"طائرة إسعاف" تتدخل في الرشيدية    قناة للمياه تستنفر الفرق التقنية بالبيضاء    لقجع يدافع عن "التمويلات المبتكرة" ويؤكد أن تنظيم كأس العالم سيعود بالنفع على المغرب    لقجع: المغرب بحث عن تنظيم كأس العالم لمدة 30 سنة وأول الالتزامات المقدمة ل "الفيفا" كانت في القطاع الصحي    البطولة: الفتح الرياضي يرتقي إلى المركز السابع بانتصاره على أولمبيك آسفي    خاص l مشروع قرار أممي يدعو إلى مفاوضات "بدون شروط مسبقة" استنادًا إلى مقترح الحكم الذاتي المغربي (نص توصيات المشروع)    نادية فتاح: مشروع قانون مالية 2026 يجسد مسيرة "المغرب الصاعد"    ميناء الداخلة الأطلسي، مشروع ضخم يفتح عهدًا جديدًا للربط والتجارة البينية الإفريقية (وزيرة خارجية إسواتيني)    افتتاح أول خط جوي مباشر بين مونتريال وأكادير ابتداء من يونيو 2026    إيداع مالكة حضانة ومربية السجن على خلفية وفاة رضيعة بطنجة    الركراكي يكشف عن لائحة الأسود لمواجهة الموزمبيق وأوغندة في 6 نونبر القادم    مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم بشأن المجلس الإداري للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي    حادثة حضانة طنجة.. صرخة لإصلاح قطاع التعليم الأولي وضمان سلامة الأطفال    تقرير حكومي يعلن اكتشافات "مشجعة" للذهب في الصحراء    "المطاحن" تبدي الاستعداد لكشف حقيقة "التلاعبات في الدقيق المدعم"    علي بوعبيد ينتقد استمرار تولي وزير داخلية تكنوقراطي بلا شرعية انتخابية اعداد القوانين الانتخابية    إيقاف أنشطة ميناء العرائش بسبب سوء الأحوال الجوية    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات في مناصب عليا    الحكومة تُلقي ب"كرة التحقيق" حول "الدقيق والورق" في ملعب النيابة العامة    حصيلة متقدمة لبرامج دعم التعليم    سرقة متحف اللوفر.. توقيف خمسة مشتبه بهم جدد وفق المدعية العامة بباريس    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بلاوي يدعو إلى تفعيل العقوبات البديلة    وفاة نجم" ذا فويس" بهاء خليل عن 28 عاما    الرباط تستعد لاحتضان الدورة 30 للمهرجان الدولي لسينما المؤلف    مرسيليا يعلن أن لاعبه المغربي بلال نذير "في صحة جيدة" بعد حادث سقوطه    تصويت فرنسي ضد اتفاقية مع الجزائر    تقتيل واغتصاب وتهجير.. هيئة مغربية تدين ما يتعرض له السودانيون من مآس مروعة    الصين تحدّد 31 أكتوبر موعداً لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-21"    غيث نافع يعم عدة مدن مغربية وشفشاون في الصدارة    بعثة المنتخب الوطني لأقل من 17 سنة تحل بالدوحة استعداداً للمشاركة في نهائيات كأس العالم    أكثر من 300 كاتب وأكاديمي يقاطعون "نيويورك تايمز" لانحيازها ضد فلسطين    مقتل شخص في توغل إسرائيلي بجنوب لبنان والرئيس عون يطلب من الجيش التصدي    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي بفارق كبير عن الآخرين    تيزنيت : التعاون الوطني ينظم نهائي البطولة الوطنية الرياضية 49 للمؤسسات والمراكز الاجتماعية بالإقليم    فادلو: الشهب الاصطناعية أفسدت إيقاع الديربي أمام الوداد    ترامب يعلن تخفيض "رسوم الصين"    فيلمان مغربيان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان بروكسيل للفيلم    قطاعات ‬الماء ‬والطاقات ‬الخضراء ‬ضمن ‬أولويات ‬مشروع ‬القانون ‬المالي ‬الجديد    اتفاقية ‬استثمارية ‬بين ‬المملكة ‬ومجموعة ‬رونو ‬المغرب    شي جينبينغ: يمكن للصين والولايات المتحدة تحمل المسؤولية بشكل مشترك كدولتين كبيرتين، والعمل معا على إنجاز مزيد من الأعمال الهامة والعملية والمفيدة    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أعوان السلطة... رئة وزارة الداخلية
نشر في الوجدية يوم 28 - 04 - 2011

الباحث في السوسيولوجيا قال إنهم يستعينون في احتجاجاتهم بالثورة الرقمية والبوعزيزية للمطالبة بحقوقهم
اعتبر الهادي الهروي، دكتور في علم الاجتماع، أن الاحتجاجات والانتفاضات والثورات والإضرابات أفعال اجتماعية شهدتها كل المجتمعات المتخلفة والمتقدمة قديما وحديثا. وأن المجتمع المغربي بدوره، عاش فترات كثيرة من تاريخه الحديث والمعاصر، على وقع انتفاضات وثورات عارمة همت المدن والقرى، كما شهد احتدام صراعات قبلية دامية وفتن مشتعلة حول الموارد الغذائية أو إذا ازدادت الضغوط المختلفة وتفاقمت السلط المتنوعة وعلى رأسها سلطة المخزنبطابعه الجبائي والعسكري وبآلياته وامتداداتها من باشوات وقواد وشيوخ ومقدمين وهم ما يسمى أعوان السلطة.
قال الهادي الهروي، الخبير في الشؤوون الاجتماعية والأنتروبولوجيا، إن أعوان السلطة في التنظيم المخزني كانوا ممثلين للقبائل والمدن ويمارسون مسؤوليات اقتصادية كإشرافهم على أراضي الجماعة والغابات والمراعي وتوزيع الماء وتسيير الأسواق، ومهاما سياسية وقضائية وقانونية وجنحية وجبائية، كما كانت لهم أدوار اجتماعية تتجلى في تقديم الخدمات للفقراء والأيتام والأرامل وإطعام الغرباء والمسافرين، ومهام ثقافية كإيواء الطلبة والاعتناء بالزوايا والمدارس القرآنية.
وذهب الهروي في لقاء مع الصباح إلى أنهم كانوا ينتقون من أبناء الأعيان والعائلات المخزنية الميسورة ويخضعون لتراتب إداري وسلطوي عتيق، ولم يكن لهم راتب أو أجر ثابت بل كانوا يتقاضون نسبا مئوية من مدا خيل الجبايات والضرائب وكانت تتحدد، حسب بعض الدراسات، في (4 في المائة )، تقسم بين خليفة القائد والشيوخ والمقدمين. وتساءل الهروي هل تغير الوضع السوسيومهني والمادي والمعنوي لهذه الفئة ، أم لا زال على حاله؟
لكنه أجاب أن المقدمين والشيوخ في مجتمعنا المعاصر مازالوا يؤدون أدوارا اجتماعية وسياسية وثقافية هامة، وأهميتهم تكبر وتتسع باتساع الأحداث والمستجدات المفروضة على وزارة الداخلية، مما يجعل مهمتهم السياسية تتصدر كل المهام الأخرى، الشيء الذي جعلهم يوصفون بعيون الدولة أو السلطة التي تراقب كل شيء. فمهنتهم، حسب المتحدث نفسه متميزة عن باقي المهن العمومية لأنها تبتدئ من المهام البسيطة إلى المهام الصعبة والمعقدة ودورهم ضروري في المجتمع المغربي لأنه مجتمع مركب ومتعدد الإثنيات والثقافات والإيديولوجيات والنعرات ويتطلب جهازا استخباراتيا ينفذ إلى البنيات الميكروسوسيولوجية للمجتمع، مما يجعل منهم الرئة التي تتنفس بها وزارة الداخلية.
ويرى الهادي أن أعوان السلطة هم الفئة التي تسهر على الاستقرار السياسي والاجتماعي وعلى أمن المواطنين وحماية ممتلكاتهم من الضياع والنهب والسرقة، والتدخل لفك النزاع بين السكان والجيران، الشيء الذي يجعلهم محترمين ومتميزين بقيم المحبة والود وحسن التعامل مع سكان أحيائهم وقراهم ، لكن طبيعة مهنتهم تجعلهم لا يدخرون جهدا للتبليغ عنهم في حالة أبسط المخالفات. كما يقحمون أنفسهم في كل صغيرة وكبيرة، فيبدون محللين نفسانيين ومثقفين ومرشدين اجتماعيين وخبراء سميائيين ولسانيين بارعين في علوم تحليل الخطابات الدينية والسياسية ومطلعين على أشكال التنظيمات والجمعيات وأقوال الصحف ... وبذلك فهم يقومون بخدمة تتجاوز طاقاتهم وإمكانياتهم وأدوارهم.
ورغم تراكم المهام وكثرتها ومخاطرها التي قد تصل في بعض الأحيان إلى التهديد بالتصفية والقتل وكذا التضحيات التي يؤدونها استجابة للواجب الوطني ومنها التضحية بالعطل الأسبوعية والسنوية والأعياد الدينية والوطنية، فإنهم يعانون من ازدواجية التهميش: الأول تهميش إداري ويتجلى في هزالة الأجر الذي لا يفي بالحاجيات الضرورية للحياة ولا يلبي شروط الأمن البنيوي للأسرة(1824 درهما)، والثاني غياب قانون أساسي ينظم ويحمي حقوق هذه الفئة من موظفي وزارة الداخلية . والثالث حظر حقهم في الانتماء الحزبي والنقابي والمطالبة بحقوقهم المشروعة. والرابع الحيف الذي يلحقه بهم الفصل الثالث من قرار التعيين والقاضي بإعفائهم من مهامهم في أي وقت وحين دون أي تعويض عن ذلك. والخامس الخضوع التام للتراتب الإداري وإكراهات سلطة القواد، إضافة إلى التهميش المجتمعي، ويتجلى في الاستهزاء والاحتقار الذي يتعرضون إليه من طرف بعض السكان، ثم شعورهم بالحرمان والإقصاء المادي والمعنوي
إن هذه الوضعية التهميشية، هي ما دفعت أعوان السلطة إلى تكوين منسقية والمطالبة بجملة من المطالب الرامية إلى تحسين وضعيتهم المادية والمعنوية من زيادة في الأجور، وتحديد المهام والتعويض على الساعات الإضافية ومحاربة السلوك البيروقراطي والاستبدادي الممارس عليهم من طرف رؤسائهم وإصدار قانون أساسي لحمايتهم وتمتيعهم بحقوقهم في الراحة والعطل والتعويض عن مخاطر المهنة .
واعتبر الهادي أن استغلال أعوان السلطة ذلك ، جاء على غرار باقي القطاعات والإدارات المحتجة حاليا، في إطار الحراك الاجتماعي والسياسي العربي وهامش الحريات الذي سمحت به الثورتان: الثورة البوعزيزية التي يرجع لها الفضل في انتفاضة الشعوب العربية على حكامها المستبدين، و ثورة “الأنفوميديا” ، و”التكنولوجيا الرقمية التي سمحت بتكوين أحزاب ونقابات افتراضية عبر التويتر واليوتوب والفايسبوك، وهي الآلية التي استعملها أعوان السلطة مؤخرا لتوجيه خطاب للملك يخبر بوضعيتهم، ويلتمسون به تحسين أوضاعهم المهنية والاجتماعية..
وأضاف أنه رغم أهميتهم ودورهم في المحافظة على الأمن والاستقرار المجتمعي والسياسي وخدمة سكان الأحياء والقرى الخاضعة لنفوذهم، فإن الرؤية النمطية والأحكام التي لازالت تكونها بعض شبكات المجتمع على هذه الفئة رؤية وأحكام مسبقة، مصدرها أمرين: طبيعة الدولة التي لا زالت تحافظ على آليات التسيير الإداري العتيق والقيم المستهجنة، اجتماعيا ووطنيا، التي تطبع ممارسات وسلوك الكثير من أعوان السلطة. وهذا النمط من السلوك والممارسة، هو ما أدى بحركة 20 فبراير في مسيرة الدار البيضاء يوم 20 مارس إلى رفع شعار من بين شعاراتها : “بلا شيخ بلا مقدم، المغرب غادي إتقدم”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.