لم تكن خرجة منظمة العفو الدولية الأخيرة موفقة كما هو الشأن لخرجات أخرى، فقد يكون تحكم الخلفية السياسية أو التسرع أو شيئا من هذا القبيل وراء زلة أمنستي أنترناسيول الأخيرة. نقول تحكم الخلفية السياسية بالنظر إلى أن هذه المنظمة تبدو حريصة على التقاط بعض الحالات التي تكون في الغالب معزولة وتفرضها على الرأي العام في إطار سياق لا يبدو سليما بالمرة ولا يمكن تفسيره إلا بوجود تحكم للخلفية السياسية. فالمنظمة تتحدث عن وجود محاكمات للصحفيين، هكذا بصيغة المطلق، بيد أن الأمر يتعلق بحالتين إثنتين يلفهما نقاش ساخن على كل حال، قد يكون مردهما التصرفات الشخصية للصحفيين المتابعين، كما قد تكون هناك حسابات أخرى بعيدة عما ينسب لهما، ومهما يكن ، فإن الأمر يتعلق بحالتين، بيد أن الممارسة الصحافية تعج بالانتقاد الحاد للحكومة تجاوزت كل الحدود، بيد أن هذه التجربة لم تعد تعترف بأية حدود، وأضحى الهاجس التجاري أو هاجس التميز والبحث عن أدوار للبطولة يفسر التركيز على ما كان يعتقد بالأمس محرما أو مقدسا أو محظورا. أين هو التضييق على حرية الصحافة والتعبير؟ نترك الجواب للرأي العام للحكم على ما فرضته علينا أمنستي. نقول التسرع، لأن تصرفات أخرى نجد لها من تبرير ولا حتى من تفسير تقدم عليها هذه المنظمة، وقد يكون تسرعا موازيا وملازما لتحكم الخلفية السياسية. فمنظمة العفو الدولية تنتقد تصريحا للوزير الأول الأستاذ عباس الفاسي أدلى به بصفته السياسية كأمين عام لحزب الاستقلال انتقد فيه تصرفات صادرة عن الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وتعتبر مضمون التصريح تضييقا على العمل الحقوقي وعلى حرية التعبير. إن ذلك قمة الإرتباك وأكبر درجة التسرع وتحكم الخلفية السياسية، فهذا الأمين العام لحزب سياسي أدلى بوجهة نظرة تجاه تنظيم معين، ومنظمة العفو الدولية تصادر له هذا الحق الإنساني الكوني الذي يجب أن تكون هي في مقدمة المدافعين عنه، أليس هذا ما تقوله أدبياتها، أم أن الأمر يتعلق بالكيل بمكيالين. هل الوزير الأول مارس أي شكل مادي من أشكال الضغط؟ لا أبدا، بل إن الأمين العام لحزب الاستقلال مارس حقه الذي تضمنه المواثيق الدولية والمعاهدات. إن رسالة أمنستي واضحة، إنها تدخل رفاقها في نفس خط أعضائها السياسي إلى منطقة المقدس والمحرم، فممنوع على السياسيين انتقاد الهيآت الحقوقية وربما بعض الهيآت السياسية، ومن يدري قد تكون أمنستي تحضر لإضفاء صفة المقدس على نفسها وعلى أعضائها، ولن يعود لأي كان الحق في انتقادها. إن مثل هذه الخرجات هي التي تسيء للعمل الحقوقي ولمنظمة العفو الدولية نفسها لأنها تفقدها المصداقية والموضوعية والنزاهة وتحولها إلى طرف مباشر في عملية سياسية صرفة. bakkali_alam @hotmail.com