بوزنيقة تستقبل زوار الصيف بالأزبال.. ومطالب للداخلية بصفقة النظافة    "أسبوع القفطان" يكشف المستجدات    البعوض يسرح ويمرح في طنجة.. والجماعة تبحث عن بخّاخ مفقود!    النظام الجزائري يمنع أساتذة التاريخ من التصريح للإعلام الأجنبي دون إذن مسبق: الخوف من الماضي؟    المسؤول الأول في وكالة التنمية الفرنسية في زيارة ميدانية لمدن الصحراء المغربية    أسود الأطلس... فخر المغرب الذي لم ينقرض بعد    افتتاح فعاليات المعرض الدولي السابع والعشرون للتكنولوجيا المتقدمة في بكين    الزفزافي يلتقي والده خارج أسوار السجن    "فيفا" يرفع عدد المنتخبات المشاركة في كأس العالم للسيدات إلى 48 منتخبا ابتداء من 2031    الملك محمد السادس يهنئ البابا الجديد: المغرب والكرسي البابوي شريكان في بناء السلام العالمي    تنويه حقوقي وشعبي بمبادرة السماح للزفزافي لعيادة والده    الأمن يوقف قاصراً قادما من الشمال بحوزته 90 صفيحة حشيش ويطيح ببارون مخدرات    تحليل اقتصادي: لماذا تستثمر الصين مليارات الدولارات في المصانع المغربية؟    أخنوش يصدر منشورا لتفعيل الاتفاقات الاجتماعية والحث على انتظام الحوارات القطاعية    النجم المصري محمد صلاح يتوج بجائزة لاعب العام في الدوري الإنجليزي للمرة الثالثة في مسيرته    الحرب في كاشمير: من المستفيد الأول؟    إسرائيل ألقت 100 ألف طن متفجرات وأبادت 2200 عائلة وارتكبت نحو 12 ألف مجزرة في غزة    تطورات فاجعة فاس.. الحصيلة ترتفع وخمسة ضحايا من أسرة واحدة    رئيس موريتانيا يستقبل راشيد العلمي    ليبيريا تسعى للاستفادة من تجربة ميناء طنجة المتوسط    مع اقتراب الصيف.. وكالة تحذر من السباحة في سدود جهة طنجة تطوان الحسيمة    لطيفة رأفت تدخل على خط قضية "إسكوبار الصحراء".. والناصري يواجه اتهامات بالوثائق    إنذار صحي في الأندلس بسبب بوحمرون.. وحالات واردة من المغرب تثير القلق    تراجع عجز السيولة البنكية ب 9,28 في المائة من 1 إلى 7 ماي    ضواحي طنجة.. رجل أعمال أجنبي يحصل على 2 مليار سنتيم لمفرخة أسماك لم ترَ النور    مجموعة برلمانية تدعو إلى بلورة استراتيجية وطنية شاملة ومندمجة خاصة بالذكاء الاصطناعي    نواكشوط: المنتدى البرلماني الاقتصادي الموريتاني المغربي ينطلق برؤية تكاملية وتنموية جديدة    علاء اللامي يكتب: ردا على المقولة المتهافتة «فوز مرشح ترامب» لباباوية الفاتيكان    تنفيذا للتعليمات الملكية السامية.. لوديي يستقبل وزير الدفاع بجمهورية كوت ديفوار    السعودية تشارك في معرض الدوحة للكتاب ب 10 آلاف إصدار دعوي وتوعوي    باير ليفركوزن يعلن رحيل تشابي ألونسو نهاية الموسم    الصويرة تحتضن الدورة الثالثة من المعرض الوطني للنزعة الخطوطية    بعد تتويجه بجائزة أحسن ممثل.. البخاري: المسار مستمر رغم المكائد    ألونسو يعلن الرحيل عن ليفركوزن بعد موسم تاريخي بلا هزيمة    مهرجان ربيع الشعر الدولي بآسفي في دورته الثالثة يكرم محمد الأشعري    ندوة وطنية تكريما لسعيد حجي: المثقف والوطني    "انبعاثات" تضيء ليالي مهرجان فاس    أسرة أم كلثوم تستنكر استخدام الذكاء الاصطناعي لتشويه صوت "كوكب الشرق"    كوسومار تستهدف 600 ألف طن سكر    نصف قرن في محبة الموسيقار عبد الوهاب الدكالي..    أجواء معتدلة غدا السبت والحرارة تلامس 30 درجة في عدد من المدن    بدء منتدى برلماني موريتاني مغربي    سباق اللقب يشتعل في الكامب نو والكلاسيكو يحدد ملامح بطل الليغا    حكيم زياش يتصدر العناوين في قطر قبل نهائي الكأس    مباحثات حول هدنة في غزة جرت هذا الأسبوع مع الوسطاء    البطولة الاحترافية.. الجيش الملكي يتشبث بمركز الوصافة المؤهل إلى دوري أبطال إفريقيا    الذهب يصعد وسط عمليات شراء وترقب محادثات التجارة بين أمريكا والصين    "مؤثِّرات بلا حدود".. من نشر الخصومات الأسرية إلى الترويج للوهم تحت غطاء الشهرة!    عملة "البيتكوين" المشفرة تنتعش وسط العواصف الاقتصادية العالمية    عامل إقليم الدريوش يترأس حفل توديع حجاج وحاجات الإقليم الميامين    لقاح ثوري للأنفلونزا من علماء الصين: حماية شاملة بدون إبر    الصين توقف استيراد الدواجن من المغرب بعد رصد تفشي مرض نيوكاسل    لهذا السبب .. الأقراص الفوّارة غير مناسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم    تشتت الانتباه لدى الأطفال…يستوجب وعيا وتشخيصا مبكرا    إرشادات طبية تقدمها الممرضة عربية بن الصغير في حفل توديع حجاج الناظور    كلمة وزير الصحة في حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل اقتصادي: لماذا تستثمر الصين مليارات الدولارات في المصانع المغربية؟
نشر في لكم يوم 09 - 05 - 2025

في تحول استراتيجي غير مسبوق في مسار التجارة العالمية، تسعى الصين إلى تعزيز نفوذها الصناعي في المغرب من خلال استثمارات ضخمة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وذلك وفقا لما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير مفصل للصحفية باتريشيا كوهين، المتخصصة في شؤون التجارة العالمية. وتُظهر هذه الاستثمارات الصينية المكثفة كيف أصبح المغرب، الذي يشكل اليوم أكبر مركز لصناعة السيارات في إفريقيا، بمثابة نقطة عبور حيوية للشركات الصينية نحو الأسواق الأوروبية، خصوصا في ظل تصاعد التوترات التجارية بين بكين وواشنطن، وبينها وبين بروكسل.
منذ نونبر الماضي، عقب مشاركته في قمة مجموعة العشرين بالبرازيل، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بزيارة قصيرة إلى مدينة الدار البيضاء، حيث استقبله ولي العهد المغربي الأمير مولاي الحسن، في استقبال تقليدي تميز بتقديم الحليب والتمر كرمز للضيافة المغربية. الزيارة، رغم قصرها، حملت رسائل قوية حول طبيعة الشراكة الاقتصادية المتنامية بين البلدين، والتي باتت تأخذ منحى أكثر عمقا واستراتيجية، خصوصا في قطاعات السيارات والطاقة والبطاريات الكهربائية.

ووفق تقديرات أوردتها "نيويورك تايمز"، فقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في قطاع السيارات والطاقة بالمغرب حاجز 10 مليارات دولار، مع انخراط عشرات الشركات الصينية في مشاريع صناعية متقدمة، من بينها شركة "غوشن هاي-تك" المتخصصة في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية. وتندرج هذه الخطوة في إطار سعي الشركات الصينية إلى تفادي الرسوم الجمركية المشددة المفروضة من طرف الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، مستفيدة من اتفاقيات التجارة الحرة التي تجمع المغرب بالاتحاد الأوروبي.
هذا الوضع الجديد للمغرب ك "دولة واصلة" (connector country) بين الأسواق الكبرى، يضعه في موقع بالغ الحساسية، وفق تعبير الصحيفة الأمريكية، إذ يتوجب عليه الحفاظ على علاقات متوازنة مع كل من الصين والغرب، دون إثارة غضب أي من الطرفين. غير أن هذه المعادلة أصبحت أكثر صعوبة في ظل السياسة التجارية العدوانية التي يتبعها الرئيس الأمريكي السابق والحالي دونالد ترامب، والتي أطاحت بعديد من أركان النظام التجاري العالمي الذي كان قائما.
وقد شكل المغرب، بفضل موقعه الجغرافي وقربه من أوروبا، بيئة جذابة للشركات الصينية، التي تسعى إلى توسيع نفوذها في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والقيادة الذاتية، والبرمجيات الترفيهية، وفق ما أكدته الصحيفة. فبحسب ما نقله التقرير عن الخبير الاقتصادي ألكسندر كاتب، مؤسس منصة "تقرير التعددية القطبية" للاستشارات الاستراتيجية، فإن بكين تسعى إلى الاستفادة من "الميزات الاستثنائية التي يوفرها المغرب"، والتي تشمل بنية تحتية متقدمة للنقل، وموانئ ضخمة مثل ميناء طنجة المتوسط، واحتياطات هائلة من الفوسفات، فضلا عن جهود البلاد للتحول إلى الطاقات النظيفة.
وتشير "نيويورك تايمز" إلى أن المغرب أصبح في عام 2023 أكبر مصدر للسيارات إلى الاتحاد الأوروبي، متجاوزا كلا من الصين واليابان والهند، وفق بيانات مجلة أوتو وورلد جورنال. وقد كانت شركات كبرى مثل "رينو" الفرنسية و"ستيلانتيس" الأمريكية، التي تمتلك علامات مثل "جيب" و"كرايسلر"، رائدة في هذا التوسع الصناعي، مستفيدة من انخفاض تكاليف العمالة والطاقة مقارنة بأوروبا.
وبالنسبة للشركات الصينية، فإن المغرب يمثل الآن ذات الدور الذي لعبته المكسيك سابقا في الالتفاف على الرسوم الجمركية الأمريكية. ويؤكد أحمد عبودو، الباحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة تشاتام هاوس البريطانية، أن المغرب بات "قاعدة محتملة للصادرات الصينية نحو أوروبا"، مشيرا إلى أن الوضع الجيوسياسي الحالي يزيد من صعوبة هذه المناورة.
ففي الوقت الذي تطمح فيه الرباط إلى تعزيز علاقاتها مع بكين، إلا أنها تدرك المخاطر التي قد تترتب على ذلك، خاصة في ظل إدارة ترامب التي أظهرت استعدادا للضغط على حلفاء الصين من خلال فرض رسوم جمركية عقابية، بلغت في بعض الحالات 145 بالمائة، كما تقول "نيويورك تايمز". ويضيف عبودو أن المغرب "لن يفتح ذراعيه للصين على حساب علاقاته مع أوروبا والولايات المتحدة".
ولا يغيب عن المشهد البُعد السياسي المرتبط بقضية الصحراء الغربية، إذ أن اعتراف ترامب بسيادة المغرب على الإقليم عام 2020، مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، يمثل مكسبا استراتيجيا لا ترغب الرباط في التفريط فيه. كما أن المغرب، الذي يرتبط باتفاقية للتبادل الحر مع الولايات المتحدة منذ أكثر من 20 سنة، يشارك في تدريبات عسكرية مع الناتو، ويتعاون استخباراتيا مع واشنطن في قضايا مكافحة الإرهاب، ويسعى حاليا لاقتناء مقاتلات "F-35" الأمريكية، وفق ما ورد في التقرير.
ومع ذلك، لم يسلم المغرب من سياسة "الضريبة الشاملة" التي فرضها ترامب على كل الواردات بنسبة 10 بالمائة، رغم أنه لم يتعرض للعقوبات الأشد كما هو الحال مع دول مثل فيتنام وتايلاند والمكسيك.
ويشهد المغرب اليوم تصاعدا في الإنتاج الصناعي المرتبط بالصين، ما قد يجلب انتباه واشنطن مجددا. فوفقا للتقرير، بدأت شركة صينية لإنتاج مكونات البطاريات عملياتها في يناير الماضي في ميناء الجرف الأصفر، ضمن مشروع مشترك بقيمة ملياري دولار وُقّع سنة 2023. كما افتتحت شركة "سنتوري" الصينية لصناعة الإطارات مصنعا جديدا في مدينة "طنجة تيك" في أكتوبر، وهي منطقة صناعية تهدف إلى استقطاب أكثر من 200 شركة صينية.
وفي تطور لافت، أعلنت شركة "غوشن" الصيف الماضي عن خطة لبناء أول "جيغا فاكتوري" للبطاريات في إفريقيا، باستثمار أولي يصل إلى 1.3 مليار دولار، وقد يصل لاحقا إلى 6.5 مليار دولار، وفق ما أعلنته الحكومة المغربية.
وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالقول إن المغرب يتبع "استراتيجية التوازن" بين الصين والولايات المتحدة منذ فترة طويلة. ويبدو أن إدارة بايدن كانت متسامحة نسبيا مع الاستثمارات الصينية في المملكة، لكن مع عودة ترامب وسياساته التجارية المتشددة، فإن المجال المتاح لهذا التوازن قد يضيق، مما قد يدفع الرباط إلى اتخاذ خطوات أكثر حذرا في علاقاتها الاقتصادية المستقبلية مع بكين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.