حريق كبير قرب مستودع لقارورات غاز البوتان يستنفر سلطات طنجة    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    حكيم زياش يتألق في مباريات غلطة سراي    احتجاج تيار ولد الرشيد يربك مؤتمر الاستقلال    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    بوزنيقة : انطلاق المؤتمر 18 لحزب الاستقلال بحضور 3600 مؤتمر(فيديو)    حالة "البلوكاج" مستمرة في أشغال مؤتمر حزب الاستقلال والمؤتمرون يرفضون مناقشة التقريرين الأدبي والمالي    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    طقس السبت: أمطار وطقس بارد بهذه المناطق!    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    رئيس بركان يشيد بسلوك الجمهور المغربي    على هامش المعرض الدولي للفلاحة.. إطلاق هاكاثون الذكاء الاصطناعي للفلاحة القادرة على الصمود أمام التغير المناخي    فضّ الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية: ماذا تقول قوانين البلاد؟    المدير العام للوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات : المغرب مركز أعمال من الطراز العالمي    بركة يتهم النظام الجزائري بافتعال المؤامرات وخيانة تطلعات الشعوب المغاربية    الصحراء تغري الشركات الفرنسية.. العلوي: قصة مشتركة تجمع الرباط وباريس    شبكة جديدة طاحت فالشمال كتبيراطي شبكات الاتصالات الوطنية وها المحجوزات    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    "طوطو" يشرب الخمر أمام الجمهور في سهرة غنائية    أكبر صيد أمني منذ عشر سنوات.. 25 طنا من الحشيش المغربي تدخل أوروبا    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    رئيس اتحاد العاصمة صدم الكابرانات: المغاربة استقبلونا مزيان وكنشكروهم وغانلعبو الماتش مع بركان    البطولة الوطنية الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة ال27).. الشباب السالمي يتعادل مع ضيفه مولودية وجدة 0-0    تفريغ 84 طنا من منتجات الصيد البحري بميناء مرتيل خلال الأشهر الثلاثة الأولى لسنة 2024    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    السعودية تحذر من حملات الحج الوهمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي    المغرب يعتزم بناء مزرعة رياح بقدرة 400 ميغاوات بجهة الشمال    قميص بركان يهزم الجزائر في الإستئناف    عطلة مدرسية.. الشركة الوطنية للطرق السيارة تحذر السائقين    للجمعة 29.. آلاف المغاربة يجددون المطالبة بوقف الحرب على غزة    مقتل 51 شخصا في قطاع غزة خلال 24 ساعة    بيدرو روشا رئيساً للاتحاد الإسباني لكرة القدم    مصرع 10 أشخاص في حريق بفندق برازيلي    الأميرة للا مريم تترأس اجتماعا بالرباط    مندوبية السجون تغلق "سات فيلاج" بطنجة    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها جلالة الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    الصين تؤكد التزامها لصالح علاقات مستقرة ومستدامة مع الولايات المتحدة    بايتاس : الحكومة لا تعتزم الزيادة في أسعار قنينات الغاز في الوقت الراهن    "شيخ الخمارين ..الروبيو ، نديم شكري" كتاب جديد لأسامة العوامي التيوى    سعر الذهب يتجه نحو تسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    احتجاجا على حرب غزة.. استقالة مسؤولة بالخارجية الأمريكية    الشرقاوي يسلط الضوءَ على جوانب الاختلاف والتفرد في جلسات الحصيلة المرحلية    تطوان .. احتفالية خاصة تخليدا لشهر التراث 2024    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    السعودية قد تمثل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احميدوش : صندوق التعويض عن فقدان الشغل لا يضمن رفاهية العيش
قال ل «المساء» إن المقاولات المغربية لا يمكن أن تعتمد على آفة عدم التصريح بالأجراء كعامل للتنافسية
نشر في المساء يوم 24 - 11 - 2014

يؤكد سعيد احميدوش، المدير العام لصندوق الضمان الاجتماعي، على أن الصندوق وضع جميع الترتيبات الضرورية ليكون في الموعد المقرر لصرف تعويضات فقدان الشغل، مضيفا أنه تمت تعبئة الموارد المالية الضرورية لمواكبة العملية التي ستنطلق في فاتح دجنبر المقبل. وقال إن الحديث عن ضعف التعويضات، التي يضمنها الصندوق للأجراء، لا يستقيم لأن الاعتقاد بأن المنظومة ستخلق مصدرا للربح أو ستشكل عائدا يسمح بالعيش مدة طويلة في نوع من الرفاهية دون الاشتغال يتعارض مع الفلسفة التي تجعل منها منظومة مواكبة في فترة محددة مع شرط أن يبحث المستفيدون عن عمل.
ويؤكد احميدوش على أن الصندوق ملزم باعتماد مقاربتين، حبية وزجرية، في التعامل مع الشركات المتهربة والمتحايلة على إلزامية التصريح بالأجراء، مضيفا أن العقوبات الموجودة في التشريعات المغربية غير كافية لتلعب دور الردع لهذه الآفة التي تتسبب في تعطيل الاقتصاد وضرب القدرات التنافسية للمقاولات المغربية، فضلا عن تسببها في رفع الكلفة الاجتماعية على الجميع.
- على بعد أسبوع من بدء العمل رسميا بمنظومة التعويض عن فقدان الشغل، هل الصندوق مستعد للبدء في صرف التعويضات للأجراء المستوفين شروط الاستفادة؟
هذا ورش اشتغلنا عليه منذ سنوات، وحين تم اتخاذ قرار تفعيله تم وضع جميع الترتيبات الضرورية لنكون في الموعد ولضمان انطلاق جيد للعملية، وليس هناك أي تخوف طالما تم اتخاذ جميع التدابير، على مستوى التسيير والتدبير والإعلاميات والمساطر، فضلا عن التكوين الذي استفاد منه موظفو الصندوق لمواكبة انطلاق العملية. وقد قمنا بتعبئة الموارد المالية الضرورية لمواكبة العملية المقرر أن تنطلق في فاتح دجنبر المقبل.
- وماذا عن الميزانية المرصودة لهذه المنظومة؟ ألا تخشون في الصندوق حدوث تعثر في بداية تفعيل المنظومة؟
على العكس تماما. نحن في الصندوق نحرص على مسألة توفير الموارد المالية للاستجابة لأي تعويض مقرر أو منفعة يستفيد منها الأجراء، حتى تكون المنظومة ممولة. ولا يمكن تصور أن نطلق منظومة ثم نأتي في مرحلة ثانية للبحث عن موارد لتمويلها، وجميع الدراسات التي قام بها الصندوق وقدمت للمجلس الإداري تضم الشطر المتعلق بالمنافع والشطر المتعلق بالتمويل.
- القانون الذي يحدد شروط الاستفادة جعل من الحد الأدنى للأجر سقفا للمبالغ الممنوحة، وهي حسب المتتبعين مبالغ هزيلة، خاصة إذا قارناها بالأجور المرتفعة لبعض الأجراء.
الحديث عن ضعف التعويضات التي يضمنها الصندوق للأجراء الذين يفقدون عملهم رهين بالتوقعات. وإذا كان البعض يتوقع أن تخلق هذه المنظومة مصدرا للربح أو تشكل عائدا بالنسبة للأجراء يسمح بالعيش مدة طويلة في نوع من الرفاهية دون الاشتغال، فهذا يعارض الفلسفة التي تقوم عليها منظومة هذا التعويض. بالإضافة إلى هذا، فالإجراءات التي تم وضعها تنص على الوقوف بجانب الأجير، الذي يفقد عمله بصفة لا إرادية خلال فترة محددة، ومساعدته ريثما يجد عملا بديلا. ولهذا فالأمر يتعلق بإجراء مصاحب وليس إجراء استبداليا للأجر. ولهذا لم نشأ تسميتها تأمينا عن البطالة، بل هي منظومة مواكبة للأجراء في فترة محددة مع شرط أن يبحث المستفيدون عن عمل بصفة حثيثة أو متابعة تكوينهم في قطاعات جديدة.
- كان هناك مقترح خلال الإعداد للمشروع ينص على أن تكون مساهمة الأجراء اختيارية وغير ثابتة، مما سيمكن من الاستفادة من تعويضات تتناسب مع حجم المساهمة؟ لماذا لم يتم العمل بهذا الخيار؟
التعويض ليس موحدا، رغم أنه محدد بسقف، ويحتسب بناء على متوسط الأجر في السنوات الثلاث الأخيرة. ولا ننسى أن العدد الكبير للأجراء المسجلين في الصندوق ليسوا من أصحاب الأجور المرتفعة، بل هم أجراء ذوو دخل متوسط أو ضعيف، وهؤلاء هم من يعانون للأسف من آفة فقدان الشغل بصورة أكبر من ذوي الدخل العالي. وهناك قطاعات يكون فيها الأجير مهددا بصفة أكبر مثل البناء أو النسيج. وهؤلاء لا تتجاوز أجورهم في الغالب ألفين أو ثلاثة آلاف درهم. ولهذا فمنظومة الحماية الاجتماعية بإمكانها أن توفر لهذه الفئة تعويضات معقولة تعينهم على تجاوز الأزمة ريثما يجدون عملا، وحينها سنكون حققنا الهدف المنشود.
- في آخر لقاء جمعكم بأعضاء الاتحاد العام للمقاولات أثيرت فكرة بناء الثقة بينكم كصندوق وبين المقاولات المغربية، وهذا أمر يقابله ضرورة تطبيق القانون على الشركات المتهربة والمتحايلة. أية صيغة، في نظرك، يجب اعتمادها لحث المقاولات على التصريح بالأجراء؟
كلتا الصيغتين مطلوبة، لكن الأمر لا يتعلق بخيار ولا يمكن أن نعتمد حلا ونغفل الحل الآخر. ومعلوم أن عدد المشغلين في المغرب المسجلين في الضمان الاجتماعي يبلغ قرابة 160 ألف مشغل، وضمن هؤلاء نجد أصنافا وعقليات وعادات مختلفة، ولدى بعضهم مقاربات قانونية متباينة مثلما تتباين طرق تعاملهم مع الأجراء العاملين لديهم باختلاف القطاعات التي يعملون فيها، وصندوق الضمان الاجتماعي يعتبر أن التعامل مع هؤلاء يجب أن يكون كاملا وشاملا، أي أن نعتمد في الوقت نفسه التعامل البيداغوجي أو ما يمكن أن نصفه بالتعامل الحبي، ونفترض من خلاله أن بعض المشغلين لا يعرفون القانون عن حسن نية أو عن سوء نية، وهناك من لا يعلمون فوائد الانخراط في الصندوق، ولهذا فالمقاربة الحبية والتحسيسية تبقى ضرورية لأنها تؤدي إلى نتائج جيدة.
في الوقت نفسه من الضروري أن نعتمد المقاربة الزجرية مع عدد من المقاولات، التي تتهرب من تطبيق القانون ومن التزاماتها الاجتماعية تجاه أجرائها، رغم علمها بتبعات ذلك. ولهذا فتطبيق القانون بشكل صارم كفيل بأن ينهي تحايل بعض المشعلين وضمان حقوق الأجراء. لهذا أعيد التأكيد على أننا نعتمد المقاربتين حسب طبيعة المقاولة المستهدفة. وأعيد التأكيد على أن فيه حالات كثيرة تمكنا من تسوية عدد من الحالات باعتمادنا المقاربة الحبية، التي تؤدي إلى نتائج دائمة لأن المشغل يلمس الفوائد الكثيرة التي تعود بها هذه العملية على الأجراء، سواء على مستوى الحماية الاجتماعية أو على مستوى الاستفادة من المنافع التي توفرها التغطية الصحية الإجبارية. وهذا ينعكس إيجابيا على مردودية العاملين في المقاولة. لكن حين يتعذر تحقيق الأهداف بشكل حبي نلجأ إلى القانون الذي يمنح الصندوق صيغا متعددة لتسوية وضعية الشركات تجاهه..
- تطبيق القانون يفترض توفير الموارد اللازمة لذلك، ومن بينها المراقبون والمفتشون، وهم في المجموع لا يتعدون 140 موظفا. هل بهذا العدد تعتقد أن بالإمكان تغطية المقاولات المارقة؟
لا شك أن العدد يمكن أن يتحسن، وهذا كفيل بأن يعطي نتائج أحسن. ولكن في الوقت نفسه هذا أمر غير كاف لأننا نعتبر أن العقوبات التي ينص عليها القانون غير كافية لتؤدي دورها في ردع المتحايلين، ولا ننسى أن مهمة المراقبة ليست منوطة فقط بالمراقبين، بل هي مهمة يقوم بها جميع الموظفين بالوكالات من خلال تعاملهم اليومي، إذ يقومون بدور التواصل والتحسيس والشرح في علاقتهم بالمشغلين. أما الموظفون المكلفون بالتفتيش والمراقبة فلديهم دور زجري أكثر منه دور تحسيسي، وأعتقد أننا إذا أردنا أن نمر إلى مرحلة جديدة فمن الضروري أن ننهي عهد التسامح مع آفة عدم التصريح، وهذا يتطلب انخراط المجتمع ككل، وعلينا أن نعتبرها مشكلا يمس الجميع، لأنه لم يعد مقبولا القبول بخطاب التبرير، الذي يرتكن إليه الكثيرون من مشغلين وأجراء أنفسهم، بل حتى بعض المسؤولين ممن يقبلون به، صاروا يفعلون ذلك.
أعتقد أنه في الأمد البعيد لا يمكن للاقتصاد والمقاولة المغربية الاعتماد على آفة عدم التصريح بالأجراء كعامل للتنافسية، ولا يمكن أن نجعل منه مرتكزا نبني عليه المقاولة المغربية لأن هذا من شأنه أن يسرع فشل أي مشروع مقاولة ناجحة، واقتصادنا يجب أن يكون مبنيا على مقاولات تحترم القانون وتحترم أجراءها.
- ألا تعتقد أن الأمر يفترض تعديل القوانين المؤطرة، أو اعتماد أخرى جديدة، مما يمكن من توفير آليات جديدة لحث المشغلين على التصريح بالأجراء، وأنت تتذكر الضجة التي خلفتها عملية الحجز على حسابات بعض المتهربين من التصريحات؟
كل عملية لا يتم تطبيقها بكيفية معقولة قد تؤدي إلى آثار جانبية سلبية. هذا أمر عام في جميع المجالات، والزجر في المحصلة هو تطبيق القانون، ولا يمكن تصور موظف في الصندوق يدخل في صراع مع المشغلين، بل على العكس، فمهمته تتجلى بشكل أساسي في تطبيق المسطرة القانونية، والقانون هو الذي يحدد العقوبات التي نطبق. وأعتقد أن العقوبات الموجودة في التشريعات المغربية غير كافية لردع هذه الآفة، ولا ننسى أن التهاون مع هذه الظاهرة يؤدي إلى اختلالات كثيرة، أولها أن المقاولات نفسها تشتكي من هذه الظاهرة، ولكم أن تتصوروا وضعية شركة تحترم القانون وتصرح بأجرائها وتؤدي واجبات التصريح عنهم، في مواجهة شركة لا تحترم القانون، وكلتاهما تشتغلان وتتنافسان في قطاع معين. فمن يضمن ألا تلجأ هذه الشركة أيضا إلى هذه الممارسات طالما أن كلفة الإنتاج لديها مرتفعة ولا تسمح بمواجهة حدة المنافسة غير المشروعة؟ ثم إن التحايل على القانون يؤدي إلى وجود عدد كبير من المواطنين، الذين يصطدمون بحقيقة حرمانهم من معاش التقاعد لأن مشغلهم كان يتحايل في التصريحات المقدمة، وهذا أشبه ببرمجة مسبقة لفقر عدد كبير من المغاربة، وهذا ما سيرفع الكلفة الاجتماعية على الجميع.
- على ذكر التقاعد، أين يمكن تصنيف صندوق الضمان الاجتماعي في النقاش الدائر حاليا حول أزمة صناديق التقاعد؟ هل هو مهدد أيضا أم ما تزالون تثيرون سنة 2026 كتاريخ سيشهد بداية الأزمة بالنسبة إليكم؟
صندوق الضمان الاجتماعي مثله مثل باقي الصناديق سيتأثر في المستقبل سلبا بالمعطيات الموجودة حاليا، وهي بالأساس اعتماد منظومة التقاعد مبنية على مفهوم التدبير بالتوزيع، أي أن الاقتطاعات التي تؤخذ من الأجراء المشتغلين اليوم تؤدي معاشات الأشخاص الموجودين اليوم في حالة تقاعد، والعلاقة بين عدد الأجراء المشتغلين مقارنة بعدد المحالين على التقاعد هو الذي سيحدد مستقبل هذه الصناديق، خصوصا إذا كانت الغلبة لعدد المتقاعدين، مما يعني أن الاشتراكات لن تكفي لتسديد المعاشات. خلال العشر السنوات الأخيرة كانت هناك وتيرة نمو منخفضة في عدد الأجراء المشتغلين مقابل نمو سريع للمتقاعدين مع وصول أعداد كبيرة من أجراء الستينيات والسبعينيات إلى سن التقاعد وارتفاع أمد الحياة في المغرب بشكل إيجابي، وهذا يعني زيادة المستحقات الواجب صرفها من طرف الصناديق. هذه عوامل تشترك فيها جميع الصناديق، بما فيها صندوق الضمان الاجتماعي.
هل يعني ذلك أننا سنشهد مراجعة لتاريخ 2026 الذي سبق الحديث عنه؟
الأرقام كلها صحيحة، واعتمدنا فيها على هذه المعطيات التي ذكرت بعضها. وحتى لو كانت هناك مراجعة للتاريخ فلن تتعدى سنة أو سنتين، حسب الإسقاطات. وهذا لا يغير من الأمور الشيء الكثير. والتأثير على الصناديق سيكون مختلفا بين صندوق وآخر، وسيكون بشكل أكبر على الصندوق المغربي للتقاعد، الذي يهم موظفي القطاع العام بالنظر إلى عدد من المعطيات، منها أن عدد وتيرة الملتحقين بالقطاع العام انخفضت بشكل كبير مقارنة بالمحالين على التقاعد، ومستقبلا لا يمكن أن نتوقع أن تبقى الدولة هي المشغل الرئيسي.
- وماذا عن بعض الحلول المقترحة من طرف الحكومة، والتي أثارت جدلا واسعا، خاصة مقترح رفع سن التقاعد والزيادة في قيمة مساهمات الأجراء؟
الإجراءات الموضوعة على الطاولة، اليوم، هي إجراءات تهم بالأساس الصندوق المغربي للتقاعد، وهي موضوع الجدال الحاصل اليوم. ولا شك أن رزمة الإجراءات التي تتحدث عنها الحكومة هي بداية عملية الإصلاح وليس منتهى الإصلاح. ومما لا شك فيه أنه سيكون مفروضا المرور إلى الصناديق الأخرى لإيجاد حلول لأزمتها المرتقبة. وبالنسبة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لا بد من القيام بعدد من الإجراءات التي سيفتح نقاش بخصوصها بين المشاركين من مشغلين وممثلي للأجراء عبر المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية. ولا شك أن الحلول ستكون عبر مجموعة إجراءات ستمس العوامل التي ذكرتَ، أي سن التقاعد والرفع من المساهمات. وإذا افترضنا، مثلا، أنه تم الرفع من سن التقاعد في القطاع العام فهذا سيكون له تأثير على سن التقاعد القانوني في القطاع الخاص. أما بالنسبة للاشتراكات، فأعتقد أنه يجب إعادة النظر فيها، والدراسات الموجودة لدينا في الصندوق، وهي دراسات مؤكدة من طرف جهات أخرى، تقول إن رفع الاشتراكات من 2 إلى في المائة على مراحل سيعطي دفعة لضمان ديمومة منظومة التقاعد.
- لماذا لا يتم التفكير في الانفتاح على مهن عديدة، من بينها المحامون الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة إذا علمنا أن عدد النشيطين في هذه المهن يصل إلى ما يقارب 11 مليون شخص؟ وما الذي يمنع اليوم من إيجاد صيغ لاستفادة هؤلاء من الخدمات التي يوفرها الضمان الاجتماعي، وفي الوقت نفسه سيمكن الصندوق من موارد إضافية قد تبعد شبه الأزمة التي تهدده؟
النقطة التي أثرت صحيحة وأساسية لأن عددا كبيرا من النشيطين يشتغلون لحسابهم الخاص في مهن حرة، وهي ظاهرة مغربية بامتياز لأنه حين نعقد مقارنة مع دول أخرى، خاصة الدول الصناعية، نجد أن الأجراء هم من يمثلون غالبية الفئات النشيطة، أما في المغرب فأغلبية السكان النشيطين ليسوا أجراء، وهذا راجع لطبيعة تكوين المجتمع وللتكور الصناعي النسبي، الذي أدى بأعداد كبيرة من النشيطين إلى العمل لحسابها الخاص، وهم للأسف لا يملكون أي منظومة للحماية الاجتماعية. ومن دون شك ففي السنوات المقبلة سيكون من الأولويات، حسب اعتقادي، توفير منظمة للحماية تشمل هذه الفئات، ولا ننسى أن القوانين المؤطرة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حاليا، وطريقة اشتغالنا هي موجهة للأجراء، أي أن علاقتنا مرتبطة بالمشغلين والمقاولات، والانتقال إلى المهن المستقلة يفرض خلق منظومة ملائمة لطبيعتها.
لا بد من التشديد على أنه من الضروري توفير حماية اجتماعية ملائمة ليس فقط لخلق توازن مع الصناديق الأخرى، بمعنى أن انفتاحنا على هذه الفئات لا يجب أن يكون مصلحيا ونحتاج إلى مساهماتهم لنضمن توازن الصندوق وتغطية الخصاص الحاصل، بل على العكس نحن نؤمن بأن هؤلاء مواطنين مغاربة ولديهم الحق في الحماية الاجتماعية عبر خلق منظومة قابلة للتفعيل، أي المرور بالفكرة من النص إلى أرض الواقع. هناك اليوم العديد من الأفكار التي يشتغل عليها الخبراء، وهو موضوع يهم السياسة العامة للسلطات العمومية، وتشارك فيه جميع الهيئات المعنية، وأعتقد أن هناك تقدما في النقاشات، والأمر مرتبط بقرار سياسي وقوانين تخرج إلى حيز الوجود، وأعتقد أن التدرج في هذا الورش ستكون له فائدة كبرى لأن ذلك سيمكننا من بناء المنظومة بعقلانية. كما أعتقد أنه سيكون من السهل البدء بالمهن المنظمة مثل التي ذكرت في سؤالك لأن هناك هيئات تنظمها ويمكن التنسيق معها في إطار خارطة طريق، مما سيمكننا من أن نشمل هذه الفئات بالحماية الاجتماعية.
- أقدمتم على توسيع سلة العلاجات لتشمل علاجات الأسنان. ألا ترى أن العملية ستشكل ضغطا على الصحة المالية للصندوق؟
أعتقد أن بناء منظومة التأمين الصحي التي اعتمدنا كانت منية على فكرة التدرج، فلم نقم منذ البداية، أي منذ سنة 2006، بتغطية جميع الأمراض، وهذا ما مكننا من بناء نظام متماسك ومتين. والتأمين على علاجات الأسنان مرحلة من المراحل التي كان مفروضا أن نصل إليها، وقد سبقها بالتأكيد قيامنا بجميع الدراسات اللازمة. وكما أشرت سابقا فنحن نقدم مشاريعنا مفصلة ضمن جزأين: جزء يتعلق بالمصاريف وجزء خاص بالتمويل. وقد خصصنا موارد خاصة للتأمين على علاجات الأسنان، التي سيشرع في الاستفادة منها في 2015، وتمويلها سيبدأ في فاتح يناير 2016، وستكون هناك إيرادات إضافية ستسمح على المدى البعيد بتمويل هذه العلاجات.
- أين وصل طلبكم بخصوص «فك الارتباط» مع صندوق الإيداع والتدبير؟ وما هي المساعي التي تقومون بها لدى الحكومة لتعديل القانون الذي يفرض عليكم إيداع كل الفوائض المالية لدى هذا الصندوق؟
هناك تعاون حثيث مع جميع الأطراف المعنية بالملف، على رأسها إخواننا في صندوق الإيداع والتدبير، من أجل إيجاد حل يأخذ بعين الاعتبار الم صلحة العليا للمتقاعدين.
بعض ملاحضات الأطباء حول تحرير الاسثمار في المصحات في محلها
- هل تم إقبار ملف تفويت المصحات التابعة للصندوق نهائيا، أم تتوقعون فتحه مجددا مع الحديث اليوم عن فتح الاستثمار في المصحات الخاصة في وجه الشركات؟
الملف ما يزال مفتوحا، ونشتغل عليه وهناك دراسات نجريها بتعاون مع مكتب للخبرة، وهناك لجان للقيادة تضم الوزارات المعنية، منها وزارة التشغيل والمالية والصحة ورئاسة الحكومة، ومهمتها دراسة جميع السيناريوهات الممكنة، سواء من الناحية القانونية أو من الناحية العملية.
وفي ما يخص الجدل الدائر، اليوم، بين الحكومة وبين الأطباء حول ملف فتح رأسمال المصحات أمام الشركات أعتقد أنه جدل مشروع، ومن الضروري الأخذ بعين الاعتبار بعض ملاحظات الأطباء، وهي في محلها، وأظن أن هناك تجارب في عدد من الدول التي أقدمت على هذه الخطوة دون أن تؤدي العملية بالضرورة إلى نتائج سلبية، بل على العكس كانت هناك نتائج إيجابية جدا بالنسبة لصحة المواطنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.