أكد وزير الشباب والثقافة والتواصل، المهدي بنسعيد، أن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية يمثل "جريمة منظمة" تستهدف الموروث الثقافي الإنساني، مشددًا على أن هذا النوع من الجرائم يتجاوز البعد الاقتصادي ليمس عمق الهوية الجماعية للشعوب ويقوض جهود التنمية المستدامة. وجاءت تصريحات الوزير خلال مشاركته في لقاء دولي احتضنته الرباط، وخصص لمناقشة دور الجمارك في مكافحة تهريب الممتلكات الثقافية، بمشاركة عدد من المسؤولين القضائيين والدبلوماسيين، إلى جانب ممثلين عن منظمات دولية وخبراء في المجال. وأشار بنسعيد إلى أن المملكة المغربية، تحت قيادة الملك محمد السادس، أولت اهتمامًا خاصًا لحماية التراث الثقافي، معتبرا أن هذه الممتلكات ليست مجرد قطع أثرية، بل "شهادات حية على حضارات متعاقبة وكنوز لا تُقدّر بثمن". ولمواجهة هذا التهديد، أبرز الوزير أن المغرب اعتمد خطوات استباقية، من بينها تعزيز الإطار القانوني بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية، وتكثيف جهود الجرد والرقمنة، إلى جانب دخول قانون جديد لحماية التراث الثقافي حيز التنفيذ، بمقتضيات تروم الحد من الممارسات السلبية المرتبطة بهذا المجال. كما أشار بنسعيد إلى أن المملكة عملت على تقوية قدرات الأجهزة الأمنية والقضائية في التحقيق والملاحقة القضائية، مشيرًا إلى حالات سابقة تم فيها استرجاع ممتلكات ثقافية بتعاون مع دول مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية والشيلي. وعلى المستوى التوعوي، أكد الوزير أهمية إشراك المجتمع المدني والجمهور العام في حملات التحسيس بخطورة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، معتبرًا أن هذه الجريمة "تغذي الإرهاب والجريمة المنظمة"، وتستغل الصراعات والثغرات القانونية والتكنولوجية للنفاذ إلى التراث الثقافي ونهبه. ودعا بنسعيد في كلمته إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذه الآفة العابرة للحدود، من خلال تشديد الرقابة على الأسواق السوداء والمزادات الفنية، ودعم الدول المتضررة بالنزاعات، إلى جانب استغلال التقنيات الحديثة كالذكاء الاصطناعي وتقنية blockchain لتتبع وتوثيق الممتلكات الثقافية. وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن حماية التراث الثقافي "مسؤولية جماعية" واستثمار في المستقبل، قائلا: "لأن الأمم التي تفقد ذاكرتها، تفقد بوصلتها".