«منذ انتخاب بنكيران في غشت 2008، قاد وراءه جيشا من المناضلين لمواجهة ‘‘التحكم'' في ‘‘القرار الحزبي''، وتحريره من قبضة السلطوية، خاصة مع ظهور حركة كل الديمقراطيين، كدعوة سياسية تعيد تفكيك الأحزاب وحشرها في حزب الأصالة والمعاصرة»، يقول الباحث في الفكر الإسلامي الذي تحوّل إلى متخصص في «البنكيرانية»، مصطفى بوكرن، ل"اليوم 24″، والذي يصف الوضع الحالي بالقول إن بنكيران ركب فرسه منذ ذلك الحين، وأخذ «يجول ويصول، حاشدا معبئا من أجل المواجهة، في زمن كان يعتبر انتقاد فؤاد عالي الهمة من المحرمات، مع العلم أنه خرج إلى ميدان الصراع الحزبي والسياسي». وأضاف بوكرن أن أول امتحان صعب مرّ به بنكيران كان هو لحظة اندلاع الربيع العربي، وبروز سؤال الاختيار بين الشارع وبين الانحياز إلى النظام، «لكنه اختار اختيارا ثالثا، وهو نقل النضال إلى قلب النظام السياسي، بالطرق المؤسساتية والسلمية، ولذلك أطلق على نفسه بعد سنوات من التدبير الحكومي، ‘‘الملكي غير المنبطح''، أي أنه اختار خيارا ثالثا بين من كان يحارب الملكية بطريقة عنيفة، وبين من يوالي الملكية ويستفيد من الريع». أطروحة سياسية فريدة وغير مسبوقة أحدثت تعبئة شعبية واسعة، وتعززت بتأييد عدد من الوجوه ذات المصداقية في صفوف اليسار. بوكرن بورد، على سبيل المثال، أسماء مثل حسن طارق والمعطي منجب والفبرايري نجيب شوقي والتقدمية لطيفة البوحسيني… «بل إن هناك من يقول إن بنكيران وضع يده على جوهر المشكلة السياسية في المغرب، أن لا ديمقراطية حقيقية في غياب دولة الأحزاب»، يقول بوكرن، مضيفا أن قوة بنكيران تكمن في «أن أفكاره السياسية واضحة ومحددة، ولذلك، استطاع بكاريزميته أن يحشد مناضلي الحزب وصعد بهم إلى الجبل، من أجل المواجهة، وفي صعود إلى الجبل كان يواجه التحديات، وكان ينتصر، إلى أن وصل إلى الرأس». في هذه اللحظة التي بلغ فيها بنكيران قمة الجبل، يقول بوكرن إن «المخزن» صوّب إليه ضربة عبر «المنجنيق» فأسقطه من فوق فرسه. «المخزن صاحب المنجنيق، الذي أسقط بنكيران من فوق فرسه، لم يتباطأ في اختيار القائد الجديد للجيش العظيم الذي يربط على رأس الجبل، لأن هذا الجيش سيصبح قوة مدمرة لو تأخر في اختيار القائد الجديد. ونظرا لدهاء المخزن، اختار قائدا من قيادات الجيش لطمأنة كل أفراده، فهدؤوا ولم يغضبوا. ولم يشعر الجيش العظيم، المكون من المناضلين والمناضلات، بحجم التغير الحاصل، إلا بعدما ركب القائد سعد الدين العثماني فرسه، ونزل طوعا من رأس الجبل، ومعه مجموعة من القيادات، برروا ذلك بأن الخصم قوي جدا». وفي الوقت الذي اعتبر فيه أن القيادة «الجديدة» للحزب تحاول إنزال المناضلين من الجبل، ذهب بوكرن إلى أن «هناك من يراهن على أن يضمد بنكيران جراحه، ويخطب في هذا الجيش لينزل بكامله، لكن بنكيران كأنه ‘‘شعر بالخيانة''، لأن من كانوا معه في القيادة كانوا يدعونه إلى الصبر طوال خمسة أشهر، وهم لم يصبروا أياما معدودة… القيادة الجديدة تراهن على عنصر الزمن من أجل النسيان… لكن، حتما كل ما سيأتي في المستقبل سيذكرهم بحقيقة التحول المزلزل، الذي يلغي نسيانهم».