كشفت دراسة أنجزتها جمعية بمدينة أيت ملول عن تراجع واضح في النتائج الدراسية للتلاميذ المتحدرين من الأحياء غير المهيكلة والمحرومة من شبكة الماء والكهرباء. وعزت الدراسة ذاتها تراجع المستوى التعليمي للتلاميذ إلى الانعكاسات السلبية المرتبطة بحرمان منازل عائلاتهم من هاتين المادتين الحيويتين منذ أربع سنوات. وفي هذا الصدد، قال عمر بوراس، رئيس جمعية أعن ابنك لمحاربة الهدر المدرسي، أن هؤلاء التلاميذ عادة ما يجدون صعوبات جمة أثناء إعداد التمارين المنزلية، إذ يضطرون إلى مراجعة دروسهم على ضوء الشموع لغياب الإنارة في أوقات الليل، مما يجعل بعضهم يفضل التوجه لدى أفراد أسرهم القاطنين بالأحياء المزودة بشبكة الماء والكهرباء، غير أن هاته الخطوات البديلة، تؤثر سلبا في نفسية التلاميذ الذين يجدون أنفسهم في أحيانا كثيرة ضيوفا غير مرغوب فيهم، بالنظر لمجموعة من الاعتبارات المرتبطة بتعدد أفراد الأسر المستقبلة، وغياب الأجواء المساعدة لعملية المراجعة والتركيز في إعداد التمارين. وأضاف بوراس أن الوضعية الراهنة، التي توجد عليها معظم المنازل المحرومة من أبسط ضروريات العيش الكريم، تدق ناقوس الخطر إزاء مستقبل هؤلاء التلاميذ الذين يغادرون مقاعد الدراسة في سن مبكرة، خصوصا مع استمرار حصولهم على نتائج ضعيفة ومعدلات دون المستوى، مما يجعلهم يشعرون بحرج شديد أمام زملائهم وذويهم، وهو ما يضطرهم في النهاية إلى التفكير في مغادرة الدارسة في المرحلة الابتدائية، اعتبارا للأسباب سالفة الذكر، حيث يلجؤون لاحقا إلى مزاولة بعض المهن الهامشية كبيع السجائر بالتقسيط وتلميع الأحذية لمساعدة عائلاتهم، في حين تتكفل الفتيات بالأشغال المنزلية وجلب مياه الشرب من مناطق بعيدة. وفي السياق نفسه، حمل فاعلون جمعويون بالمدينة، مسؤولية استمرار معاناة هاته الفئات للجهات المكلفة بالتعمير، خاصة بعد عجز هؤلاء عن حل المشاكل الراهنة طيلة السنوات الماضية، رغم العديد من الملتمسات والوقفات الاحتجاجية التي خاضها السكان المتضررون المطالبين بحقهم المشروع في الماء والكهرباء، هذا في وقت لم يخفوا في شهادتهم، تخوفاتهم من استغلال المشاكل الآنية، كورقة رابحة خلال الحملات الانتخابية القادمة من طرف أحزاب بعينها، خاصة بعد أن طال أمد تسوية منازل المتضررين التي تحتاج فقط إلى إرادة واستراتجية عامة تشمل كامل الجهات المعنية المكلفة بملف التعمير بدءا بمصالح البلدية والعمالة والوكالة الحضرية. وتساءل هؤلاء عن جدوى الأموال الطائلة التي يتم تخصيصها سنويا لمهرجانات وتظاهرات موسمية غير مجدية، كان من الأولى استثمارها في حل الأزمة الراهنة، التي باتت تؤثر سلبا على مستقبل أجيال بكاملها، كان من المفروض أن تحمل مشعل القيادة، قبل أن يجد هؤلاء الأطفال أنفسهم على الهامش، بفعل غياب إستراتيجية بناءة لدى القائمين على تدبير الشأن المحلي، تروم تزويد سكان الإقليم بالماء والكهرباء والصرف الصحي، كأولويات لا محيد عنهما، قبل الحديث عن شعارات التنمية وخطابات البهرجة المواكبة لها.