يشهد المغرب موجة حر غير مسبوقة تطال مختلف مناطقه، في ظرف مناخي يصفه خبراء الطقس بأنه من بين الأشدّ خلال السنوات الأخيرة، ما يثير مخاوف متزايدة بشأن التداعيات الصحية خاصة على الفئات الهشة كالأطفال والمسنين. وقال مصطفى بنرامل، الخبير في علم المناخ، إن درجات الحرارة بدأت منذ الثلاثاء تسجّل معدلات تفوق المستويات الموسمية المعتادة، مرجّحاً أن تستمر الموجة الحرارية الحالية لفترة أطول من تلك التي عرفتها المملكة في الأعوام الماضية، مع ما يرافقها من آثار محتملة على الصحة العامة. واعتبر الخبير المغربي أن هذه الظاهرة تندرج ضمن دينامية التغيرات المناخية التي أصبحت تضرب المنطقة بشكل دوري، مشدداً على أن البلاد تواجه صيفاً قاسياً يتطلب توعية جماعية بمخاطر التعرض المفرط لأشعة الشمس، خصوصاً خلال أوقات الذروة الممتدة بين منتصف النهار والرابعة بعد الزوال. ودعا بنرامل المواطنين إلى تفادي التنقل غير الضروري في الفضاءات المكشوفة، وتعويض السوائل باستمرار، إلى جانب اتخاذ إجراءات بسيطة لكنها حاسمة كارتداء ملابس خفيفة وتظليل النوافذ، مشيراً إلى أن هذه التدابير باتت "ضرورية أكثر من أي وقت مضى". وتأتي هذه الموجة الاستثنائية في سياق إقليمي يشهد بدوره درجات حرارة قياسية، بينما تسجّل العديد من محطات الرصد الوطنية نسب حرارة قاربت 48 درجة مئوية في بعض المناطق الداخلية، مما يعقّد أيضاً وضعية المناطق الفلاحية التي تعاني أصلاً من توتر مائي مزمن. ويحذّر المتخصصون من احتمال تزايد الإصابات بضربات الشمس والانهاك الحراري، داعين السلطات الصحية إلى تعزيز آليات اليقظة في أقسام المستعجلات، وإطلاق حملات تحسيسية موجهة نحو الفئات الأكثر عرضة، خاصة في المناطق شبه القروية التي تفتقر في الغالب إلى وسائل التكييف والتبريد. ويواصل المغرب، على غرار بلدان المتوسط، التأثر بتقلبات مناخية حادة أضحت تضع تحديات إضافية أمام منظومة الإنذار المبكر، في وقت تتسارع فيه وتيرة التحذيرات الدولية من آثار الاحترار العالمي، بما في ذلك تسجيل صيف 2024 كأكثر الفصول سخونة في تاريخ القياسات المناخية.