني والعقيد القذافي، كلاهما يريد عمادة هذا الاتحاد. القذافي من خلال ورقة الثروة النفطية. والحسن الثاني من خلال مهابة الملك، فضلا عن صفته ک«أمير المؤمنين». كما أن الجزائر كانت لا تتحمل جوارا هادئا مع المغرب، فضلا عن حسد ضمني تجاه ليبيا القذافية. وبقيت تونس وموريتانيا في حالة تجاذب. وهكذا فإن «الاتحاد المغاربي» بات إذا جاز التوصيف مثل ذوي الحاجات الخاصة، أي أنه فكرة معاقة ولا خير يرتجى من تحويلها إلى كيان فاعل مثل «اتحاد دول الخليج العربية». ولقد حدثت محاولات إيقاظ «الاتحاد المغاربي» من غيبوبته إلا أن المحاولات كانت شكلية وكادت توقظها في لحظة يأس من ضمور الدور الإقليمي للمحروسة، وكذلك الحاجة إلى تأمين أسواق رحبة للعمالة المصرية وخلاف ذلك من الفوائد، فكرة راودت الرئيس المصري السابق حسني مبارك وأخرجها إلى العلن في سياق تصريح وتقضي بأن تنضم مصر إلى «الاتحاد المغاربي»، لكن سرعان ما تراجعت الفكرة أمام تحفظات وتساؤلات من بينها: قبل أن تفكر بانضمام مصر إلى «الاتحاد المغربي» الحائر لماذا لا تحقق اتحادا مع السودان الخائر.
الآن ربما في ضوء الانتشار اللافت للإسلاميين في مؤسسات الحكم في كل من ليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا والمغرب يعاد الأمل في إحياء «الاتحاد المغاربي»، وقد تنظر مصر التي تخطو حثيثا في اتجاه الصفة الإخوانية في مسألة الانتساب إلى هذا الاتحاد وبحيث يكتسب تسمية «الاتحاد العربي الإسلامي». لكن المهم أن يؤكد الإسلاميون، سواء الذين وصلوا إلى قمة السلطة في مصر وتونس وليبيا وإلى مشارف القمة في المغرب وعلى طريق الصعود في الجزائر وموريتانيا، أن حساسيات الماضي كانت العلة في أن «الاتحاد المغاربي» كان مضيئا كفكرة، لكنه كان في حالة من الخمول، بل في عتمة دائمة في انتظار من ينقله إلى النور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.