تأجيل "جلسة الصحراء" بمجلس الأمن    تأجيل التصويت بمجلس الأمن حول الصحراء المغربية وسط تجديد الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي    مونديال الناشئين.. بعثة المنتخب الوطني المغربي تحل بالدوحة استعداداً للمشاركة في نهائيات كأس العالم    مرسيليا يعلن أن لاعبه المغربي بلال نذير "في صحة جيدة" بعد حادث سقوطه    أسود الأطلس يواجهون الموزمبيق وأوغندا في افتتاح ملعب طنجة استعدادا ل"كان المغرب 2025"    اكتشافات "جد مشجعة" للذهب في الصحراء المغربية و44 مشروعا للبحث المعدني في 2025 (تقرير)    الذهب يرتفع مدعوما بتراجع طفيف للدولار    البرلمان الفرنسي ينجح في إسقاط اتفاق الهجرة التاريخي مع الجزائر لعام 1968    الصين تحدّد 31 أكتوبر موعداً لإطلاق سفينة الفضاء المأهولة "شنتشو-21"    أكثر من 300 كاتب وأكاديمي يقاطعون "نيويورك تايمز" لانحيازها ضد فلسطين    تقتيل واغتصاب وتهجير.. هيئة مغربية تدين ما يتعرض له السودانيون من مآس مروعة    حزب التقدم والاشتراكية يدعو إلى تخليق الحياة السياسية وضمان مشاركة الشباب والنساء في انتخابات 2026    مقاييس التساقطات المطرية بالمغرب    هل يستمع القضاء للتويزي في قضية "طحن الورق"؟ اليونسي: لا حصانة برلمانية إذا ثبت الإدلاء ببيانات كاذبة    المغرب يواجه موزمبيق وأوغندا وديا    غيث نافع يعم عدة مدن مغربية وشفشاون في الصدارة    مقتل شخص في توغل إسرائيلي بجنوب لبنان والرئيس عون يطلب من الجيش التصدي    العزل يهدد مستشارين بجماعة مرتيل بسبب الغياب المتكرر    ميسي الأعلى أجرا في الدوري الأميركي بفارق كبير عن الآخرين    تيزنيت : التعاون الوطني ينظم نهائي البطولة الوطنية الرياضية 49 للمؤسسات والمراكز الاجتماعية بالإقليم    فادلو: الشهب الاصطناعية أفسدت إيقاع الديربي أمام الوداد    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    توقيف المتورطين في سرقة 60 مليون سنتيم من داخل سيارة بأولاد تايمة    تراجع طفيف في أسعار الإنتاج الصناعي    ترامب يعلن تخفيض "رسوم الصين"    خمسة توقيفات جديدة في سرقة اللوفر    قانون مالية 2025 يظهر عجزا في الميزانية ب50,5 مليار درهم    رحلة الوعي الرقمي .. دروس للآباء والأبناء    فيلمان مغربيان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان بروكسيل للفيلم    اغتيال المهدي بن بركة : مسؤولية "كبار المتواطئين" بين الأمس واليوم    قطاعات ‬الماء ‬والطاقات ‬الخضراء ‬ضمن ‬أولويات ‬مشروع ‬القانون ‬المالي ‬الجديد    الأرصاد الجوية تتوقع أمطارًا خفيفة وطقسًا متقلبًا في شمال ووسط المغرب    الطقس السيء يفرض تعليق الرحلات البحرية بين طنجة وطريفة    المغاربة ‬يتصدرون ‬التجنيس ‬في ‬إسبانيا.. ‬طفرة ‬غير ‬مسبوقة ‬في ‬عهد ‬حكومة ‬سانشيز    اتفاقية ‬استثمارية ‬بين ‬المملكة ‬ومجموعة ‬رونو ‬المغرب    النيابة العامة تحقق في "دقيق الورق"    مشروع "مؤسسات الريادة" يُحقّق تحسّنا محدودا وغير متوازن في مستوى التحكم في التعلمات الأساس بين الأكاديميات    عاجل | النيابة العامة تفتح تحقيقا قضائيا في مزاعم "طحن الورق مع الدقيق"    شي جينبينغ: يمكن للصين والولايات المتحدة تحمل المسؤولية بشكل مشترك كدولتين كبيرتين، والعمل معا على إنجاز مزيد من الأعمال الهامة والعملية والمفيدة    لماذا يهرب الموظفون من جماعة طنجة؟    الحسين الشعبي يوقع "لوزيعة" بمعرض الكتاب بالرباط    عرض فني بالدارالبيضاء بمناسبة المؤتمر العالمي للفلامنكو    ملامح الحزن ومأزق الوجود في ديوان «أكثر من شجرة أقل من غابة» للشاعر علي أزحاف    ملاعب الرباط تستعد: "الأمير مولاي الحسن" و"البريد" يحتضنان معارك الملحق الإفريقي للتأهل لمونديال 2026    "أكاديمية المملكة" تصدر موسوعة "مناظرة العلوم الإنسانية والاجتماعية" في 4 مجلدات    مهرجان الدوحة السينمائي يعلن عن لجنة تحكيم المسابقة الدولية للأفلام الطويلة    بنسعيد يترأس حفل تنصيب لجنة تحكيم الجائزة الكبرى للصحافة    شيخوخة اللسان!    مندوبية السجون تعلن الإغلاق النهائي لسجن عين برجة    النمل يمارس التباعد الاجتماعي عند التعرض للأمراض والأوبئة    دراسة حديثة تحذر من مغبة القيادة في حالة الشعور بالإرهاق    مواد سامة وخطيرة تهدد سلامة مستعملي السجائر الإلكترونية    اكتشاف خطر جديد في السجائر الإلكترونية يهدد صحة الرئة    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لست عضوا في هذه المنظمة المغربية العريقة، ولم أطلب العضوية فيها قط من قبل
نشر في تازة اليوم وغدا يوم 09 - 09 - 2012

لست عضوا في هذه المنظمة المغربية العريقة، ولم أطلب العضوية فيها قط من قبل، وهذا أمر يطول شرحه رغم أن لي خمس كتب صادرة حتى الآن، وقد ترجم بعضها إلى اللغة الإنجليزية وإلى اللغة الفرنسية. وهذا، في مكان ما يهبني حرية التعليق والرأي بهوامش أكبر، حول عمل اتحاد كتاب المغرب حتى الآن.
هي منظمة فارقة في تاريخ الجمعيات الثقافية بالمغرب، بل في كل العالم العربي، لأنها المنظمة الوحيدة من نوعها التي ظلت مستقلة دوما عن السلطة، وكانت تنافح عن مشروع فكري وثقافي ومعرفي حداثي وتقدمي ووطني بالمغرب. ورغم كل محاولات التدجين، بقي اتحاد كتاب المغرب منارة تنويرية في فضاء إنتاج وصنع القيم ببلاد محمد عابد الجابري وعبد الله العروي وعبد الكبير الخطيبي. كان السؤال الثقافي مركزيا ضمن الصراع السياسي المفتوح بين نخبة الحركة الوطنية، التي لم تحكم بعد الإستقلال (وهذا قدر تاريخي طيب لصالح المغاربة، جعل تلك النخبة بدلا من تأكلها السلطة والحكم، تشتغل على تأطير المجتمع ضمن مشروع تاريخي ضخم لإعادة بنينة الدولة المغربية في بعدها المديني الديمقراطي الحديث)، وبين الدولة القائمة التي تجر وراءها إرثا تدبيريا يمتد على أكثر من أربعة قرون، والتي كان لها طموح إعادة بنينة نظامها المخزني التدبيري بشكل يرسخ من مركزية القرار السياسي دستوريا في شخص رئيس الدولة.
كان معنى مركزية السؤال الثقافي في ذلك الصراع، أن جعل موضوعه الإنسان، الفرد المغربي، الذي يجب تنويره من أجل جعله فاعلا في الدفع بمنطق الصراع ذاك نحو توسيع هوامش دولة القانون والحريات، ودولة المؤسسات والديمقراطية والحداثة. وهذا أمر تحققت فيه مساحات وازنة، هي التي تهب للملف السياسي التدبيري المغربي، دولة ومجتمع، عناوين خصوصية متميزة في كل العالمين العربي والإسلامي. كون الرهان الثقافي ذاك قد عزز من قوة الدولة، على القدر نفسه الذي عزز من قوة المجتمع، أي المجتمع المؤطر تنظيميا عبر آليات جمعوية عدة (حزبية ونقابية وشبابية وثقافية وفنية)، الذي فرض توازنا في صيرورة التحول المغربي خلال الأربعين سنة الماضية. ولا يزال الحراك الحي هذا قائما اليوم بعناوين أخرى، إنما ترسخ من تلك الخصوصية المغربية.
بالتالي، كانت منظمة اتحاد كتاب المغرب، منخرطة في معمدان هذا التجادب الهائل في معنى إنتاج القيم بالمغرب الجديد والحديث. ولم تكن منظمة منغلقة لما يمكن وصفهم ب “محترفي الكتابة والفكر"، بل كانت منظمة جماهيرية، تنتج معاني قيمية من خلال ما بلورته من أسئلة حول الفرد المغربي، حول راهنه، حول تاريخه الحديث، حول معنى تشربه للمعارف، حول معنى أن يكون الأدب والفن مصنعا سحريا لصنع معاني العقل والنقد والتحليل وترسيخها في وجدان المغربي. وكانت بالتالي إطارا جمعويا يقتضي منطقا للصراع للتحكم فيه، بين مرجعيات فكرية وسياسية لها مشاريعها المجتمعية الواضحة المعالم. وكانت عموما موزعة بين مشروعين كبيرين: مشروع وطني تقدمي حداثي، ومشروع وطني محافظ. ولكل مشروع منهما خلفيته الإجتماعية وشرطه الإجتماعي، حيث الأول تحكمه تيارات ناهظة للمقصيين من المشاركة في صناعة القرار التنموي والسياسي، ضمن منطق نظام المدينة الحديث، وأغلبه شباب متنور همه ترسيخ خيار الفردانية المدينية بالمعاني الكينونية للكلمة، التي يحكمها منطق الحق والواجب ومنطق العدل والمحاسبة والإنصاف. فيما الثاني تحكمه تيارات مدينية كلاسيكية، ترى للفكر والأدب كأداة لترتيب نظام قيم سلوكية عمومية معينة، وصفت خطأ بالبورجوازية، فيما هي فقط انعكاس لإرث ثقافي مديني عتيق بالمغرب، وكل إرث مماثل يكون منزعه محافظا. أي محافظا على بنى قائمة في إنتاج المعاني والقيم.
هل لا يزال اتحاد كتاب المغرب هو اتحاد كتاب المغرب، بهذه الخلفية المجتمعية والسياسية والتاريخية والقيمية، التي لخصنا بعض عناوينها فوق؟. الجواب الجزم، هو: لا. والسبب أن الحركية المغربية تطورت، والمحيط التواصلي تطور، فيما بقي الإتحاد يجتر أساليب تواصل أصبحت تبدو بدائية أمام الثورة المتحققة في تقنيات التواصل المعرفي اليوم، ضمن الطرق السيارة الهائلة لإنتاج المعارف. فمغرب ما بعد 1994 (تاريخ بداية التحول السياسي المنفتح في المغرب، مع صدور قرار العفو السياسي العام، وبداية اتساع هوامش حريات التعبير والتواصل)، ليس هو مغرب سنوات المواجهة والقمع والرصاص قبل ذلك التاريخ حتى بداية الستينات من القرن الماضي. واللعبة التواصلية مغربيا، تغيرت تماما. ومعنى اللعبة التواصلية، هنا المقصود به أشكال إنتاج القيم وصناعتها وترويجها. لقد تراجع دور الجامعة بالمغرب، وتراجع دور المدرسة نكوصا، فيما لم ينفتح اتحاد كتاب المغرب على أشكال صناعة المعاني اليوم، على مستوى السينما والصورة عموما، مما جعله يتحول تدريجيا إلى ما يشبه “ناديا فكريا" منعزلا عن معمدان ما يمور في المجتمع المغربي من تحولات. وهذا في مكان ما أمر طبيعي، في كل لحظات الإنتقال التاريخية في أي مجتمع حديث. لأن الأمر يقتضي مسافة لابتكار آليات تواصل تحقق الإستمرارية، أو تغير من بنية المنظمة تلك ككل.
هل لا تزال الحاجة قائمة لاتحاد كتاب المغرب اليوم؟. نعم، بل وأكثر من ذي قبل. لأن التحدي اليوم، هو تحدي وجود يرتبط بمشروع مجتمعي للمغاربة بالمعنى الحضاري. ومنظمة مثل اتحاد كتاب المغرب، إلى جانب روافع أخرى أصبحت قوية الحضور في ساحة الفعل الفكري والثقافي والفني والأدبي المغربي، لها دور تاريخي اليوم في أن تعزز من المناعة الروحية والحضارية للإنسية المغربية، في أبعادها العقلانية، الحداثية، النقدية، المعززة لروح السؤال، الحامية لثروة الروح الجماعية للمغاربة في معاني إنتاجها كعلامة أنثربولوجية لها شجرة أنسابها ومنطق إنتاجها الذي له تراكم في السلوك اليومي للناس. لأن الصراع اليوم، هو صراع تصالح مع الذات وأيضا فطنة التصالح مع العالم، وشرط الكونية كقيم إنسانية كبرى.
هل حال الإتحاد مستحضر لهذا التحدي التاريخي؟. الجواب الذي لا يجب أن نهرب منه هو: لا. لأن منطق الصراع داخل اتحاد كتاب المغرب، لم يعد منطقا لتدافع فكري ومشاريعي، بقدر ما أصبح منطق صراع ذاتي بين أفراد. والخوف الأكبر اليوم، هو من محاولات تحويل رمزية إرث منظمة عتيدة مثل اتحاد كتاب المغرب، إلى ما يشبه “سجلا تجاريا" لتحقيق أغراض غارقة في الشخصنة لأفراد ينتمون للإتحاد. وهنا مقتل هذه المنظمة كمشروع تنظيمي فكري وثقافي في المغرب. فالصراع تحول من صراع مشاريع إلى صراع أفراد، وهذا أمر خطير. والحال أن الحاجة العمومية المغربية هي في حاجة إلى أن يكون اتحاد كتاب المغرب، ما كانه دوما في أزمنة تألقه المؤثرة، مشتلا للتربية الفكرية ولإنتاج الطروحات وصناعة خرائط الطريق الروحية بإبداعية للنخبة المغربية ولعموم أفراد المجتمع المغربي. إن معنى غياب أثر فاعل للمثقف في المغرب ضمن حركية وحيوية الفعل المجتمعي اليوم، إنما يجد تفسيره في هذا الفقدان لبوصلة الفعل جماهيريا من خلال منظمة عتيدة ووازنة كاتحاد كتاب المغرب، البوصلة التي لا يخلقها منطق الحسابات الفردية (مهما كانت شرعية الطموحات الفردية للبعض)، بقدر ما يخلقها ويصقلها منطق الفعل ضمن مشروع مجتمعي متكامل، واضح المنطلقات والأهداف، وله شرعيته المجتمعية وشرعيته العلمية والتاريخية، التي هي شرعية الإنتماء الحضاري، بما يعزز من قوة الفرد الحر، العقلاني، المحلل والناقد للمسلمات، والمستوعب لشرط الذات وشرط العالم.
هل سيجيب المؤتمر القادم لاتحاد كتاب المغرب عن هذا التحدي؟. النتائج ابنة شرعية للمقدمات. حتى والأمل موصول في روحية الإتحاد الساكنة أغلب الجسم الفكري والثقافي والأدبي المغربي. والأمل الأكبر أن ينتصر الإتحاد على نفسه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.