أخنوش متمسك بأغلبيته ويستبعد في الوقت الراهن إجراء أي تعديل حكومي    حزب الاستقلال يعقد مؤتمره محسوم النتيجة    أخنوش: لا سنة بيضاء في كليات الطب ونهدف إلى إصلاح شامل لمنظومة الصحة    انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس "مولان روج"    الأمير مولاي رشيد يترأس بمكناس مأدبة عشاء أقامها الملك على شرف المدعوين والمشاركين في المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    في ظل ضبابية رؤية الحكومة.. هل يلغي أخنوش صندوق المقاصة؟    "IA Branding Factory"… استفادة 11 تعاونية من الخدمات التكنولوجية للذكاء الاصطناعي    الصين تتعبأ لمواجهة حالات الطوارئ المرتبطة بالفيضانات    السعودية قد تمثَل للمرة الأولى في مسابقة ملكة جمال الكون    رسميا.. بدر بانون يعود لأحضان فريقه الأم    بطولة إفريقيا للجيدو... المنتخب المغربي يفوز بميداليتين ذهبيتين ونحاسيتين في اليوم الأول من المنافسات    جمع أزيد من 80 كيس دم في حملة للتبرع بجرسيف    العرائش : انطلاق أشغال مشروع تهيئة الغابة الحضرية "ليبيكا"    مؤسسة (البيت العربي) بإسبانيا تفوز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها ال18    "لمسات بألوان الحياة".. معرض تشكيلي بتطوان للفنان مصطفى اليسفي    عرض فيلم "أفضل" بالمعهد الفرنسي بتطوان    مسؤول بوزارة التربية يمنع التلاميذ من مضغ "العلكة" في المدارس بتزنيت    التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيدين للفلسطينيين    زلزال استقالات يضرب الخارجية الأمريكية بسبب دعم بايدن لحرب إسرائيل على غزة    النسخة السادسة للمباراة المغربية للمنتوجات المجالية.. تتويج 7 تعاونيات بجوائز للتميز    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    معرض لفلاحة 16 بمكناس كبر وخاصو يتوسع. دورة مقادة كان مشكوك فيها 3 اشهر. اقبال كبير وتجاوب مزيان وحركة دايرة    عدد العمال المغاربة يتصاعد في إسبانيا    قفروها الكابرانات على لالجيري: القضية ما فيهاش غير 3 لزيرو.. خطية قاصحة كتسناهم بسبب ماتش بركان والمنتخبات والأندية الجزائرية مهددة ما تلعبش عامين    تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية للملاكمة عصبة جهة سوس ماسة للملاكمة تنظم بطولة الفئات السنية    القبض على مطلوب في بلجيكا أثناء محاولته الفرار إلى المغرب عبر إسبانيا    وزير دفاع إسرائيل: ما غنوقفوش القتال حتى نرجعو المحتجزين لعند حماس    الدكتور عبدالله بوصوف: قميص بركان وحدود " المغرب الحقة "    شاهد كيف عرض فيفا خريطة المغرب بمتحفه في زوريخ    تسليط الضوء بالدار البيضاء على مكانة الأطفال المتخلى عنهم والأيتام    أخنوش: الحكومة تقوم بإصلاح تدريجي ولن يتم إلغاء صندوق المقاصة    هل دقت طبول الحرب الشاملة بين الجزائر والمغرب؟    طنجة تحتضن ندوة حول إزالة الكربون من التدفقات اللوجستية بين المغرب و أوروبا    نهضة بركان تطرح تذاكر "كأس الكاف"    البيرو..مشاركة مغربية في "معرض السفارات" بليما لإبراز الإشعاع الثقافي للمملكة    مؤتمر دولي بفاس يوصي بتشجيع الأبحاث المتعلقة بترجمة اللغات المحلية    أخنوش: نشتغل على 4 ملفات كبرى ونعمل على تحسين دخل المواطنين بالقطاعين العام والخاص    أخنوش يربط الزيادة في ثمن "البوطا" ب"نجاح نظام الدعم المباشر"    الخريطة على القميص تثير سعار الجزائر من جديد    رئيس الحكومة يجري مباحثات مع وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي    المغرب يستنكر بشدة اقتحام متطرفين المسجد الأقصى    ''اتصالات المغرب''.. النتيجة الصافية المعدلة لحصة المجموعة وصلات 1,52 مليار درهم فالفصل اللول من 2024    نمو حركة النقل الجوي بمطار طنجة الدولي خلال بداية سنة 2024    التحريض على الفسق يجر إعلامية مشهورة للسجن    الأمثال العامية بتطوان... (582)    نظام الضمان الاجتماعي.. راتب الشيخوخة للمؤمن لهم اللي عندهومًهاد الشروط    "مروكية حارة " بالقاعات السينمائية المغربية    في اليوم العالمي للملاريا، خبراء يحذرون من زيادة انتشار المرض بسبب التغير المناخي    خبراء ومختصون يكشفون تفاصيل استراتيجية مواجهة المغرب للحصبة ولمنع ظهور أمراض أخرى    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    أكاديمية المملكة تعمق البحث في تاريخ حضارة اليمن والتقاطعات مع المغرب    ماركس: قلق المعرفة يغذي الآداب المقارنة .. و"الانتظارات الإيديولوجية" خطرة    قميصُ بركان    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة صلاح الوديع إلى بنكيران ؟؟؟؟
نشر في الرأي المغربية يوم 27 - 07 - 2016

فرحت كثيرا عندما سمعت ان مثقفا بعث برسالة إلى رئيس الحكومة، وقلت في نفسي و أخيرا سنسمع لمثقفينا همسا، و هرعت إلى محرك البحث غوغل لأبحث عنها و أقرأها بتمعن و تركيز …. فهي رسالة مثقف … و ليست ككل الرسائل … و ليس أي مثقف … إنه صلاح الوديع.
قرأتها في البداية قراءة سريعة و متلهفة أبحث في ثناياها عن أشياء تشفي عطشي "الذي طال" لرسائل مثقفينا. .. رسائل تكون جميلة ومنمقة و حمالة لمعاني كبيرة …
لكنني صدمت ….
وجدت نفسي أمام رسالة لا ذوق و لا معنى لها و لا حقائق بها …
أعدت قراءتها ثانية و ثالثة … وفي كل مرة يخيب ظني …
لم أكن أريدها رسالة ترمي بنكيران بالورود … بل كنت أريدها صدقا… رسالة ناقدة و عميقة و دقيقة. .. تقرأ في واقعنا ما لا يقرأه العامة … و تستحضر معطيات تاريخية ينساها الجميع إلا المثقف. ..
فوجدتها رسالة من شخص يدعي الثقافة و هي منه براء و يدعي اليسارية و هي أيضا منه براء و يدعي الانتماء إلى مرحلة تاريخية و يحاول تأميمها ، و وجدت نفسي أمام حزبي ضعيف و متخبط يحاول جاهدا الدفاع عن حزبه و تلميع صورته المخدوشة و المشوهة من الولادة.
عندما يحمل المثقف "الحقيقي" قلمه يكتب للحاضر و للمستقبل، لهذا نجد رسائل كتبت منذ زمن طويل جدا مازالت تحيا بيننا… و نقرأها و نتذوقها و نستلهم منها الدروس و المعاني. ..
فكم ستعيش رسالة مثقفنا هذا .. و ما الذي تحمله يمكن أن يعيش لما بعد الاستحقاقات الانتخابية المقبلة…
بحثت و نقبت كثيرا لكني لم أجد أبدا أشياء تستحق القراءة و يمكن أن نحفظها للأجيال القادمة….
يكتب المثقفون ما يعجز الآخرون عن استنباطه. .. و يكتب المثقفون ما يخشى الآخرون كتابته. .. فهم يتميزون بالقوة في الاستنباط و التحليل … و الجرأة في الجهر بالحقائق و الشجاعة في مواجهة التحديات و الصعاب. ..
وسأكون مضطرا لأذكر مثقفنا بكلمات سبق وأن أرسلتها له بعد أن اتهم كذبا قيادات البيجدي بحضور عرس القرضاوي ورغم كل الأدلة التي قدمتها له لم يمتلك جرأة المثقف ولا شجاعة السياسي ليعتذر عن الكذب الذي نشره لأنه ممزوج بالحقد … فالهدف بالنسبة إليه ليس الحقيقة و لا الانتقاد و لكن نشر الكراهية….
إن أهم شيء يتميز به المثقف هو انحيازه للجمال والحب والخير والحق والعدل، لكن عندما ينحاز المثقف لأسياده و لحزبه ولقبيلته يصبح آلة كتابة يستعملها من شاء وكيفما شاء.
يكتب المثقفون الحقيقيون بعد لحظات تأمل طويلة، لهذا كلماتهم تعيش بيننا عمراً طويلاً، ويحفظها التاريخ للأجيال التي تأتي من بعد، أما أشباه المثقفين فكتاباتهم المتسرعة ليست سوى أداة للامتطاء نحو المناصب والمكاسب، ولهذا نرمي يوميا بالعشرات من الكتابات (الشخبطات) في سلة المهملات، دون أدنى شعور بالندم، لكننا نحتفظ و لسنوات طويلة بأسماء الأدباء والشعراء والمثقفين وبكتاباتهم ، نتناقلها ونورثها لأبناءنا بل ونحفظ جزءا منها في قلوبنا وذاكرتنا.
يكتب المثقفون الحقيقيون بعد بحث وتعب وكد و سهر، ينتقلون هنا وهناك ويحاوِرون هذا وذاك وقد يقطعون المسافات الطويلة بحثا عن المعلومة وعن الحقيقة، ليقدموا لجمهورهم عصارة جهدهم وبحثهم وأفكارهم، فتجد كلامهم قويا، صادقا، موزونا وعذبا ورقيقا تطرب له الأذن وتنشرح له الأسارير وتطمئن له القلوب، أما أشباه المثقفين فيجلسون في مكاتبهم الوفيرة والمكيفة، يدبجون شخبطات لا وزن لها يبيضونها كما الدجاج الرومي.
المثقف حامل لمشروع فكري قد نختلف مع مشروعه لكننا لا نملك إلا أن نحترمه، لأنه يعبر عن أفكاره بقوة لكنها ممزوجة بالصدق وموضوعة بأدب واحترام، وهو لا يكتب فقط لعشيرته و حزبه بل يكتب للجميع و يسعى لإقناع الجميع بأفكاره ومواقفه ورؤاه.
كان بودي أن أناقش رسالتك يا صلاح و آخذ منها و أرد لكنني وجدتها رسالة حاقدة ومنحرفة و قبل كل ذلك قبيحة.
رسالتك يا صلاح للأسف لا علاقة لها بالجمال و لا بالحب و لا بالخير ولا بالحق و لا بالعدل…
رسالتك للأسف ليس فيها تأمل و لا تعب و لا كد ولا حقائق ولا صدق و لا أدب و لا احترام….
فكيف تريدنا أن نتفاعل معك … وأي دور يمكنك أن تلعبه كشخص يدعي الانتماء إلى حقل الثقافة في بناء الأفكار و تناقحها و تفاعلها و يساهم في بناء مستقبل زاهر و وطن يتسع لكل أبناءه.
تكلمت يا صلاح عن اليسار لكن الذي أعرفه هو أنك من اليسار المحبط الحاقد على الملكية و الذي كان يحلم بالجمهورية و بالانقلاب و خطط لذلك مرات وتحالف مع العسكر لتحقيق مآربه وباءت كل محاولاته بالفشل، و اصطدمت بإرادة صلبة لملك وشعب.
و الذي أعرفه أنك كنت حاقدا على الراحل الحسن الثاني ومازلت وهو ما أكدته اليوم في رسالتك هاته عندما قلت "أن ما يشفع لرفاقك بالبام أنهم لم يستكينوا للتحكم الحقيقي الذي جسده منفذ السياسة السلبية للراحل الحسن الثانى …"، ثم قلت في فقرة أخرى "لقد كان لرجالات النضال الديمقراطي بالأمس كامل الشجاعة لمعارضة رئيس الدولة الراحل رحمة الله عليهم جميعا وجها لوجه ليواجهوه علنا بكون حكمه مستبدا و قمعيا و ظالما و هو ما أكدته هيئة الإنصاف و المصالحة " (و كذب على هيئة الإنصاف و المصالحة فهي لم تقل أن حكم الحسن الثاني كان مستبدا و قمعيا و ظالما ).
لا أريد أن أدخل في تفاصيل تلك المرحلة و أتكلم عن الانقلابات و المؤامرات و الدسائس، لكن أريد أن أسطر على مجموعة من الخلاصات أولها أن الذين يحقدون على الملك الأب لا يمكن أن يحبوا الملك الابن، ثانيها أننا نعيش الاستمرارية و ليس القطيعة مع مرحلة الحسن الثاني رحمه الله وهذا ما أكده الملك محمد السادس منذ توليه العرش و هذا ما يؤكده كل المغاربة، ثالثا مبادرة الإنصاف و المصالحة هي شجاعة من ملك متسامح يحب وطنه وشعبه و يضع مصلحتهم فوق كل اعتبار، وهو ما دفعه إلى طي صفحة ماض لوثته الدسائس و أدى الجميع الثمن غاليا، لكن يبدو أن أصحاب القلوب الضعيفة و المهزوزة لا يريدون طي تلك الصفحة …
قلت يا صلاح عن الأصالة والمعاصرة أن "ما يشفع لهذا الحزب عندك أن فيهم شباب و نساء و نخب جديدة تتمنى الإسهام في بناء بلدها عبر تجاوز سلبيات الماضي" …. أ هكذا نقيم الأحزاب يا مثقف … أين البرامج و الرؤى أين الأفكار و المرجعيات. ..
أنا متأكد يا صلاح أنك تتفق مع بنكيران في موقفه من الأصالة والمعاصرة و لكنك تحاول إخفاء هذه الحقيقة المؤلمة لك، لأنك جزء منها…. و حتى عندما تخلصت منها لم تمتلك شجاعة مصارحة المغاربة بهذه الحقيقة … لهذا أنت تبحث لهذا الحزب عن ما يشفع له عندك …. فعندما نقول "أن ما يشفع لفلان عندي …" أي ما يغفر له خطيئاته ويجعلني أتقبله أو أسامحه ، فأنت إذن تتفق مع بنكيران و تبحث فقط لهذا الحزب عن ما يشفع له فوجدت أن ما يشفع له هو وجود شباب و نساء و أطر وووووو …
تبحث يا صلاح لهذا الحزب عن الشفاعة، لكن المغاربة يريدون حزبا يحمل همومهم و آلامهم و آمالهم و لا يريدون حزبا أصحابه و مؤسسوه غير مقتنعين به و غير مؤمنين به و يبحثون له عن الشفاعة.
كان الأحرى بك أن تصارح المغاربة و تشرح لهم الأسباب الحقيقية التي جعلتك تغادر الحزب الذي ساهمت في تأسيسه و أن تشرح لهم لماذا يحتاج حزبك للشفاعة. .. وأن تقول لهم لماذا فشلت حركة لكل الديمقراطيين و أين هي الآن و ماذا حققت .. و أن تشرح لنا كيف تأسس الحزب و بمن تأسس و عن مشاريعه الظاهرة و الخفية ، عليك أن تقول للمغاربة وبكل صراحة و وضوح أننا جئنا لمحاربة العدالة والتنمية و محوه من الخريطة السياسية، عليك أن تقول للمغاربة أننا جمعنا جزءا من اليسار المحبط الطامح للمناصب بجزء من الليبراليين المتوحشين للثروة بآخرين مغرر بهم و آخرين تم تهديدهم. …، عليك أن تقول للمغاربة أننا أسسنا حزبا وفي الغد جمع لنا البرلمانيون من كل حدب و صوب و أصبحنا الحزب الأول في البرلمان مع أننا لم نشارك في الانتخابات. .
أشياء كثيرة عليك أن تقولها للمغاربة لكنك لا تمتلك الشجاعة لقولها …. و تمتلك فقط شجاعة مهاجمة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران … و فقط. ..
عبت على رئيس الحكومة أنه لم يشارك في إعداد تقرير الخمسينية و لا في تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة رغم أن المغاربة كلهم يعرفون السياق الذي أعدا فيه و من شارك و من لم يشارك و لماذا لم يتم إشراك هذا و ذاك. .
لكن يا صلاح ليس بنكيران وحده الذي لم يشارك في إعداد هذان التقريران، فأنا أيضا لم أشارك و أبي لم يشارك و أمي لم تشارك و لشكر زعيم الاتحاديين ورفيقكم لم يشارك و شباط زعيم الاستقلاليين لم يشارك و نبيل و لعنصر و مزوار ووو … فهل عليهم أن يرحلوا أم أن يخجلوا أم تريدهم أن ينحنوا لكم أنتم معدوا هذان التقريران المقدسان. …
لكن أخطر ما قلته ياصلاح و جعلني أشفق لحالك وحال بعض المثقفين أمثالك و الذين يتنكرون لتاريخهم و لدينهم و لشعوبهم و لا يفهمون حاجيات مجتمعاتهم هو مهاجمتك لدين الإسلام الذي نعرفه نحن المغاربة جيدا و لا نحتاج لا لك و لا للحركات الوهابية و لا لجماعة الإخوان… لا نحتاج لأحد ليعلمنا إياه، إنه الدين الذي رضعناه مع لبن أمهاتنا إنه الدين الذي علمنا كيف نحب و كيف نسامح و كيف نساعد و كيف نصنع الحياة إنه الدين الذي نريده معنا و نحن في المسجد و في البيت و في المدرسة و في العمل و في البرلمان و في الحكومة … إنه الدين و الدنيا كلها. ..
أشفق لحالك يا صلاح عندما قلت :" …. إن استراتيجية حركات الاسلام السياسي – ولا أقول الإسلام كدين – الداعية إلى الاعتداد المطلق والحصري بالماضي وإلى تقديم الاسلام بصفته "هوية" نمطية تتجسد في الصورة الجامدة العابرة للعصور وفي الشكل الهلامي المتمدد والمتقلص بحسب متطلبات السياسة، من الحريرية منها إلى المتوحشة، هذه الاستراتيجية هي ما يبرر ادعاء الغرب بأن الاسلام غير قابل للتطور، وادعاءه بأن شعوبه تستحق التهميشَ من منتدى الدول والأوطان، وبذلك يبرر العداء لها بل والحروب الاحترازية الظالمة عليها….. "
بمعنى "أسي صلاح" أن هذا الغرب كان يحبنا قبل ظهور حركات الإسلام السياسي ، واستعمرنا فقط ليشبعنا قبلا و ليس رصاصا، و لم نكن نعاني تهميش هذا الغرب حتى ظهر بنكيران و إخوته .. بل كنا في منتدى الدول والأوطان قبل أن تظهر حركات الإسلام السياسي . .. وعداء الغرب لنا مبرر و حروبهم الظالمة علينا هي فقط احترازية. .. تريد تحريف التاريخ و علاقتنا بغربك كيف كانت عبر العصور …
وبعد ذلك يقدم لنا صاحبنا المثقف "جدا" تفسيرا عظيما و يقول : " ولذلك تقوم تلك القوى العظمى بدعم الإسلام السياسي…"
على من تضحك يا صلاح. .. أتعرف لماذا عزف الشباب عن الثقافة و عن القراءة … لأن ما تكتبه أنت و أشباهك فعلا يصيبهم بالغثيان.
أليس غربك هو الذي ساند السيسي لينقلب على الإسلام السياسي في مصر … أليس غربك هو الذي ساند قبل ذلك الجيش في الجزائر لسحق الإسلام السياسي و محوه من الوجود … أليس غربك هو الذي دعم الانقلاب على الشرعية في تونس. .. أليس غربك هو الذي يقف وراء الانقلاب على أردوغان و حزبه في تركيا … أليس غربك هو الذي انفضح أمره في ليبيا. .. أليس غربك مسؤولا عن كل ما وقع في العراق التي لم يكن فيها حس للإسلام السياسي. ..
فكيف و متى و أين دعم هذا الغرب حركات الإسلام السياسي. ..
ثم ينتقل مثقفنا و محللنا السياسي الكبير ليشرح لنا ويبرر سيطرة الغرب علينا….
يقول صلاح " …يا للمفارقة، لأن وجودهُ (يعني الإسلام السياسي) يشكل الدليل القاطع على استحالة تطور دين الاسلام. مما يبيح لها (أي القوى العظمى) أن تشرعن مخططات سيطرتها على منطقة تبدو منغلقة على نفسها ككتلة واحدة بسبب دور الاسلام السياسي بالضبط".
أنا أريد أن يركز الجميع على هذه الفقرات :
– يقول صلاح "وجود حركات الإسلام السياسي هو دليل قاطع على استحالة تطور دين الاسلام"، فصاحبنا يريد للإسلام أن يتطور ولا يريد فهما متطورا للإسلام وهنا جوهر الاختلاف، صلاح يريد لنا دينا جديدا. ..
– ويقول "هذا الإسلام الغير متطور يبيح للغرب أن يشرعن مخططات سيطرته على المنطقة" ، أي أن ما يفعله الغرب مباح لأننا منغلقون و لأن غربه وصي علينا فإما أن نتطور كما يريد صلاح و غربه و إما فسيسيطر علينا. ..
– ثم يضيف "المنطقة تبدو منغلقة على نفسها ككتلة واحدة بسبب دور الاسلام السياسي" أي أنها قبل ظهور الإسلام السياسي لم تكن منغلقة على نفسها….
لم يقل لنا صلاح ما الذي يريده أن يتغير في الإسلام، إنه يريد إسلاما جديدا يبيح العلاقات الجنسية خارج المؤسسة الزوجية و يبيح الشذوذ الجنسي و حق الذكر بالزواج بالذكر و الأنثى بالأنثى، إنه يريد إسلاما به مساواة في الإرث و إسلاما يبيح المخدرات و يسمح بزراعتها و بيعها في المقاهي، إنه يريد إسلاما لا يرفع فيه صوت الأذان عبر مكبرات الصوت لأنه يزعج غير المسلمين و الذين يجب أن نحفظ لهم حقوقهم و نضمن لهم الراحة و الاطمئنان، إنه يريد إسلاما بدون خطب جمعة و إذا كانت فعلى الخطيب أن يتحدث في كيفية الوضوء و الصلاة و لا شأن له بأمور البلاد و العباد ….
و لأننا نؤمن أن الإسلام ليس إيمانا روحيا فقط بل هوية أي انتماء كامل بكل الأبعاد الروحية و المادية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وليست انتماء عصبيا أو قبليا أو عنصريا أو جغرافيا، بل هوية يتكامل فيها ما هو روحي مع ما هو فكري، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم " صبغة الله و من أحسن من الله صبغة" ، و الصبغة هي الهوية، والهوية هي الإسلام، فإن صلاح يعادينا و يكرهنا و يريد القضاء علينا …
لن أحلل كل ما خطه قلمك من شخبطات فهي لا تستحق و تنم عن جهل أو تجاهل و عن حقد دفين، و أخطر ما قلته في هذا الصدد هو ما جسدته شخبطاتك الأخيرة وأنت تخاطب رئيس الحكومة الذي انتخبه المغاربة : " …. إنك لا تع دورك الجديد، الذي يتطلب منك تمثيل جميع المغاربة، حيث تختلط عليك الجماعة بالحزب والحزب بالدولة، وفي هذه الحالة وجب التنبيه والانتباه بالجدية المطلوبة، وإما أنك تتعمد هذا السلوك لنشر التشكيك عوض أن تحاربه كمسئول ثان في الدولة بعد الملك، وفي هذه الحالة فإن صاحب هذه التصرفات يعرف بالضبط ما يريد: تقويض توازن الدولة ودفع الملكية إلى زاوية الرهينة، خدمة لأجندات لا علاقة لها بالشعب والدولة المغربيين، بل لها علاقة بما يعتمل هناك حيث يشتعل حطبُ حرائقِ "الفوضى الخلاقة". بكلمة أخرى: لها علاقة باستراتيجيات التحكم الأكبر. وفي هذه الحالة وجب دق أجراس الخطر كلها..." .
و دليلك على كل ذلك هو غياب رئيس الحكومة عن نشاط نظمه أو أشرف على تنظيمه زعيمك في الحزب. .
أقول لك أيها الغير صلاح و الغير وديع، أنت تقوم بدور سيء في نشر الحقد و الكراهية بين أبناء الوطن و الحقد الذي تنفثه لا يولد سوى الحقد. ..أما حديثك عن استراتيجيات وأجندات خارجية فهذه تثقنها أنت و رفاقك، و ماضيك شاهد على ذلك و ما تكتبه شاهد على ذلك . .. فقل غيرها…. أما الجرس الذي يجب أن يدق اليوم هو الخطر المحدق بهذا الوطن من انقلابيين فاشلين يريدون السلطة بأي ثمن ولو كلف ذلك بيعه للغرب …
و أختم بالدعاء الذي نسمعه و نؤمن عليه في كل صلاة : اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وأدم علينا نعمة الأمن والاستقرار في ظل قيادتنا الحكيمة وحكومتنا الرشيدة واحم يارب بلادنا وأهلها من كل سوء ومكروه آمين يارب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.