يشهد سوق الزيتون وزيت الزيتون في المغرب منذ عدة أشهر ارتفاعا ملحوظا في الأسعار، في وقت يتراجع فيه الإنتاج الوطني بشكل غير مسبوق، ما وضع المستهلكين في حالة من الحيرة، والفلاحين أمام تكاليف إنتاج مرتفعة وعائدات ضعيفة، وسط محاولات حكومية لإعادة التوازن إلى هذا القطاع الحيوي. وقال رشيد بنعلي، رئيس الفيدرالية البيمهنية لإنتاج الزيتون بالمغرب، في تصريح لقناة دوزيم، إن الموسم الفلاحي الحالي عرف تراجعا كبيرا في الإنتاج نتيجة عوامل مناخية متراكمة، موضحا أن الانخفاض شمل الكميات والجودة على حد سواء بسبب الجفاف وموجات الحرارة المتكررة. - إعلان - وأضاف أن العرض أصبح أقل بكثير من الطلب، ما أدى تلقائيا إلى ارتفاع الأسعار. وأشار إلى أن الأزمة ليست محلية فقط، بل عالمية، إذ تعاني عدة دول منتجة منذ ثلاث سنوات من تقلبات مناخية أثرت على إنتاج الزيتون والزيت. غير أن الموسم الحالي كان "صعبا جدا" على الفلاحين المغاربة، خصوصا صغار المنتجين. وأوضح بنعلي أن الحكومة تدخلت عبر الاستيراد لضمان تزويد السوق وضبط الأسعار، فسمحت في البداية باستيراد عشرة آلاف طن من زيت الزيتون من أوروبا، قبل أن ترفع الكمية إلى عشرين ألف طن. ولفت إلى أن الاستيراد من تونس يتم سنويا بحكم وفرة إنتاجها وأسعارها المنخفضة، لكن المستهلك المغربي يفضل الزيت المحلي من حيث الطعم والجودة، خاصة في المناطق القروية. وانتقد رئيس الفيدرالية الفجوة الكبيرة بين سعر البيع عند الفلاح، الذي يتراوح بين 45 و50 درهما للتر، والسعر النهائي عند المستهلك الذي يصل إلى 70 أو 80 درهما، عازيا ذلك إلى المضاربات وتكاليف النقل والتخزين والوساطة. وأشار إلى أن بعض التجار يبررون الأسعار المرتفعة بكونهم اشتروا المخزون بكلفة عالية، ما يجعلهم غير قادرين على البيع بخسارة. ودعا بنعلي إلى وضع آليات لضبط السوق وتحديد سقف للربح لضمان عدالة السلسلة من الفلاح إلى المستهلك. كما حث الحكومة على وقف الاستيراد الأوروبي مؤقتا، بعد تحسن نسبي للإنتاج خلال الفترة الأخيرة، محذرا من أن استمرار وتيرة الاستيراد نفسها قد يؤدي إلى إغراق السوق وانهيار الأسعار، وبالتالي تكبد الفلاحين خسائر جسيمة. وأكد أن الفيدرالية لا تعارض الاستيراد بحد ذاته، لكنها تطالب بإدارته بشكل عقلاني يأخذ بعين الاعتبار حجم الإنتاج الوطني، مع تقليص أو توقيف الواردات عند وفرة المحصول حماية للفلاحين. وختم بنعلي بالتحذير من تأثير موجات الحرارة الحالية على جودة الزيتون ونسبة استخلاص الزيت، مشددا على أن المناخ يظل عاملا حاسما في تحديد الإنتاج، ومعربا عن تفاؤله بعودة السوق إلى التوازن، إذا استجابت الحكومة لاحتياجات الفلاحين ووفرت شروطا تضمن دخلا لائقا لهم وأسعارا مناسبة للمستهلكين.