ميراوي يجدد دعوته لطلبة الطب بالعودة إلى الدراسة والابتعاد عن ممارسة السياسة    "البسيج" يفكك خلية إرهابية بمدينتي تيزنيت وسيدي سليمان    رفع أسطول الطائرات والترخيص ل52 شركة.. الحكومة تكشف خطتها لتحسين النقل الجوي قبل المونديال    إسرائيل تقول إنه يتعين على مصر إعادة فتح معبر رفح مع قطاع غزة، والقاهرة تستنكر محاولات تحميلها الأزمة الإنسانية    إدارة الزمالك تسجل اعتراضا جديدا قبل مواجهة نهضة بركان    السيتي يهزم توتنهام ويقترب من التتويج بالبريمرليغ    طقس الأربعاء.. نزول أمطار متفرقة بهذه المناطق        الطاقة الاستيعابية للأحياء الجامعية.. ميراوي: الوزارة تهدف إلى 410 ألف سرير    بسبب "ضعف استجابة النظم القانونية والمؤسساتية".. مقترح قانون لمواجهة العنف الرقمي ضد النساء    مجلس المستشارين يصادق بالإجماع على مشروع قانون يتعلق بنظام التأمين الإجباري الأساسي عن المرض        توقيف 8 طلبة طب بوجدة بعد يوم واحد من تهديدات ميراوي    توقيع عقد للتنزيل الجهوي لخارطة طريق السياحة بجة الشمال    عميد المنتخب المغربي يتوج هدافا للدوري الفرنسي    الأمثال العامية بتطوان... (598)    رئيس "الليغا" يؤكد انضمام مبابي لريال مدريد بعقد مدته 5 سنوات    كيف يمكن الاستعداد لامتحانات البكالوريا بهدوء وفعالية؟    تاريخها يعود ل400 مليون سنة.. الشيلي تعيد للمغرب 117 قطعة أحفورية مهربة    وزير التجهيز: 3000 كلم طرق سيّارة ستواكب تنظيم المغرب لكأس العالم    قيمة منتجات الصيد الساحلي والتقليدي المسوقة ارتفعت لأزيد من 3,5 مليار درهم    القضاء يتابع مُقتحم مباراة نهضة بركان والزمالك    الجامعة تعين مساعدا جديدا لطارق السكتيوي    340 نقطة سوداء على مستوى الطرق الوطنية تتسبب في حوادث السير    تنسيقيات التعليم تؤكد رفضها القاطع ل"عقوبات" الأساتذة وتحذر من شبح احتقان جديد    "الطابع" لرشيد الوالي يكشف عن مأساة مهاجر مغربي في رحلة بحث عن الهوية    الاتحاد الأوروبي يمنح الضوء الأخضر النهائي لميثاق الهجرة واللجوء الجديد    جماعة طنجة ترصد نصف مليار لتثبيت مئات الكاميرات لمراقبة شوارع المدينة    دار الشعر بمراكش تواصل الانفتاح على التعدد اللساني والتنوع الثقافي المغربي    هذا الجدل في المغرب… قوة التعيين وقوة الانتخاب    إدارة السجن المحلي بتطوان تنفي تعرض سجين لأي اعتداء من طرف الموظفين أو السجناء    بسبب إياب نهائي الكونفدرالية.. تأجيل مواجهة نهضة بركان والرجاء إلى يوم 23 ماي القادم    الخط الأخضر للتبليغ عن الفساد يسقط 299 شخصا    "أكديطال" تفتتح مستشفى ابن النفيس    ارتفاع حصيلة قتلى العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 35173 منذ بدء الحرب    "أطلنطا سند" تطلق التأمين المتعدد المخاطر منتوج "برو + المكتب"    قُصاصة حول إصدار    الباحث البحريني نوح خليفة: جهود المغرب تأتي موازية لتطلعات العالم الإنساني وعالم الطبيعة    بعد القضاء.. نواب يحاصرون وزير الصحة بعد ضجة لقاح "أسترازينيكا"    هاشم تقدم مؤلف "مدن وقرى المغرب"    دعوات متزايدة عبر الإنترنت لمقاطعة مشاهير يلتزمون الصمت حيال الحرب على غزة    بيع لوحة رسمها الفنان فرنسيس بايكن مقابل 27.7 مليون دولار    أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط توقعات شح الإمدادات    هل تكون إسبانيا القاطرة الجديدة للاقتصاد الأوروبي ؟    الصين تدعو لعلاقات سليمة ومستقرة مع كوريا    السعودية: لاحج بلا تصريح وستطبق الأنظمة بحزم في حق المخالفين    المخرج الإيراني محمد رسولوف يفر من بلاده "سرا" بعد الحكم عليه بالجلد والسجن    دراسة: البكتيريا الموجودة في الهواء البحري تقوي المناعة وتعزز القدرة على مقاومة الأمراض    جامعة شعيب الدكالي تنظم الدورة 13 للقاءات المغربية حول كيمياء الحالة الصلبة    اعتقالات و"اقتحام" وإضراب عام تعيشه تونس قبيل الاستحقاق الانتخابي    إسبانيا ترد على التهديد الجزائري بتحذير آخر    قناة أرضية تعلن نقلها مباراة الإياب بين بركان والزمالك    لماذا يجب تجنب شرب الماء من زجاجة بلاستيكية خصوصا في الصيف؟    الأمثال العامية بتطوان... (597)    نقابة تُطالب بفتح تحقيق بعد مصرع عامل في مصنع لتصبير السمك بآسفي وتُندد بظروف العمل المأساوية    وفاة أول مريض يخضع لزرع كلية خنزير معدل وراثيا    الأمثال العامية بتطوان... (596)    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



واشنطن تعيد إنتاج أخطائها السابقة في العراق .. إيران تدعم تواجدها من العراق بسيطرة على المناطق التي يتم دحر داعش منها

الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأميركية في العراق، منذ الغزو سنة 2003، جراء انتهاجها سياسات ظرفية تتعامل مع الأزمات والهزات التي تعيشها البلاد من منظور حيني ضيق، فلا تستشرف المستقبل ولا تؤسس للمراحل اللاحقة بما يضمن استقرار العراقيين وأمنهم، لطالما كانت لها عواقب وخيمة، تجلت في أبرز صورها مع ظهور تنظيم داعش وسيطرته على قطاع واسع من العراق. وها هي واشنطن اليوم، وفق محللين، تعيد إنتاج نفس الأخطاء السابقة من خلال ترك الباب العراقي مشرعا أمام الميليشيات المدعومة من إيران بتعلة التعاون على مجابهة داعش، مما ينبئ بأنها لا تفكر مجددا في مستقبل العراق، ولا حتى في مستقبل مصالحها في المنطقة.
أدت المشاركة الإيرانية في معركة استعادة تكريت، وإدارة الجنرالات التابعين للحرس الثوري الإيراني، وعلى رأسهم رئيس فيلق القدس، قاسم سليماني، إلى قلب المعطيات على الأرض لصالح القوات العراقية والمسلّحين الأكراد والميلشيات الشيعية الموالية لطهران المعروفة بقوات «الحشد الشعبي».
تفيد التقارير الواردة من أرض المعركة بأنّ القوات توقفت عن التوغل في محافظة صلاح الدين، منذ الأسبوع الماضي، في انتظار وصول تعزيزات.
وتمكّنت تلك القوات التي يصل عددها إلى حوالي 20 ألف مقاتل من دخول مدينة تكريت، واستعادة أجزاء من المناطق في الشمال والجنوب. وعلى الرغم من هذا التقدّم على الأرض، ما زال تنظيم ?الدولة الإسلامية? يسيطر على نحو نصف المدينة.
وفي خضم ما يدور على الأرض من معارك، ينبئ المشهد بتنامي النفوذ الإيراني في العراق، بالتوازي مع تزايد النفوذ الشيعي الإيراني في كلّ من سوريا واليمن ولبنان، في ظلّ صمت أميركي وارتباك واضح لإدارة الرئيس باراك أوباما.
سياسة التلكؤ الأميركية
تشير دراسة صادرة عن مجموعة الشرق الاستشارية إلى أنّ أهمّ سؤالين تمّ توجيههما إلى إدارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، خلال جلسة استماع، انتظمت في وقت سابق، في الكونغرس، هما:
- أولا، لماذا خضع مخطط تسليح وتنظيم القبائل السنية التي تقاتل ضد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي تمت مناقشته خلال زيارة القبائل لواشنطن في يناير الماضي، للكثير من التقييد والتأخير والتلكؤ إلى جانب حصره في أجراء من المناطق السنية؟
- ثانيا، كيف لإيران التي توسع نفوذها بسرعة كبيرة في العراق أن تتحول إلى قوة شاملة على الأرض، على الرغم من الاعتراف العلني لرئيس الأركان المشتركة للقوات الأميركية، الجنرل مارتن ديمبس، الذي يعرف العراق جيدا، بأن دور طهران في العراق ?كان معرقلا تماما للشمولية أو لإمكانية قيام حكم شمولي في العراق
وتفيد الدراسة بأنّ الإجابة على هذين السؤالين لا تحتمل كثيرا من التحليل، حيث أنّ سياسة الولايات المتحدة الحالية تجاه الدور الإيراني في الشرق الأوسط سوف تضر بالمصالح الأميركية في المنطقة، بل وستضر بالمصالح العراقية في المستقبل. كما أنّ الولايات المتحدة ستجد نفسها لا محالة أمام خيارين اثنين، إما التحالف العضوي مع القبائل السنية في العراق وإما توطيد علاقاتها مع الحكومة المركزية الموالية لإيران في بغداد، وسيكون من المستحيل التوفيق بين الخيارين.
ويقول حكمت سليمان، أحد زعماء العشائر السنية الذين زاروا واشنطن «صحيح أنّ الولايات المتحدة لعبت دورا بناء في إستعادة بلدة كانت إستراتيجية بالنسبة إلى زعيم «داعش»، أبي بكر البغدادي، ولكن يجب أن توضح موقفها أكثر، خاصة في ما يتعلق بدور الميليشيات الشيعية».
وأضاف أنّه يعتقد «أنّ واشنطن سترسل الأسلحة التي وعدت بها خلال شهر أبريل المقبل»، موضحا أنّ بغداد وواشنطن تبادلتا بعض التحفظات بشأن الوضع في الأنبار، لكنّه رفض الكشف عن طبيعة تلك التحفظات. كما أفاد بأنّ «واشنطن تشعر بعدم الارتياح من وجود بعض الجماعات المسلحة الشيعية في القوات التي تدعم الجيش العراقي».
ومن ناحية أخرى، بقي التشريع الخاص بالحرس الوطني، الذي قدمته الحكومة العراقية إلى البرلمان في أوائل الشهر الماضي، على الرف ولم يتم التطرق إليه، في حين لا يتم السماح للميليشيات الشيعية الموالية لإيران غير الرسمية وغير الخاضعة لسيطرة أي من الهيئات الحكومية، بالتواجد على الأراضي العراقية فقط، ولكن أيضا بارتكاب أعمال وحشية دون أي مساءلة. وفي المقابل تم منع القبائل العربية السنية من تشكيل قوة دفاعية خاصة بها.
أما من الناحية القانونية فيُخضع التشريع هذه القوات لسيطرة حكومية صارمة، وهناك تأكيد على أنّ إيران التي تعارض فكرة بناء حرس وطني، لا تدرك بأن ?الحاجة إلى أمن محايد دفعت بعض القبائل السنية إلى دعم داعش?، لذلك يجب التّصدي إلى هذه الحاجة إلى وجود أمن مُحايد بالسبل القانونية.
قلق من تنامي النفوذ الإيراني
أثار التصريح الذي صدر عن علي يونسي، مستشار المرشد الإيراني، الذي قال «إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما الماضي»، ردود أفعال كبيرة في الأوساط العراقية والأميركية، لما فيه من دلالات واضحة على النوايا الحقيقية التي تقود السياسة الإيرانية في العراق وفي المنطقة عموما.
المعارك على أرض العراق فرضت سياسة الأمر الواقع على واشنطن
وفي تعليق على شريط فيديو يصور عمليات الحرق التي تقوم بها الميلشيات الشيعية بإحدى القرى السنية، قال أحد المسؤولين العراقيين السابقين «إنّهم (الميلشيات الشيعية) يظنون أنفسهم محررين، في حين أنهم غزاة. وهم يقومون بتطهير الأرض من التواجد السني»، وهو ما يوحي بملامح المستقبل الذي تريده إيران للعراق.
وتفيد دراسة مجموعة الشرق الاستشارية، بأنّه من الممكن أن يقول البعض بأنّ هنالك مبالغة في الحديث عن دور إيران في الحرب ضد داعش، وأن هذا الدور لا يؤدي آليّا إلى اضطهاد السنة، لكن بالعودة إلى الماضي القريب يثبت عكس ذلك، حيث أنّه في الوقت الذي لم يكن فيه لإيران تواجد عسكري كبير في العراق، كان لها دور كبير في الوقوف في وجه أي مقاومة لنظام نوري المالكي وحكومته الموالية لها، فما بلك وقد أضحت اليوم تتمتع بنفوذ عسكري على الأرض.
ويمكن لتنامي الدور الإيراني على الأرض العراقية أن يؤدي إلى عدّة نتائج، أهمها إمكانية ظهور تنظيم أو جماعة سنية متطرفة تنتهج العنف، ترث دور «داعش» الذي ورثه بدوره عن تنظيم القاعدة في العراق. وكذلك الحد من دور الولايات المتحدة في العراق وإخضاعه للضوابط الإيرانية. وهو ما يجب أن تحسب له إدارة أوباما ألف حساب.
ومن الواضح أنّ تنامي النفوذ الإيراني، سيضع الإدارة الأميركية في المستقبل أما خيارين، إما التحالف مع الحكومة المركزية في بغداد الموالية لإيران أو مع العرب السنة. كما أن الجدل حول من هو المحارب الحقيقي ل«داعش» يعتبر مسألة مموّهة، حيث أن إيران هي السبب الرئيس في إيجاد «داعش» وتنامي قوته، إذ يرى الخبراء والمحللون أن الانتهاكات بحق أهل السنة في العراق في ظل حكومة نوري المالكي دفعت بالعديد من القبائل السنية إلى مناصرة التنظيم المتشدد، ليس دعما له وإيمانا بأفكاره، بقدر ما هو رد فعل على الاعتداءات الشيعية بحقهم.
ولا شك أن هناك اختلافا بين رؤية الولايات المتحدة وإيران في مسألة ظهور تنظيم «الدولة الإسلامية»، ويمكن لهذا الاختلاف أن ينعكس في رغبة الطرفين في إيجاد حل للمشكلة العراقية، لكن لا يجب أن ينعكس على النحو الذي يصب في صالح الإستراتيجية التوسعية الإيرانية، حيث يتم تشديد الخناق على تسليح القبائل السنية وفي المقابل يقع تخفيف الضغط على الميليشيات الشيعية بذريعة الحاجة الملحة إلى القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية».
واشنطن مطالبة بعدم إعادة أخطائها
الثابت أنّ خيار كسر شوكة ?داعش? واحتواء طاقته العسكرية يعتبر خيارا صائبا، ولكنه يجب أن يرفق بتمهيد الطريق للتوصل إلى حل سياسي حقيقي في العراق على نحو يقلل من الاضطهاد الطائفي.
ويشمل هذا الحل تسليح العشائر السنية ومساعدتها على محاربة داعش وحماية نفسها من أي اضطهاد طائفي، والضغط على بغداد لسن التشريعات الخاصة بالحرس الوطني وشن حرب متعددة الأوجه ضد الجماعة الإرهابية.
وستفتح هذه الخطوات الباب أمام تسريع «النصر» على داعش وقطع الطريق أمام الأسباب السياسية التي قد تفسح المجال أمام قيام تنظيم متطرف على شاكلته في المستقبل.
ولذلك كانت الإجابة على سؤالي الكونغرس الأميركي تقضي بعدم تأخير تسليح القبائل السنية في العراق أكثر، خاصة أنّه من المحتمل أن تسعى إيران مع حلفائها العراقيين إلى إعادة إنتاج تنظيم على شاكلة ?داعش? وتصديره إلى العالم، وأن تحرص على أن تتعامل الولايات المتحدة مع العراق في المستقبل من خلال بوابة طهران، وهو ما سيؤدي إلى سقوط واشنطن مرة أخرى في نفس الأخطاء السابقة من خلال الرغبة في إيجاد حل سريع في المنطقة دون حساب العواقب المستقبلية.
و يبدو أن المعارك على أرض العراق، خاصة معركة استعادة تكريت الأخيرة التي شهدت تدخلا إيرانيا سافرا، فرضت سياسة الأمر الواقع على واشنطن وجعلتها تعود لاستنساخ نفس أخطائها السابقة في العراق.
جلّ هذه المعطيات تفيد بأنّ التلكؤ الذي بانت عليه السياسة الأميركية في المنطقة وتحديدا في العراق، الذي مرّ على غزوها له بالأمس 12 سنة، لم يجن خلاله العراق غير الفوضى والدمار الذي لحقه بسبب المعالجات الظرفية وغير التامة، التي لا تحسب حسابا لمستقبله وأمنه واستقرار المنطقة عموما. وهذه السياسة نفسها هي التي أعادت إيران اليوم إلى دائرة الفعل الإقليمي، وهي التي تهدد مصالح الأميركيين أنفسهم ودورهم في المنطقة أوّلا وقبل كلّ شيء، لذلك وجب التسريع بتعديلها تجنبا للعواقب الوخيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.