بالتوازي مع الإستراتيجية التي تبناها المغرب لتجويد العدالة، كشفت معطيات جديدة أوردها موقع "كونفيليغال" الإسباني، نقلا عن مصادره الخاصة، أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية المغربي مستوحى من النموذج الإسباني لسنة 1980 المسمى ب"المجلس العام للسلطة القضائية"، والذي تم التخلي عنه سنة 1985. المصدر ذاته أوضح أن السبب الرئيس لاختيار هذا النموذج الذي لم يعد معمولا به في إسبانيا يرجع إلى كونه يمنح القضاة المغاربة نوعا من "الحكوم الذاتي"، حيث يسمح بالاختيار الحر والسري والمباشر لأعضائه من قبل رفاقهم، على عكس المجلس المعمول بها حاليا في إسبانيا والذي يقضي بتعيينهم من قبل الملك فيلبي السادس باقتراح من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. المصدر ذاته أبرز، كذلك، ان المغرب اختار النموذج الإسباني القديم (1980)، نظرا إلى كون النموذج الإسباني الحالي يتخذ طابعا رئاسيا، بحيث يتم اختيار كل الأعضاء ال20 من قبل البرلمان بغرفتيه، مما "يسيسه"، الشيء الذي " ينتج أضرار نعاني منها حاليا في إسبانيا"، في إشارة إلى تورط أعضاء في الحزب الشعبي الحاكم في إسبانيا في قضايا فساد كبيرة، إلى جانب تورط شقيقة الملك كريستيا وزوجها في قضايا فساد؛ ومن أجل "تجنب كل هذا راهن المغرب على نظام تخلت عنه إسبانيا سنة 1985". المصدر ذاته أوضح أن الملك محمد السادس، باعتباره أمير المؤمنين، يترأس، المجلس الأعلى للسلطة القضائية، وهو وضع شبيه بمجلس القضاء في فرسنا وإيطاليا، حيث يترأسه رئيس الجمهورية "ولو بروتوكوليا". وزير العدل الإسباني، رفائيل كاتالا ، أشار خلال زيارة قام بها مؤخرا إلى المغرب إلى أن إسبانيا ساهمت من خلال "الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي من أجل التنمية" في الإصلاحات القضائية الأخيرة التي قام بها المغرب من خلال إنشاء المجلس الأعلى للسلطة القضائية والمحكمة الدستورية وتنصيب أعضائها في أبريل الماضي". وهو الشيء الذي أكده حينها محمد أوجار، زير العدل المغربي، قائلا :" معرفة كيف نظمت إسبانيا انتقالها القضائي وكيف يشتغل القضاء الإسباني والعمل النيابة الإسبانية العامة ستكون تجربة مهمة لتعزيز تجربتنا تجربة الخاصة". رغبة المغرب في استلهام التجربة الإسبانية في إصلاح أعطاب القضاء بالمملكة أكدها اللقاءان اللذان جمع بين الوزير الإسباني، حينها، ومصطفي فارس، رئيس محكمة النقض والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ومحمد عبد النباوي، وكيل الملك بمحكمة النقض، إذ عرض الوزير الإسباني على عبد النباوي، رئيس النيابة العامة، زيارة إسبانيا من أجل تحديد النموذج الجديد للنيابة العامة المغربية والحصول على المساعدة التقنية الإسبانية لبدء العمل بها.