أبدت أسرة أيقونة الطرب العربي، أم كلثوم، استياءها الشديد من موجة جديدة من المقاطع المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر الفنانة الراحلة وهي تؤدي أغنية "البخت" لمغني الراب المصري ويجز، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تقوم بمحاكاة الأصوات البشرية بدقة مذهلة. ورغم الإبهار التكنولوجي الذي تثيره هذه التقنيات، إلا أن الأسرة اعتبرت ما يحدث "تشويهاً متعمدا لإرث فني أصيل" ومحاولة ل"سلب أم كلثوم هويتها الفنية التي شكّلت جزءاً من الذاكرة الجمعية للعالم العربي". وقالت الأسرة في بيان توضيحي إن هذا النوع من التلاعب الرقمي لا يمثل فقط انتهاكاً أخلاقياً لحرمة فنانة راحلة، بل يطرح إشكالاً قانونياً يتطلب تدخلاً عاجلاً من الجهات المختصة، معتبرة أن محاكاة صوت أم كلثوم لأداء أغانٍ حديثة، تنتمي إلى أنماط موسيقية مختلفة جذريًا عن لونها الغنائي الكلاسيكي، يُعد "طمساً لمعالم شخصية فنية تشكلت عبر عقود من الالتزام الفني والتميز الثقافي". وقد أثار الفيديو المفبرك الذي انتشر على نطاق واسع حالة من الجدل الحاد في الأوساط الفنية والثقافية، حيث يرى كثيرون أن هذا النوع من "إحياء الأصوات" دون إذن من أصحاب الحقوق يمثل تهديدا خطيرا للملكية الفكرية والخصوصية الفنية، حتى بعد وفاة الفنان. وتأتي هذه الواقعة في سياق عالمي متصاعد من الجدل حول استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقليد أصوات مشاهير الغناء، مثلما حدث مع فنانين عالميين كإلفيس بريسلي ومايكل جاكسون، ما دفع بعدد من الدول، بينها فرنسا والولايات المتحدة، إلى طرح قوانين لحماية "الهوية الصوتية" كجزء من الحقوق الفنية الشخصية. من جهتها، دعت أسرة أم كلثوم إلى ضرورة سن تشريعات واضحة تُجرّم استخدام الذكاء الاصطناعي في إعادة إنتاج صوت الفنانين من دون موافقة ورثتهم أو الجهات المالكة للحقوق. يذكر أن أم كلثوم، التي تعد من أبرز الأصوات في تاريخ الموسيقى العربية، تركت رصيدا ضخما من الأعمال التي شكلت مدرسة قائمة بذاتها في الغناء الشرقي، مما جعل صوتها محط تقدير عالمي، وموضوعا لمئات الدراسات الفنية والأكاديمية. ورغم رحيلها قبل ما يقارب خمسة عقود، إلا أن حضورها لا يزال طاغيا في وجدان الأجيال، وهو ما يجعل العبث بصوتها، حتى بتقنيات متطورة، ضربا من المساس بالرمزية الفنية والثقافية.