دخلت شركتا "Getech Group" و"Sound Energy" البريطانيتان في شراكة استراتيجية بالمغرب من خلال تأسيس شركة جديدة تحمل اسم "HyMaroc Limited"، لتكون أول مبادرة من نوعها مخصصة لاستكشاف واستغلال الهيدروجين الطبيعي الأبيض والهيليوم في المملكة، في وقت يتزايد فيه الرهان العالمي على الطاقات النظيفة منخفضة التكلفة. وتأتي هذه الخطوة، وفقا لبيان مشترك صادر عن الشركتين عبر بورصة لندن، تتويجا لمرحلة أولى من الدراسات التقنية التمهيدية التي كشفت عن وجود مؤشرات واعدة على توفر هذه الموارد الجيولوجية النادرة في مناطق معينة داخل التراب المغربي. وتستعد "HyMaroc Limited"، المؤسسة وفق القوانين المغربية، للشروع في تنفيذ دراسات ميدانية أكثر دقة تشمل عمليات مسح جيوفيزيائي متقدم، ستحدد بناء عليها مواقع الحفر الاستكشافي المحتملة. ويعد هذا المشروع امتدادا لطموحات المغرب الرامية إلى تنويع مصادره الطاقية وتقليل الاعتماد على الواردات، تماشيا مع أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي التي تسعى إلى رفع حصة الطاقات المتجددة إلى أكثر من 52 بالمئة من المزيج الطاقي في أفق 2030. ويرتقب أن يعزز هذا الاستثمار البريطاني الجديد من جاذبية المغرب كمحور إقليمي رائد في مجال الطاقات البديلة، خاصة وأن الهيدروجين الأبيض لا يتطلب عمليات صناعية معقدة لاستخراجه، ما يجعله أحد أقل أنواع الهيدروجين تكلفة على الإطلاق، بمتوسط إنتاج يناهز دولارا واحدا للكيلوغرام. وفي السياق ذاته، يشكل الهيليوم مادة حيوية تستخدم في مجموعة من الصناعات الدقيقة، أبرزها الأجهزة الطبية كأجهزة الرنين المغناطيسي، وتكنولوجيا الاتصالات الفضائية، وأنظمة التبريد العميق، والصناعات الدفاعية. ونظرا لندرته عالميا فإن أي اكتشاف تجاري لمكامن الهيليوم بالمغرب سيسجل قفزة استراتيجية في موقع المملكة على خريطة المعادن والغازات عالية القيمة. وتتزامن هذه المبادرة مع تزايد اهتمام المستثمرين الدوليين بالمغرب كوجهة واعدة للاستثمار في الطاقات الخضراء، خاصة بعد توقيع المملكة لعدة اتفاقيات دولية في مجالات الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء، واستضافة مشاريع ضخمة في الجنوب والشرق، مما يؤشر إلى تحول المغرب من مستورد صافٍللطاقة إلى منتج ومصدر استراتيجي في الأسواق الأوروبية والإفريقية. وتمثل شركة "HyMaroc Limited" نموذجا للتعاون الدولي في مجال التكنولوجيا النظيفة، وقد تكون مقدمة لمرحلة جديدة تفتح آفاقا اقتصادية وجيولوجية واسعة، ليس فقط على مستوى التنقيب، بل أيضا في خلق فرص شغل مؤهلة وتعزيز البحث العلمي وتطوير سلاسل صناعية محلية مرتبطة بالهيدروجين والهيليوم. وينتظر أن تكشف الدراسات التفصيلية خلال الأشهر المقبلة عن مدى توفر هذه الموارد على نطاق تجاري، وهو ما قد يعزز موقع المغرب ضمن الدول الصاعدة في اقتصاد الهيدروجين الطبيعي، الذي يزداد الإقبال عليه باعتباره حلا مثاليا للتخزين الطاقي والنقل المستدام منخفض الانبعاثات.