لا اختلاف حول الأهمية البالغة التي يكتسيها قرار السلطات الترابية تحرير الملك العام من جميع مظاهر الاحتلال والترامي التي تعرض لها من طرف أشخاص، ولاجدال في أنه من مسؤولية هذه السلطات حماية الفضاء العام من جميع الاعتداءات مهما تلونت أشكالها وصيانة المجال العام من مواجهة مجمل الانحرافات التي يمكن أن تطاله. ونحن نسجل بإيجابية تحرك السلطات الأمنية بهدف إعادة الاعتبار للفضاء العام خصوصا الذي تعرض للاحتلال من طرف الباعة المتجولين، أو تعرض للترامي من طرف أصحاب مشاريع تجارية وخدماتية متنوعة ومتعددة . لكن مع ذلك لابد من أن ننتهز هذه الفرصة لكتابة بعض العبارات التي من شأنها تقويم هذه المبادرة وإعطائها الأهمية والفعالية التي تستحقها. مع كامل الأسف، نلاحظ أن حماية الفضاء العام لا يندرج في إطار قناعة راسخة لدى السلطات الترابية، بل إنه إجراء ظرفي تلتجئ إليه هذه السلطات في التوقيت الذي تقدره مناسبا لذلك. ثم إن احتلال الملك العام والترامي عليه خصوصا من طرف المشاريع التجارية المختلفة يتم تدريجيا تحت أنظار مسؤولي السلطة الترابية، تحت أنظار المقدم والشيخ والقايد، عيون السلطة التي لا تنام قد تكون مستفيدة من استفحال احتلال الملك العام لأنها لا تحرك ساكنا وهي ترى وتعاين أصحاب هذه المشاريع يشيدون حدودا لمقرات مشاريعهم خصوصا أصحاب المقاهي ويبنون سقوفا للمساحات المحيطة ولا من يحرك ساكنا. خصوصا السلطات الترابية التي تحركت فيها الغيرة اليوم لتحرير الفضاء العام، ألا يطرح هذا السلوك أسئلة عميقة تتعلق بمحاسبة الجهة التي غضت البصر على احتلال مساحات كثيرة من الفضاء العام؟!. إن السلطة الترابية تتعامل مع حماية الفضاء العام بعقلية الموسمية التي تستحضر اعتبارات كثيرة ومتعددة، وهو ما لا يمكن أن يتفق مع المفهوم الحقيقي لحماية الفضاء العام من جميع مظاهر الاستهداف. نتمنى أن يكون الأمر يتعلق هذه المرة بإرادة حقيقية لاعتماد مقاربة جديدة في هذا الصدد. *** بقلم // عبد الله البقالي *** للتواصل مع الكاتب: [email protected]