انطلقت بداية من مساء أمس بمدينة مراكش أشغال المنتدى العالمي لحقوق الإنسان والذي ستستمر أشغاله إلى غاية يوم الأحد 30 نوفمبر الجاري، ويحضر هذا المنتدى أكثر من خمسة آلاف شخص من نشطاء الحقوق السياسية والاجتماعية والثقافية والنقابية والبيئية وغيرها، كما تحضره مآت المنظمات الحقوقية القطرية والإقليمية والجهوية والدولية. لابد من أن تكون لاستضافة بلادنا لهذا الحدث الحقوقي العالمي دلالات ومؤشرات، لأنه من الغباء أن الاختيار وقع على المغرب بطريقة الصدفة أو لأن الحركة المهرجانية الحقوقية العالمية تعمدت بإسناد استضافة المنتدى للمغرب مجاملة هذا البلد. وفي تقديرنا يجب تناول العصا من الوسط في قراءة إسناد الاستضافة للمغرب، فمن جهة يجب الإقرار بأن ذلك يعني تحفيزا لبلد مصر على مراكمة المكاسب الحقوقية مما يجعل منه بلدا من البلدان الرائدة في تحقيق هذه المكاسب، بلد امتلك الجرعة اللازمة من الشجاعة ليتناول بالمعالجة أكثر الملفات الحقوقية تعقيدا، وأنجز بذلك تجربة رائدة في مجال العدالة الانتقالية، والتي أضحت اليوم مرجعا من المراجع العالمية في هذا الصدد، وبالتالي من حق المغاربة اليوم أن يعتبروا إسناد استضافة أكبر مهرجان حقوقي في العالم اعتراف من المجتمع الحقوقي الدولي بأهمية المكاسب الحقوقية التي نحققها في بلدنا، وفي ذلك تشجيع على الإصرار على المضي في نفس المنوال. ومن جهة ثانية فإن استضافة هذا المهرجان تعني أيضا أن التجربة المغربية ستصبح من الآن فصاعدا أكثر مراقبة من حقوقيي العالم، وهذا يحتم الحسم النهائي في التوجه بالمسار الحقوقي الوطني نحو التطور والتحسن، وهذا يعني القطع النهائي مع جميع مظاهر الجذب نحو الخلف. وتجليات سيادة إرادة ضمنية لدى بعض المسؤولين، وحتى لدى بعض الأجهزة التي تتنطع للإرادة الجماعية المعلنة والمجسدة على أرض الواقع وتجاهد في التشويش عليها والإساءة إليها. الجميع مطالب أن يرى ويعاين اليوم كيف أصبحت مراكش عاصمة حقوقية بامتياز، ستتدارس فيها الحركة المهرجانية العالمية العديد من الإشكاليات الحقوقية وستحدد توجهاتها في المجال الحقوقي، ولذلك يجب أن يمثل هذا الحدث البارز مصدر اعتزار لجميع المغاربة باعتبار أن الحركة المهرجانية الحقوقية العالمية جسدت ثقتها فيهم، ولكنه يجب أن يمثل مصدر قلق بالنسبة للمغاربة أيضا، القلق من الذين لم يقتنعوا أويدركوا بعد أن المغرب حسم في اختياراته الحقوقية، وأنه لامجال للردة الحقوقية.