انتخاب عميد الشرطة الإقليمي ليلى الزوين نائبة لرئيس الفريق الدولي لخبراء الإنتربول في مجال الجرائم السيبرانية    طنجة المتوسط يزيح موانئ أوروبا من الصدارة ويصعد إلى المركز الثالث عالميا    تجار الأزمات.. جزارون يرفعون أسعار اللحوم الحمراء ل150 درهماً للكيلوغرام    جمهورية غانا تعتبر مخطط الحكم الذاتي الأساس الوحيد الواقعي والدائم لحل قضية الصحراء    أمير عبدو مدربًا جديدًا لحسنية أكادير    الحجاج يودعون "عرفات" متوجهين إلى مشعر مزدلفة        توقيف أزيد من 100 شخص متورط في الغش خلال امتحانات الباكالوريا 2025    ابن جرير تستضيف 1000 مشارك دولي في المناظرة الوطنية الخامسة للاقتصاد التضامني    احتجاجات تصعيدية لموظفي التعليم العالي رفضًا لتعطيل النظام الأساسي واستشراء الفساد    الناطق باسم الحكومة يستعرض جديد الاستعمال المؤمن لشهادة الباكالوريا    إغلاق رحبات الماشية يربك الجزارين    موجة حر تضرب أقاليم مغربية خلال العيد .. و"الأرصاد" تفسر تقلبات الطقس    ساحل المضيق-الفنيدق يستعد للصيف    رصد حالات إجهاد حراري بين الحجاج    بنوك المغرب… 9 يونيو يوم عطلة استثنائية بمناسبة عيد الأضحى    نشرة برتقالية تحذر من موجة حر تصل إلى 43 درجة يومي السبت والأحد    الفيتو الأمريكي ضد قرار «وقف النار» في غزة يثير الغضب في مجلس الأمن    الدبلوماسية الجزائرية في مأزق التضليل: صفعة رواندية تكشف هشاشة النظام العسكري    مجلس الحكومة يتابع عرضا حول معطيات ومستجدات امتحانات البكالوريا    استئنافية طنجة تؤيد الحكم الابتدائي بسنتين نافذتين في حق مناهض التطبيع رضوان القسطيط    العطش يحاصر عدة مناطق بقلعة السراغنة ومطالب للدولة بالتدخل وتأمين هذه المادة الحيوية    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    ماهي أسباب إعفاء الكاتب العام لوزارة النقل من طرف الوزير قيوح؟    معرض للفن التشكيلي والمنتجات المجالية بمولاي ادريس زرهون    مهرجان كازا ميوزيك يتافس بقوة موازين .. والجسمي يتألق في سماء الدار البيضاء    كرواتيا.. المغرب يفتتح شهر السينما والثقافة العربية بمدينة كارلوفاتس    أسماء لمنور تفوز بجائزة أفضل مطربة عربية في DAF BAMA بألمانيا    أي مغرب استعاد المغاربة؟    قرية طنجة الرياضية.. منشأة متكاملة تعزز البنية التحتية وتستعد لموعد كأس إفريقيا    توقعات إيجابية لقطاع البناء بالمغرب في الفصل الثاني من سنة 2025    دونالد ترامب يوقع قرارا يمنع دخول رعايا 12 دولة لأمريكا    مهرجان كناوة 2025 بالصويرة .. تلاق عالمي بين الإيقاعات والروح    دياز يؤكد غيابه عن مباراتي تونس والبنين ويعرب عن سعادته بتواجده مع اللاعبين رغم الإصابة    مقتل 4 صحافيين في قصف إسرائيلي    لقجع يزور معسكر الوداد الرياضي بمركز محمد السادس استعدادا لمونديال الأندية    غضب في مجلس الأمن بعد فيتو أمريكي ضد مشروع قرار لوقف النار في غزة    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    هبوط اضطراري لطائرة بعد إصابة ركاب في مطبات هوائية شديدة    يوميات حاج (6): الوقوف في عرفة .. لحظة كونية تتوق إليها الأرواح    أكثر من 1.6 مليون مسلم يتوافدون على عرفات لأداء ركن الحج الأعظم    قتل الكلاب والقطط الضالة بالرصاص والتسميم يخضع وزير الداخلية للمساءلة البرلمانية    بعد 5 سنوات.. الرجاء الرياضي يعلن عودة بانون إلى صفوفه    الهلال السعودي يعلن تعاقده مع المدرب الإيطالي إنزاغي بعد رحيله عن إنتر ميلان    سلطات الحسيمة تواصل حملات تحرير الملك العمومي بأهم شوارع المدينة    منتخب المغرب لأقل من 17 سنة للسيدات في مجموعة واحدة مع البرازيل وإيطاليا وكوستاريكا بمونديال 2025    المنتخب البرتغالي يبلغ نهائي دوري الأمم الأوروبية بفوز ثنائي على ألمانيا    المغرب يسرّع تعميم محطات شحن السيارات الكهربائية استعداداً لكأس العالم 2030    في يوم عرفات.. ضيوف الرحمن يتوافدون لأداء الركن الأعظم بخشوع وإيمان    بداية عهد جديد في تدبير حقوق المؤلف.. مجلس إداري بتمثيلية فنية ومهنية لأول مرة    مؤتمر علمي بالدوحة لاستنطاق الإعلام العالمي حول حرب غزة    ضوء النهار يعزز المناعة.. دراسة تكشف سر النشاط الصباحي للخلايا الدفاعية    خبراء في فاس يناقشون مصير الترجمة في عصر الذكاء الاصطناعي    موسم الحج.. منع تصوير ورفع الأعلام السياسية والمذهبية بالمشاعر المقدسة    دراسة: الإفراط في الأطعمة المصنعة قد يسرّع أعراض باركنسون    عندما يخرج النص عن النص! أو وقفة أمام امتحان إشهادي غير موفق    "الخرف الحيواني" يصيب الكلاب والقطط مع التقدم في العمر    الناظور.. نفاد حقنة تحمي الرضع من أمراض الرئة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.




نشر في طنجة 24 يوم 24 - 05 - 2025

في أزقة جانبية لا تبعد كثيرا عن المحاور التجارية وسط المدينة، تظهر ملامح تحوّل هادئ تقوده شابات من دول جنوب الصحراء داخل صالونات تجميل صغيرة، تزايد حضورها بشكل لافت في السنوات الأخيرة. خلف واجهات زجاجية بسيطة، تُقدَّم خدمات تصفيف الشعر والعناية بالبشرة وتركيب الأظافر، في أجواء تسودها الثقة والانفتاح، وتجمع زبائن من جنسيات مختلفة، بينهم مغاربة وأفارقة.
تتمركز هذه المحلات في شوارع جانبية غير بعيدة عن مناطق سكنية نشطة، حيث لا يمر وقت طويل حتى تُلمح شابة إفريقية تحمل لافتة مكتوبة بخط يدوي أنيق، تعرض من خلالها خدمات مختلفة ضمن العناية الشخصية. البعض يكتفي بابتسامة ترحيب، والبعض الآخر يفتح باب الحديث مع المارة بحثا عن زبائن جدد.
داخل أحد الصالونات، تبدو الأجواء بسيطة لكنها منظمة. مرآة كبيرة، طاولة خشبية تضم زيوتاً ومستحضرات طبيعية، ومقعدين مخصصين لتسريحات الشعر. هناك، تنهمك شابة في العشرينات في تصفيف شعر زبونة مغربية، بينما تتبادل معها أطراف الحديث بلغة دارجة سلسة تكشف عن اندماج متقدم في المجتمع المحلي.
تقول الزبونة، وهي طالبة جامعية في طنجة، "كنجي لهنا حيث الأسعار مناسبة والتعامل محترم، وبصراحة عندهم يد خفيفة، خصوصا في تسريحات الشعر المجعد". وتضيف وهي تبتسم "حتى الكومينيكاسيون سالسة، ما كاينش حواجز".
خدمات هذه الصالونات تركز أساسا على تسريحات الشعر الافريقية التي تحتاج دقة وزمنا طويلا، وتركيب الأظافر، ومساجات الوجه، بالإضافة إلى استعمال منتجات طبيعية تستهوي زبونات يبحثن عن بدائل للمستحضرات الصناعية. اللمسة الإفريقية حاضرة في كل تفصيلة، من طريقة الجلوس إلى نبرة الحديث، مرورا بالموسيقى التي تُسمع أحيانا في الخلفية.
"جيت لطنجة قبل ثلاث سنوات، وبديت خدامة مع وحدة أخرى فصالون صغير، ومن بعد جمعت شوية ديال الفلوس وفتحت هاد المحل" تقول ماري، وهي شابة من الكاميرون تدير صالونا صغيرا في المدينة. وتضيف بثقة "خدمتي كتعتمد على الثقة، ومع الوقت ولفت الزبونات المغاربة، وحتى الجيران كيبان عليهم الارتياح".
في المساء وعطلة نهاية الأسبوع، يتزايد الإقبال بشكل ملحوظ. الزبائن لا يقتصرون فقط على المهاجرات من إفريقيا، بل يشملون أيضا مغربيات، بعضهن يرتدن هذه الصالونات بانتظام. عاملات التجميل يتحدثن الدارجة بطلاقة، ويُظهرن حِرفية واضحة في أداء المهام.
صاحب محل لبيع المواد الغذائية قرب أحد الصالونات يقول "الناس ولفوهم، وكاين احترام وتعايش، ما عمرنا شفنا شي مشكل معاهم". ويضيف "اللي خدام كيتقبل، وهاد البنات خدامات وماشي عالات على شي حد".
بعض الصالونات تُدار من قبل سيدات في سن متقدمة، لكن الغالبية من شابات تتراوح أعمارهن بين العشرينات وبداية الثلاثينات. في الغالب، يعملن لحسابهن الخاص، أو ضمن مجموعات صغيرة تتقاسم الفضاء والتكاليف.
السلطات المحلية تغض الطرف في الغالب، ما دامت هذه الأنشطة لا تثير شكاوى أو خروقات علنية. ورغم أن بعض المحلات تفتقر إلى التراخيص الرسمية، إلا أن التفاعل المجتمعي حولها يُظهر نوعا من القبول والتسامح.
هذا الواقع لا يعكس فقط تحولا مهنيا، بل أيضا دينامية اندماج اجتماعي تدريجي. حضور هؤلاء النساء في النسيج الاقتصادي للمدينة يكشف عن قدرة طنجة على استيعاب موجات بشرية وافدة دون توتر، وتحويل الحاجة إلى فرصة.
في مدينة عُرفت تاريخيا بانفتاحها على الثقافات، أصبحت الصالونات الصغيرة التي تقودها نساء من إفريقيا جنوب الصحراء عنوانا جديدا لمغرب يتحرك في صمت، نحو صيغة أكثر مرونة في تركيبته الاجتماعية. هؤلاء النسوة لا ينتظرن الاعتراف، بل يفرضن وجودهن بالعمل اليومي، بالعناية الدقيقة، وبالاندماج من الباب الهادئ.
وفي زحمة المدينة، حين يمر العابر بمحاذاة أحد هذه المحلات، لن يرى فقط نشاطا مهنيا بسيطا، بل مظهرا من مظاهر تحول اجتماعي بدأت ملامحه تتشكل ببطء، دون ضجيج، ودون وساطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.