منذ صدور القانون رقم 57.11، المتعلق باللوائح الانتخابية العامة وعمليات الاستفتاء واستعمال وسائل الاتصال السمعي البصري العمومية خلال الحملات الانتخابية والاستفتائية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11.171 والقانون رقم 88.14 المتعلق بالمراجعة الاستثنائية للوائح الانتخابية العامة الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.14.191 ، بات واضحا بأن إرادة المشرع المغربي اتجهت إلى إسناد مهمة رئاسة اللجان الإدارية المكلفة بمراجعة اللوائح الانتخابية إلى القضاء للإشراف عليها قصد إعطائها مصداقية، وحتى يضمن سلامة عمليات التسجيل في اللوائح الانتخابية ويضمن سلامة نقل القيد من دائرة لأخرى ،وكذلك مسطرة التشطيب ، خاصة ما يتعلق منها بالتبليغ حتى يتمكن من صدر في حقهم قرار التشطيب من ممارسة حق الطعن المخول لهم قانونا باعتبار أن إعداد اللوائح الانتخابية عنصر أساسي ومهم في العملية الانتخابية . و بعد التتبع و الملاحظة سجل المتتبعون لأشغال اللجان الإدارية تخلي القاضي، في أغلبها ، عن دوره المسند إليه قانونا وترك الأمر بيد ممثل السلطة المحلية و ما يقدمه من معطيات متمثلة في تصحيح الأخطاء المادية وتحديد حالات فقدان الأهلية ،و كذلك إعداد لوائح التشطيب ، كل ذلك يتم في غياب المكون الأساسي لهذه اللجنة، الذي فرض عليه القانون صراحة القيام بهذه الأدوار باعتباره يترأس اللجنة الإدارية . إلا أن القاضي، و مع الأسف، اقتصر دوره فقط على التأشير و المصادقة على محاضر هذه اللجان بعد الانتهاء من أشغالها من طرف رجل السلطة و مساعديه، و في كثير من الأحيان تنقل المحاضر إلى القاضي إلى محل سكناه أو عمله . ولا شك في أن إسناد هذه المهمة للجهاز القضائي لم يكن عبثا ، بل هو تكريس لدولة الحق و القانون وإضفاء الشفافية والمصداقية، باعتبار أنه جهاز محايد ، نزيه و مستقل ،و لا يتلقى الأوامر والتعليمات من أي جهةٍ قد تكون لها مصلحة في التأثير على العملية الانتخابية. و بالتالي فهذا التخلي يساهم في زعزعة الثقة في سلامة اللوائح الانتخابية ، كما أنه تراجع عن مبادئ دستور 2011، وعن اختيار المغرب الدخول لنادي الدول الديمقراطية . (*) محام بهيئة أسفي