يعتبر المغرب من بين الدول العربية التي تتميز بتقاليدها وعاداتها التي جعلت منه يتبوأ مكانة متميزة، وذلك لما يوليه من أهمية في الحفاظ على الموروث الثقافي من الاندثار. وعلى الرغم مما يزخر به المغرب من عادات ساهمت في التعريف به عالميا، إلا أن هناك مجموعة من المهن التقليدية التي توارثت من جيل لآخر في طريقها للانقراض؛ من أهمها "الكراب" أو الساقي ، وكذا صانع الملابس الصوفية "الدراز"، وكذا صانح ألواح حفظ القرآن الكريم في "المسيد"؛ وهي العادات التي تراجع الإقبال على العمل بها لتدني دخلها وانعدام الاهتمام بها. وبالحديث عن ساقي الماء المعروف لدى العامة ب"الكراب" نسبة إلى قربة الجلد التي يحملها، فإن هذه المهنة قرُبت على الانقراض، حيث باتت مقتصرة فقط على أماكن تجمع السياح، بعدما كانت منتشرة في السابق في مختلف الأسواق المغربية والاحتفالات، حيث كان الساقي يسقي الناس بالماء. وقد تميز "الكراب" بلباسه التقليدي المكون من لباس أحمر وقبعة مزركشة، حاملا قربته الجلدية المصنوعة من جلد الماعز على كتفه، ومنتعلا بلغة تقليدية ومعلقا مجموعة أكواب نحاسية، إلى جانب حمله لجرس بيده تسمع صوته من بعيد وذلك لإثارة انتباه المارة. لكن بمرور السنين أخذت مهنة "الكراب" تتهمش شيئا فشيئا إلى درجة يمكن القول أنها أصبحت منعدمة، خاصة في فصل الشتاء وهو الموسم الذي لا يكثر فيه الإحساس بالعطس كما الصيف، وهو ما يجعل بعض سقاة الماء يتجولون بقربتهم خالية من الماء ويتسولون الناس من أجل دريهمات. أما مهنة صناعة الملابس الصوفية من أمثال الجلابيب، فهي أيضا أصبحت شبه منعدمة، إذ أن مهمة "الدراز"وهو الشخص الذي يخيط الملابس الصوفية من جلابيب وأغطية، لم تعد تدر أرباحا على صاحبها نظرا لإقبال الناس على الملابس الصوفية الجاهزة المصنعة. ولم تكن هذه المهنة مقتصرة على الرجال فقط، فحتى النساء كن أيضا يحكن المناديل الصوفية والأغطية، خاصة في البادية وذلك لما كان لها من أهمية آنذاك، إلى جانب أنها كانت تحميهم من البرد. وغير بعيد على هذه المهن، هناك أيضا مهمة صانع ألواح حفظ القرآن الكريم، والتي انقرضت اللهم في بعض المناطق المغربية التي لا تزال تحافظ على مكانة هذا الصانع. ولأن اللوح كان من أهم الأدوات المستخدمة في تحفيظ القرآن، فقد كان لصانعه مكانة مهمة، نظرا لكونه كان يوفر لزمرة من حفظة كتاب الله ألواحا خشبية من أجل حفظ ما تيسر من القرآن الكريم، لأن هذا اللوح كان م أهم الشروط التي يجب أن يتوفر لحفظ القرآن. وكانت تعتمد طريقة الحفظ على اللوح وعلى القلم المصنوع هو الآخر من قطعة خشبية من شجر القصب والتي كانت تشتق من مقدمتها، فيما كان يُصنع المداد المستعمل في الكتابة من الصوف، حيث كان يحرق ويُدق ثم يُصب عليه الماء، ويسمى بالصمغ ويوضع في قنينة تسمى "الدواية". وعلى الرغم مما تحمله هذه الألواح من معنى في كونها ساعدت أجيالا في تعلم كتاب الله وكذا تعلم أبجديات القراءة، إلا أنها في طريقها للانقراض.