نفت الحكومة الإسبانية بشكل رسمي ما وصفته ب"القراءات المغلوطة" بشأن مزاعم إقدام المغرب على إغلاق أحادي للمعابر الجمركية في سبتة ومليلية المحتلتين، مؤكدة أن التنسيق الثنائي مع الرباط مستمر، وأن المعابر لم تُغلق نهائيا، بل يشهد بعضها تعليقاً مؤقتاً لتدفق البضائع في إطار تدبير مشترك. وقال وزير الشؤون الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في تصريحات صحفية أدلى بها من مدينة سانتاندير، إن ما جرى لا يتعلق بأي قرار أحادي الجانب، بل بتدبير متفق عليه مؤقتًا بين البلدين، بهدف منح الأولوية لحركة عبور المسافرين خلال عملية "مرحبا"، التي تشكل لحظة سنوية كبرى لاستقبال الجالية المغربية المقيمة بالخارج. وأوضح الوزير أن السلطات الجمركية المغربية والإسبانية تواصل تنسيقها الدائم لتأمين انسيابية المعابر، مضيفًا أن "أي حديث عن إغلاق نهائي غير وارد على الإطلاق، ولا يمكن تصوره في ظل الشراكة القائمة بين مدريدوالرباط". وفي رد مباشر على التصريحات والاتهامات التي صدرت عن بعض الأحزاب والمواقع الإعلامية المحلية، اعتبر ألباريس أن ما يُروج له يدخل ضمن "القراءات الخاطئة أو المغرضة" التي تسعى – بحسب قوله – إلى تقويض العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا، من خلال استغلال لحظات ظرفية لإثارة أزمات مفتعلة. وشدد رئيس الدبلوماسية الإسبانية على أن بلاده ملتزمة بشكل تام بمسار الشراكة الاستراتيجية مع المغرب، مؤكدا أن التنسيق يتواصل على أعلى مستوى بين وزارتي الخارجية والداخلية في البلدين، من أجل تطوير المعابر الحدودية البرية وضمان حسن تدبيرها في أفق الاستجابة لمصالح الطرفين. وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الساحة السياسية الإسبانية تصاعدًا لبعض الخطابات المعادية للتقارب مع المغرب، خاصة من جانب تيارات يمينية انتقدت بشدة الموقف الرسمي لحكومة بيدرو سانشيز بخصوص دعم مبادرة الحكم الذاتي كحل واقعي وذي مصداقية لقضية الصحراء المغربية، وهي المبادرة التي اعتُبرت نقطة تحول بارزة في مسار العلاقات بين البلدين منذ أبريل 2022. وتُقرأ مداخلة ألباريس، وفق مراقبين، كرسالة تهدئة موجهة للرأي العام الإسباني، تعيد التأكيد على مركزية المغرب في أجندة السياسة الخارجية لمدريد، وعلى متانة المسار المشترك الذي تعزز في السنوات الأخيرة، ليشمل مجالات متعددة منها الأمن، الهجرة، الاقتصاد، والتنسيق الإقليمي. وترى أوساط دبلوماسية أن هذه التصريحات تضع حداً لحملة تأويلات استهدفت التشويش على مسلسل التقارب الاستراتيجي، وتؤكد من جديد أن العلاقة بين الرباطومدريد لم تعد رهينة الهزات الموسمية، بل باتت تستند إلى تفاهمات متينة وإرادة سياسية مشتركة لتجاوز الخلافات العابرة والانكباب على ملفات التعاون العميق.