احتدام المعارك في غزة وصفقة أسلحة أمريكية جديدة لإسرائيل بقيمة مليار دولار    عملاق الدوري الإنجليزي يرغب في ضم نجم المنتخب المغربي    توقعات أحوال الطقس اليوم الأربعاء    حصيلة حوادث السير بالمدن خلال أسبوع    حملة للنظافة يتزعمها تلاميذ وتلميذات مؤسسة عمومية بالمضيق    رسالتي الأخيرة    كيف يعيش اللاجئون في مخيم نور شمس شرق طولكرم؟    الرئيس الروسي يزور الصين يومي 16 و17 ماي    بلينكن في كييف والمساعدات العسكرية الأمريكية "في طريقها إلى أوكرانيا"    لقاء تأبيني بمعرض الكتاب يستحضر أثر "صديق الكل" الراحل بهاء الدين الطود    دعوات لإلغاء ترخيص "أوبر" في مصر بعد محاولة اغتصاب جديدة    توصيات بمواكبة تطور الذكاء الاصطناعي    المنتخب المغربي يستقبل زامبيا في 7 يونيو    شبيبة البيجدي ترفض "استفزازات" ميراوي وتحذر تأجيج الاحتجاجات    هل يتجه المغرب إلى تصميم المدن الذكية ؟    زنيبر.. رئاسة المغرب لمجلس حقوق الإنسان ثمرة للمنجز الذي راكمه في مجال النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها    ميراوي يجدد دعوته لطلبة الطب بالعودة إلى الدراسة والابتعاد عن ممارسة السياسة    رفع أسطول الطائرات والترخيص ل52 شركة.. الحكومة تكشف خطتها لتحسين النقل الجوي قبل المونديال    إدارة الزمالك تسجل اعتراضا جديدا قبل مواجهة نهضة بركان    طقس الأربعاء.. نزول أمطار متفرقة بهذه المناطق        "البسيج" يفكك خلية إرهابية بمدينتي تيزنيت وسيدي سليمان    إسرائيل تقول إنه يتعين على مصر إعادة فتح معبر رفح مع قطاع غزة، والقاهرة تستنكر محاولات تحميلها الأزمة الإنسانية    توقيف 8 طلبة طب بوجدة بعد يوم واحد من تهديدات ميراوي        عميد المنتخب المغربي يتوج هدافا للدوري الفرنسي    توقيع عقد للتنزيل الجهوي لخارطة طريق السياحة بجة الشمال    الأمثال العامية بتطوان... (598)    رئيس "الليغا" يؤكد انضمام مبابي لريال مدريد بعقد مدته 5 سنوات    تاريخها يعود ل400 مليون سنة.. الشيلي تعيد للمغرب 117 قطعة أحفورية مهربة    وزير التجهيز: 3000 كلم طرق سيّارة ستواكب تنظيم المغرب لكأس العالم    قيمة منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة ارتفعت لأزيد من 3,5 مليار درهم    تنسيقيات التعليم تؤكد رفضها القاطع ل"عقوبات" الأساتذة وتحذر من شبح احتقان جديد    القضاء يتابع مُقتحم مباراة نهضة بركان والزمالك    الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي    "الطابع" لرشيد الوالي يكشف عن مأساة مهاجر مغربي في رحلة بحث عن الهوية    الاتحاد الأوروبي يمنح الضوء الأخضر النهائي لميثاق الهجرة واللجوء الجديد    دار الشعر بمراكش تواصل الانفتاح على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي    هذا الجدل في المغرب… قوة التعيين وقوة الانتخاب    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 35173 منذ بدء الحرب    إدارة السجن المحلي بتطوان تنفي تعرض سجين لأي اعتداء من طرف الموظفين أو السجناء    "أكديطال" تفتتح مستشفى ابن النفيس    بسبب إياب نهائي الكونفدرالية.. تأجيل مواجهة نهضة بركان والرجاء إلى يوم 23 ماي القادم    "أطلنطا سند" تطلق التأمين المتعدد المخاطر منتوج "برو + المكتب"    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجدية كشرط الإقلاع
نشر في أخبارنا يوم 01 - 08 - 2023

لم يكن خطاب العرش خطابا لتخليد هذه الذكرى المجيدة لدى المغاربة فقط ،وإنما قد تجاوز ذلك بالتأكيد لجرد التحديات القائمة ،والتصدى خصوصا لطرح نقد جريء وصريح للحياة السياسية والادارية.
كانت الرؤية التي تحدث بها الملك في خطابه واضحة جدا ،وتدل على ان الملكية بالمغرب، فيما تقوم به من مبادرات، هي ملكية مواطنة ومستنيرة، وفوق ذلك هي ملكية مسلحة باستراتيجية، وبتراكم ، وبشرعية ضاربة ، يجعلونها تبدو دائما صمام أمان للمغرب ،و مالكة لمشروع قوي وطموح ومتكامل من شأن التزام الفرقاء السياسيين به أن يمنع التخبط والضعف والفوضى في وضع السياسات العمومية وإعمالها.
تحدث الملك إذن باقتضاب، ولكن بلغة بسيطة وواقعية....لغة معبرة عن شجون الأمة وأحلامها ، مما جعلها تتجلى كثيفة المعاني، وذات قدرة هائلة على التحفيز والإلهام،الأمر الذي يستحيل معه هذا الخطاب عند تأويله واستنطاقه إلى خطة للعمل والى خارطة طريق .
ولقد أعطى الملك الإشارات اللازمة التي يتعين علينا التقاطها والاشتغال عليها كمواطنين وكمؤسسات. ولعله نفض بالخصوص التراب عن قيمة اساسية قد نساها او تناساها اغلبنا ،قيمة لا ينتبه السياسيون إلى أهميتها ،فلايستدعونها ولا يحثون ولا يربون عليها، رغم ان دور الأحزاب السياسية هو تأطير المواطنين ومد الدولة بالنخب الكفؤة، الصادقة، الأمينة، والنزيهة،وهي قيمة أو فضيلة الجدية. .بمعنى ان الملك لم يقف عند أعراض التعثر التي نعاني منها ،بل قرر أن يتوجه مباشرة نحو جذر الداء سعيا منه لوصفة ناجعة ومستديمة ،فخطب فينا عن القيمة التي تمدنا بالقابلية القصوى للتقدم المستدام ،وبذلك يكون هذا الخطاب منحازا كما عودنا الملك دائما إلى آمال الشعب،و التي يعبر عنها جلالته كل مرة اصدق تعبير في مواجهة ممارسات نكوصية لازالت للأسف تصدر عن بعض مؤسسات الدولة التي تعزف لحنا نشازا عن مايريده هو لشعبه . فنحن لازالنا لم نخلق بعد مناخ الإبداع في الكثير من المجالات ، ذاك المناخ الذي يفتح افاقا جديدة وواعدة ، ويفتق العبقريات التي بيننا ،ولقد اختصر جلالته سر الإبداع والتفوق في هذه الكلمة المفتاحية، التي تعني بكل بساطة الثقة والعزم على النجاح ونهج السبل القمينة بذلك ،مقدما كمثال على ذلك أداء المنتخب المغربي بقطر .
إنه يريد أن تتحول كل ادارات الدولة وكل مؤسسات القطاع الخاص إلى خلايا نحل، وإلى نظائر لهذا المنتخب في مجال عملها، لأن جلالته يعدنا أو يعدنا كما ينضح ذلك بوضوح من ثنايا خطابه لمرحلة جديدة من التقدم والرقي ،ذلك أن الملكية المغربية تملك من المعطيات أكثر مما تملكه أية مؤسسة أخرى ،وتستطيع بسليقتها أن تستشعر دقة المرحلة وامكانياتها، بل وتاريخيتها أيضا . يعرف جلالته إذن ان الإمكانيات الحالية هائلة جدا ، ولذلك هو يحشد المغاربة لاستثمارها تحت راية الجدية التي هي أيضا مبدأ إسلامي أصيل ،أفلم يقل رسولنا الكريم (صلعم): ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن قنه. . إننا، كما يفهم من خطاب جلالته ،بصدد إقلاع جديد ،ولذلك هو ينبه الدولة الأمة إلى مؤهلاتها العظيمة التي ذكر منها الصدق والتفاؤل والتسامح والانفتاح والاعتزاز بالتقاليد العريقة وبالهوية الوطنية الجامعة.وهي قيم يراها ذخرنا وعدتنا وفرصتنا لانجاح الأوراش الكبيرة والاستراتيجية التي ستنقل المغرب من صف إلى صف سيكون أرقى وأعظم ،فالامة ليست بثراواتها المادية والطبيعية أساسا، وإنما هي بعقولها واراداتها وبالقيم التي يعتنقها ابناؤها وبالآمال التي تحركهم.
الملك ركز أيضا على آفة اهتزاز القيم، وهو الوصف البليغ الذي يعكس الحالة الراهنة للعالم الذي يعيش زمن إفلاس المرجعيات الوضعية بعد أن بلغت منتهاها، وصارت في حاجة لكي تتعزز بمرجعيات أخرى أكثر يقينية تستطيع أن تمد الإنسان بالمعنى.
ولذلك ،ومن منطلق الأمانة المطوقة بها عنقها، تثبت الملكية المغربية كعادتها من خلال هذا الخطاب يقظتها وفطنتها وبصيرتها وقراءتها الصحيحة للوضع في العالم في هذه المرحلة العصيبة التي يموت فيها نظام دولي وينبثق نظام آخر جديد .إذ لم يفت الملكية المغربية ان ترصد حالة التفكيك و السيولة المخيفة التي تردت لها مجتمعات بعينها ،ولذلك تدعو إلى ضرورة الحفاظ على الروابط العائلية والاجتماعية وتجنب تأثير بعض التيارات الخادعة ،وهذه إشارة أخرى يكررها الملك إلى المنحى الذي يجب أن يأخذه النقاش حول تعديل المدونة والقانون الجنائي .
ولذلك أعتقد أن الخطاب ينبه فيما ينبه اليه إلى خطورة الشطحات السياسية والمزايدات الايديلوجية والتفاهة والسطحية في النقاش حول مواضيع ذات بعد مصيري ووجودي.اي أنه يلزمنا بالمسؤولية والجدية في النقاش .
حين تتأمل خطاب جلالته تحس أننا مثل بقية دول العالم نسير في حقل ألغام ينبغى أن نعمل على تفاديها جميعها من خلال رصدها اولا ثم إبطال مفعولها ثانيا . ووسيلتنا الأولى في ذلك ان نتوفر على رؤية، وعلى فلسفة وعلى مرجعية خصوصا مع تنامي المخاطر و سطوة المجهول وتغوله.وفي مثل هذه الأوقات القلقة تبرز قيمة الملكية وإمارة المؤمنين بالخصوص ، وماتقوم عليه من مرجعية تربط الماضى بالحاضر بالمستقبل معطية اجوبة شافية عن الهوية في مواجهة أسئلة العصر ، نحن نواجه عمليا معضلة الماء والغلاء و توالي سنين الجفاف، والبطالة ،وازمة الطاقة ،واستحقاق التحول الرقمي وتعميم الحماية الاجتماعية ،وموجة تحول وانحراف القيم ،وكل هذه تحديات لن يمكن مواجهتها إلا بالتزام الجميع بالجدية .
من أروع ما نبه له جلالته كون هذه القيمة عملية ،وليست قيمة مجردة فقط ،ولذلك هو ينتظر أن تنعكس بشكل ملموس على أداء الأفراد والمؤسسات بالمغرب .وبهذا تصبح اهم رسالة في الخطاب هي أن شروط الانطلاق نحو مغرب جديد قد تهيأت ونضجت ، وان علينا ان نركب جميعا هذا القطار الذي هو قطار الجدية حتى نبلغ وجهتنا المرومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.