اكتفت الحكومة لحد الآن بما هو دون الحد الأدنى في إحاطة الرأي العام الوطني بتفاصيل ماحدث من بهدلة ومهزلة حقيقية فوق أرضية ملعب مركب الأمير مولاي عبد الله بالرباط حينما تحول بسبب تساقطات مطرية جد متوسطة الى مسبح حقيقي وبدأت أجزاء من عشبه في التطاير من مكانها! وصرنا أضحوكة العالم بأسره حينما تفتقت عبقرية أحدهم وأمر الأعوان باقتحام أرضية الملعب لتجفيف المياه بآليات يدوية جد متخلفة. نقول بأن الحكومة تعاملت بما هو دون الحد الأدنى مع الرأي العام في قضية فساد تهم المال العام، واكتفت بأن أصدرت وزارة الشباب والرياضة بلاغا واحدا من بصغ كلمات يخبر بتكوين لجنة حكومية تضم ممثلين عن وزارات المالية والداخلية والشباب والرياضة للتحقيق. بيد أن حجم الكارثة كان يفرض التعامل مع الرأي العام باحترام وتقدير كبيرين يمكنان من وضع هذا الرأي العام في الصورة الحقيقية لما حدث. ودعنا نؤكد من الآن ونستبق تحقيقات اللجنة الحكومية التي جاءت إعمالا لمقولة «إذا أردت أن تنهي مع قضية ما فانشئ لها لجينة» أن الأمر يتعلق بمظهر من مظاهر الفساد، كيف ذلك؟! بغض النظر عن جميع الحيثيات، فإن مبالغ مالية ضخمة ومهولة سخرت لتوفير شروط نجاح دورة كأس العالم المصغرة في بلادنا، من ذلك أن إصلاح ملعب مركب الأمير مولاي عبد الله الذي كان مسرح الفضيحة كلف 220 مليون درهم، ناهيك أن مبالغ أخرى سخرت لتمويل أجزاء أخرى من مشهد هذا الموندياليتو، وكل ذلك كان ولايزال الهدف منها تجويد سمعة المغرب وتحسين صورته والتعريف به، إلا أن الذي حدث أن كل الأموال الطائلة التي سخرت وكل الجهود التي بذلت انتهت إلى نقيض الأهداف التي وضعت أول مرة، بحيث تمت الإساءة إلى سمعة المغرب الذي تحول إلى مسخرة حقيقية، ثم إن المبالغ المالية ذهبت أدراج الرياح، وتحقق بذلك فساد واضح لايمكن ولايقبل أن تقتصر معالجته على لجنة وزارية ستبذل كل الجهد للتستر على معالم جريمة حقيقية اقترفت في حق المغرب. المعالجة يجب أن تنهج مسلكين لاثالث لهما: أولا يجب أن تعلن الحكومة تحمل مسؤوليتها السياسية فيما حدث، وعليها أن تبحث عن الصيغة المناسبة لتصريف وتجسيد إعلان مسؤوليتها السياسية فيما حدث، هذا إذا كانت تؤمن بالشعار الذي أثقلت به مسامع المغاربة (ربط المسؤولية بالمحاسبة). ثانيا لا بد من أن يدخل القضاء على الخط في هذه القضية التي تهم الفساد، القضاء المستقل وحده المخول له الحسم فيما حدث وترتيب الجزاء المناسب، وليس من حق الحكومة احتقار القضاء من خلال استبعاده وتبديله بلجنة حكومية.