تشتت الانتباه لدى الأطفال لم يعد سلوكا عابرا، بل يصنف ضمن أبرز التحديات النمائية التي تهدد التوازن الدراسي والنفسي للطفل، وفق ما أكدته نوال الفرجي، المستشارة التربوية، في تصريح ل "رسالة 24". وتوضح الفرجي أن هذا الاضطراب يظهر من خلال صعوبة الطفل في التركيز على نشاط واحد لفترة مناسبة لعمره، إلى جانب الشرود الذهني المتكرر والنسيان والتنقل السريع بين المهام دون إتمامها، مشيرة إلى أن بعض الحالات ترتبط باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD)، فيما يعزى البعض الآخر إلى ظروف بيئية ونفسية مختلفة. وترى المتحدثة أن من أبرز العوامل المؤثرة في هذه الحالة النفسية وجود توتر داخل الأسرة، أو شعور الطفل بعدم الأمان، أو تعرضه للتنمر، إلى جانب قلة النوم. كما أن الإفراط في استخدام الشاشات الرقمية يؤثر سلبا على القدرات الذهنية، وهو ما أكدته دراسات حديثة. وتلفت الفرجي إلى أهمية التغذية السليمة، موضحة أن نقص بعض العناصر مثل الحديد والزنك وأوميغا 3 ينعكس مباشرة على أداء الدماغ. وشددت على ضرورة التشخيص المبكر للحالة، مع اعتماد مقاربة متعددة الأبعاد تشمل العلاج السلوكي والدعم الدوائي عند الحاجة، تحت إشراف مختصين. كما دعت إلى توفير بيئة داعمة داخل الأسرة والمدرسة، تقوم على تقليل المشتتات وتنظيم الروتين وتحفيز الطفل بطريقة إيجابية. وخلصت نوال الفرجي إلى أن تشتت الانتباه ليس قدرًا محتوما، بل حالة يمكن تجاوزها من خلال الوعي المجتمعي والتربوي، معتبرة أن كل طفل يحتاج إلى احتواء حقيقي يمكنه من تحقيق توازنه ونموه في بيئة تُنصت له وتؤمن بقدراته. وفي هذا السياق، أظهرت دراسة حديثة نشرت في المجلة الأمريكية للصحة العامة أن قضاء الأطفال وقتا في البيئات الطبيعية، مثل الحدائق والمساحات الخضراء يمكن أن يقلل من أعراض تشتت الانتباه وفرط الحركة. وأشارت الدراسة إلى أن الأطفال الذين يمضون وقتا في الهواء الطلق يظهرون تحسنا في التركيز والسلوك مقارنة بأقرانهم الذين يقضون وقتا أطول في البيئات المغلقة.