أضحى ظهير 1959 غير ملائم لحماية حقوق وحريات هذه الفئة، سواء في الاتفاقيات الدولية أو في تشريعات الدول المتقدمة ذات صلة بهذا الموضوع. ويهدف مشروع القانون إلى حماية الحقوق الأساسية والحريات الفردية للأشخاص المصابين باضطرابات عقلية وتحديد المبادئ العامة التي يجب أن يخضع لها التكفل بهؤلاء الأشخاص خصوصا ما يتعلق باحترام كرامتهم الإنسانية وحياتهم الخاصة وسرية المعلومات المتعلقة بهم. كما يسعى المشروع إلى حماية حق هذه الفئة في الموافقة المسبقة الصريحة والحرة والمستنيرة لخضوعهم للعلاج، وإذا تعذر ذلك، أخذ موافقة أحد أقاربهم، مع ضمان علاجهم في البيئة الأقل تقييدا لتمتعهم بحقوقهم وبحرياتهم الأساسية. وينص مشروع القانون على إحداث لجنة وطنية ولجان جهوية للصحة العقلية، تتألف من أطر قضائية وطبية وإدارية ومن ممرضين وممثلين عن جمعيات المجتمع المدني، للقيام بدور هيئة مراجعة لمنظمة الصحة العالية في الصحة النفسية. ويحدد مشروع القانون المؤسسات الصحية التي تعنى بالوقاية من الاضطرابات العقلية وبعلاج المصابين بها وإعادة تأهيلهم وإدماجهم الاجتماعي، مع التنصيص على وجوب توفرها على نظام داخلي وعلى بنايات وتجهيزات وموارد بشرية، ينص مشروع القانون أنه سيصدر بشأنها نصوصا تنظيمية. ويرمي المشروع إلى احترام الحقوق المعنوية المرتبطة بالكرامة الإنسانية للأشخاص المعنيين، وتفادي كل مساس بحقوقهم الأساسية وتوفير التوازن بين احترام الحقوق الأساسية للأشخاص المذكورين ومتطلبات النظام العام والسلامة. كما يحدد إحالات وشروط الاستشفاء الإرادي واللاإرادي والتقليص من مدتهما، مع التنصيص على حمايتهم من سوء المعاملة، وإجبارية إعلام المرضى بحقوقهم وبحالتهم الصحية، وتكريس حق المرضى في الولوج إلى ملفاتهم الطبية وبعث وتلقي المراسلات وإلزام المؤسسات الاستشفائية للصحة العقلية بمسك سجل الاستشفاء وسجل تقييد وعزل المرضى. ومن السبل المسطرة لبلوغ هذه الأهداف، يدرج مشروع القانون على أعمال الوقاية والتشخيص والعلاج وإعادة التأهيل وإعادة الإدماج ضمن مكافحة الاضطرابات العقلية وتنظيم التكفل بالأشخاص المصابين بها عبر أربعة أنماط، وهي نمط العلاجات الخارجية والاستشفاء ونمط التتبع الطبي الاجباري الخارجي ونمط إعادة التأهيل وإعادة الادماج الاجتماعي. كما يحدد مشروع القانون شروط اللجوء إلى علاجات من شأنها المساس بالسلامة الجسدية للمرضى، خصوصا جراحة الدماغ والعلاج بالتخليج الكهربائي، ومضادات الدهان ذات المفعول الممتد، مع تحديد طرق الطعن ودرجاته في حالة عدم احترام الحقوق أو رفض الاستشفاء اللاإرادي. وينص المشروع على إخضاع مؤسسات الصحة العقلية لعمليات تفتيش من ضباط الشرطة القضائية أو المفوضين المنتدبين لهذا الغرض من طرف الإدارة، أو الوكيل العام للملك.