رغم الاستيراد المكثف .. أسعار اللحوم تواصل الضغط على القدرة الشرائية للمغاربة    كيف تناول الإعلام الفرنسي تتويج أشرف حكيمي بالكرة الذهبية الإفريقية 2025؟    المنتخب المغربي يرتقي للمركز الحادي عشر عالميا    "السنبلة" يناقش مذكرة الحكم الذاتي    بوانو يتمسك باتهامه لوزير الصحة حول صفقة أدوية ويعرض أرقاما داعمة    المغرب يهيمن على جوائز الكاف 2025 بعد عام استثنائي للاعبيه ومنتخباته    حرمان وهبي من جائزة يغضب مغاربة    حزب التقدم والاشتراكية يستعد بتطوان لتنظيم لقاء سياسي تواصلي موسع بحضور بنعبد الله    مبابي و بونو يشيدون بإنجاز حكيمي بعد تتويجه بالكرة الذهبية الإفريقية    مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء تسعى لتحقيق التمكين الاقتصادي للنزلاء السابقين    معمار النص... نص المعمار    سقط القناعُ عن القناعِ    امينة بوعياش : العدالة المجالية قضية مركزية في مسار حماية حقوق الإنسان    نتانياهو يتفقد القوات الإسرائيلية المتمركزة في جنوب سوريا ودمشق تندد بزيارة "غير شرعية"    الحسيمة.. تراجع في مفرغات الصيد الساحلي وسط انهيار حاد في أصناف الأسماك السطحية        ترخيص استثنائي لكل دواء مفقود .. الوكالة تشرح القواعد وتقرّ بالصعوبات    الإبادة مستمرة... 11 شهيدا في غارات إسرائيلية على غزة    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء        برادة يواجه تصعيدا جديدا يقوده المتطرفون التربويون        صحيفة "أس" الإسبانية: المغرب يواصل صعوده "المذهل" في مونديال قطر لأقل من 17 سنة    الأرصاد: استقرار الطقس نهاية الأسبوع    لقجع: كأس إفريقيا 2025 بداية مسار رياضي سيمتد عبر التاريخ    بركة: المغرب يدخل مرحلة جديدة من ترسيخ الوحدة وبناء الاستقلال الثاني    وسائل الإعلام الهولندية .. تشيد بتألق صيباري مع المغرب    المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يعلن عن تشكيلة لجنة التحكيم    لوحة لغوستاف كليمت تصبح ثاني أغلى عمل فني يباع في مزاد على الإطلاق    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يقاطع اجتماعات الوزارة..    توقيف افراد شبكة تستغل القاصرين في الدعارة وترويج الكوكايين داخل شقة بإمزورن    شركة ميكروسوفت تعلن عن إعادة صياغة مستقبل ويندوز القائم على الذكاء الاصطناعي    نقل جوي عاجل لإنقاذ رضيع من العيون إلى الرباط    "صوت هند رجب" يفتتح مهرجان الدوحة السينمائي2025    بدء العمل بمركز المراقبة الأمنية بأكادير    كوراساو.. أصغر دولة تصل إلى كأس العالم    النيابة العامة تكذب "تزويج قاصر"    مهرجان الناظور للسينما والذاكرة المشتركة يخلد اسم نور الدين الصايل    من الرباط إلى مراكش.. سفيرة الصين تزور مركز اللغة الصينية "ماندارين" لتعزيز آفاق التعاون التعليمي    فتيحة خورتال: السياسة المينائية من الرافعات القوية لتعزيز الموقع الاستراتيجي للمغرب    المجلس ‬الاقتصادي ‬والاجتماعي ‬والبيئي ‬يكشف:‬ 15 ‬ألفا ‬و658 ‬حالة ‬تعثر ‬سجلتها ‬المقاولات ‬الصغيرة ‬جدا ‬والصغرى ‬بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    روسيا تعلن محاصرة قوات أوكرانية    بن سلمان يقدم رونالدو إلى ترامب    جمعية منار العنق للفنون تنظم مهرجان العالم العربي للفيلم التربوي القصير في دورته العاشرة    رياض السلطان يستضيف جاك فينييه-زونز في لقاء فكري حول ذاكرة المثقف    الأكاديمية الفرنسية تمنح جائزة أفضل سيرة أدبية لعام 2025 إلى الباحث المغربي مهدي أغويركات لكتابه عن ابن خلدون    ميناء طنجة المتوسط : إحباط محاولة لتهريب كمية من الذهب    القصر الكبير تاريخ مجيد وواقع بئيس    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    ارتفاع معدلات الإصابة بارتفاع ضغط الدم لدى الأطفال والمراهقين بواقع الضعف خلال العقدين الماضيين    أطباء يوصون بتقليل "شد الجلد" بعد الجراحة    باحث ياباني يطور تقنية تحول الصور الذهنية إلى نصوص بالاستعانة بالذكاء الاصطناعي    دراسة أمريكية: الشيخوخة قد توفر للجسم حماية غير متوقعة ضد السرطان    الإنعاش الميداني يجمع أطباء عسكريين‬    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طبيب مغربي يساهم في تطوير لقاح خاص بالزهايمر في أميركا
نشر في مرايا برس يوم 05 - 01 - 2010

علال بوتجنكوت، شخصية مغربية نكرة داخل الوطن، إلا لدى عدد قليل من المقربين منه في مسقط رأسه، لكنه شخصية مشهورة ولامعة في الخارج، حيث تتنافس عدد من الهيآت العلمية والمؤتمرات الدولية المتخصصة على استضافته لإلقاء محاضرات علمية، والاستماع إلى خلاصات تجاربه المعملية، في حضرة خبراء من مختلف دول العالم.
هو عالم مغربي ابن منطقة "آيت واحي"، الواقعة نواحي مدينة الخميسات، حيث أطلق صرخته الأولى سنة 1965.
له اهتمام بالغ بالبحث العلمي في خبايا مرض "الزهايمر"، ويعمل أستاذا باحثا في مركز "لا نكون للدراسات الطبية" في مصلحة طب الأمراض العقلية والعصبية في كلية الطب في نيويورك، حيث تمكن، أخيرا، مع المجموعة التي ينتمي إليها، من اكتشاف أول لقاح مضاد للمتلازمة "طو"، التي تعتبر أحد الأعراض الأساسية للمرض. وأنجز العمل ضمن خلية مكونة من أربعة أطباء باحثين في المجال، يعتبر أحد أعضائها البارزين، إذ يعمل إلى جانب رئيس الفريق الطبي البروفيسور "انلرسكردسن"، والأستاذين "أسني أيدوج" و"دفيد كوارترمان"، ونشر العمل في المجلة العلمية "نوروساينس" سنة 2007.
وتكمن أهمية مشاركة علال بوتجنكوت في أن اللقاح المكتشف يعد الأول من نوعه في العالم، موجها إلى البروتين "طو"، الذي يوجد داخل الخلايا وخارجها، والذي ثبتت تجربته على نموذج حيواني يحمل تراكمات بروتين "طو"، إذ أنه يساهم في تقليص هذه البروتينات بنسبة 52 في المائة.
ويعمل هذا اللقاح على التقليل من تسربات البروتين "طو" إلى مخ النموذج الحيواني، والتخلص من البروتينات، التي تتراكم على شكل ترسبات، حيث تصبح سامة وتقتل الخلايا، ما يتسبب في تراجع وزن المخ وحدوث توسع في البطين الجانبي، وإظهار ثقب في الشقوق الإيحائية للمخ، كل هذا يؤدي إلى تدهور حالة المريض، إذ يفقد مع مرور وقت القدرة على التفكير والحركة، مع تقلبات مفاجئة في المعاملة.
ولأجل التأكد من فعالية اللقاح الجديد استطاع البروفيسور علال بوتجنكوت إنتاج نموذج حيواني يحمل الجينات التي نجدها عند المريض، وهي "طو" و"البريسيلينين". وبعد إنتاج هذا النموذج الحيواني، الذي يعد نموذجا مثاليا، لحمله للبروتين "طو"، تمكن من تلقيح النموذج الجديد، الذي أعطى نتائج مذهلة لتقليص البروتيين "طو" بنسبة 56 في المائة، إضافة إلى أن الحيوانات الحاملة للمرض استعادت قواها الذهنية بعد تطعيمها باللقاح الجديد، بعد أن أجريت عليها عمليات خاصة باختبار قدراتها العقلية.
وقدم النموذج الحيواني الجديد واللقاح المكتشفان في المؤتمر العالمي ل"شيكاكو 2008" من قبل علال بوتجنكوت مرفوقا برئيس قسمه. أما حاليا فإنه يسعى للتأكد من خلو هذا اللقاح من التسبب في حدوث أي مضاعفات جانبية، مثل الالتهابات وغيرها، حينها يمكن تجربته سريريا على الإنسان، ويرتقب أن تستغرق هذه العملية ما بين 5 إلى 10 سنوات.
وبالموازاة مع هذه الأبحاث، فإن علال بوتجنكوت يباشر مع المجموعة التي ينتمي إليها، بإشراف رئيس قسم الأمراض العقلية والعصبية في كلية الطب نيويورك، بحثا علميا حول البروتيين "أميلويد بيطا 42" السام والقاتل للخلايا، الذي قدم نتائجه الأولية في المؤتمر العالمي للزهايمر في مدريد سنة 2006، ونشر في مجلة "نوروساينس" في أواخر 2007. ويجري حاليا تطوير اللقاح باستعمال التكنولوجيا لتقديمه على شكل شراب.
وتأتي هذه الأبحاث بعد أن أصدرت "المنظمة العالمية للصحة"، سنة 2002، قرار وقف استعمال لقاح، دخل مرحلة تجربته سريريا على الإنسان من قبل شركة منتجة للقاحات، نظرا لأعراضه الجانبية، وتسببه في التهاب السحايا، التي مست 6 في المائة من المرضى وعجلت بموتهم.
ونظرا لشغفه وولعه بفهم ميكانيزمات الإصابة بداء "الزهايمر" بهدف توفير سبل علاجه، يقضي علال بوتجنكوت ما بين 12 و16 ساعة في المختبر لسبر أغوار تأثير الصفائح الهرمية، ودراسة نوعها 42 السام، لا يكل من إعادة التجربة، واسترجاع المعلومة والبحث عن تفاصيلها، ويؤكد أنه لا يشعر بالملل لانجذابه لعمله، وحرصه على النجاح فيه. ورغم ما يشعر به من ارتياح، رغم المنافسة الكبيرة بين زملائه، إلا أنه مطمئن لتقدير مجهوداته ومرافقيه في فريق البحث، التي توكل إلى خبراء عالميين محايدين غير معروفين، يقيمون العمل قبل نشر النتائج، واستيفاء جميع مراحل التأكد من خلو اللقاح من الأعراض الجانبية، قبل رفعها إلى "منظمة الصحة العالمية" للمصادقة عليها.
علال، عالم مغربي نشأ في أسرة فقيرة متواضعة الدخل ومحدودة الموارد والإمكانات، تابع دراسته الثانوية والجامعية في المغرب، إلا أن طموحه كان كبيرا، سعى إلى متابعة دراسته ونيل الدكتوراه في الخارج، وفي سنة 1990 لم يتردد في طرق أبواب عدد من المسؤولين، من ضمنها باب الدكتور حدو الشيكر، الوزير السابق، حينذاك، لعدة وزارات (الداخلية - التعليم...)، والذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس مجلس النواب، الذي يعتبره الشخصية العمومية، التي استجابت لطلب مساعدته، ماديا ومعنويا، ومنحته فرصة ثمينة لمتابعة دراسته في بلجيكا، وواكبت مساره العلمي بعد ذلك، دون أن تجمعهما علاقة صداقة أو قرابة، فكان أول مغربي في مدينة "سانت نيكلاس" البلجيكية يحصل على دكتوراه الدولة في كلية الطب في المستشفى الجامعي "إيرازم"، بعد بحثين علميين حول مرض "الزهايمر" و"الباركنسون"، اللذين أنهاهما في اليوم نفسه.
لم يجرب مرارة البطالة، لتوصله في الأسبوع الأول من حيازة شهادة الدكتوراه بعرضين للعمل، أولهما من قبل إدارة جامعة في السويد، والثاني من طرف مركز "لانكون للدراسات الطبية"، التابعة لمصلحة طب الأمراض العقلية والعصبية في نيويورك، فاختار العرض الثاني لأسباب ذات صلة بالمعطيات الجغرافية والاقتصادية للبلد.
والغريب في الأمر أن المقابلة جرت عبر الهاتف، تبادلا خلالها الأسئلة والأجوبة المهنية، والاتفاق على شروط العمل، فقرر خوض التجربة تاركا زوجته وابنته ياسمين في بلجيكا اللتين يزورهما مرة كل شهرين ونصف.
وخصصت له كلية الطب نيويورك منحة مالية تقدر بملايير السنتيمات، موجهة لفريق البحث، وكذلك أجرا سنويا محترما يوزع على شكل شيكات تصرف لفائدته شهريا، تخصم منه مصاريف الأكل والإقامة في الجامعة، وتقتطع منه تسديدات التقاعد والضمان الاجتماعي.
وقدمت له جميع الإمكانات التقنية واللوجستيكية ومختبر مجهز لتسهيل مأموريته، تحت إشراف رئيس القسم، إذ يعمل مع فريق عمل لا يبدي اعتبارا للجنس أو اللون أو الانتماء، لكن يشتغلون في إطار منافسة كبيرة، هي المحفز على عطائه المستمر، وعين أخيرا رئيسا ل"المجلس الأعلى للأطباء المغاربة الأميركيين ودكاترة علم الإحياء في الولايات المتحدة".
هو رجل العلم، اختار الهجرة لمدة 18 سنة خارج المغرب، إلا أنه مرتبط بوطنه لحد كبير، يغار عليه ومستعد لتقديم خبرته للجامعة المغربية في مجال تخصصه إذا ما طلب منه ذلك.
وحسب المتتبعين لمسار الحياة العامة والمهنية لعلال، يصفونه بأنه إنسان ذو آداب عالية وأخلاق رفيعة، متواضع وله كفاءة علمية، يتقن، إلى جانب اللغة العربية، اللغة الأمازيغية والفرنسية والإنجليزية والنيرلندية (اللغة المعتمدة في بلجيكا)، وهو بذلك نموذج مثابر يمكن الاقتداء به للحث على المثابرة وطلب العلم، مهما كانت مثبطات الحياة عسيرة ومعيقة أمام جميع القفزات نحو الأمام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.