يعد الجراد الصحراوي من أخطر الآفات الزراعية التي تهدد الأمن الغذائي والاقتصاد في المناطق القاحلة وشبه القاحلة، نظرا لقدرته الفائقة على التكاثر السريع والتنقل لمسافات طويلة. وتعتبر هذه الظاهرة تحديا بيئيا كبيرا يستدعي استراتيجيات فعالة ومستدامة لمكافحته والحد من آثاره. يؤكد الخبير البيئي مصطفى بنرامل، رئيس جمعية المنارات الإيكولوجية، أن التغيرات المناخية وتوافر الظروف البيئية المناسبة من العوامل الأساسية التي تسهم في انتشار الجراد الصحراوي، حيث يؤدي هطول الأمطار الغزيرة إلى توفير بيئة خصبة لتكاثره بينما تساعد الرياح في نقله إلى مساحات شاسعة، مما يزيد من تعقيد جهود المكافحة. كما أن استخدام المبيدات الكيميائية رغم فاعليتها، يطرح إشكالات بيئية وصحية نظرًا لتأثيرها على التوازن البيئي والكائنات غير المستهدفة. ويشير بنرامل إلى أن استراتيجيات مكافحة الجراد تعتمد على عدة محاور، أبرزها المكافحة الكيميائية التي تتطلب مراقبة دقيقة للحد من الأضرار البيئية، والمكافحة البيولوجية التي تعتمد على الفطريات والبكتيريا الطبيعية كبديل أكثر استدامة. كما أن تطوير أنظمة الإنذار المبكر باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد وصور الأقمار الصناعية يمثل خطوة مهمة في التنبؤ بمواسم تكاثر الجراد ورصد تحركاته، مما يسهل التدخل السريع والفعال. ويرى بنرامل أن التعاون الإقليمي والدولي عنصر أساسي في الحد من أضرار الجراد الصحراوي، نظرًا لطبيعته العابرة للحدود، حيث تلعب منظمات دولية مثل منظمة الأغذية والزراعة (FAO) دورًا محوريًا في تنسيق الجهود بين الدول المتضررة، وتقديم الدعم الفني واللوجستي لتعزيز فعالية خطط المكافحة. ويشدد بنرامل على ضرورة تبني مقاربة شاملة لمكافحة الجراد الصحراوي، تشمل تطوير تقنيات حديثة وتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية الرصد المبكر والإبلاغ عن بؤر التفشي، مع إشراك المزارعين في جهود المكافحة. ومع التطورات التكنولوجية المتسارعة، بات من الممكن تقليل تأثير الجراد الصحراوي وضمان استدامة الإنتاج الزراعي، مما يسهم في تعزيز الأمن الغذائي وحماية الاقتصاد الزراعي في المناطق المهددة بهذه الآفة.