الدرهم يرتفع ب 0,44 في المائة مقابل الأورو    مذكرة توقيف تلاحق مقدم برامج في تونس    نهضة بركان بغيابات مؤثرة يتحدى الزمالك المصري في رحلة البحث عن لقبه الثالث..    "اليوتيوبر" المالكي يسلم نفسه إلى الأمن    الهلالي يشارك في الاجتماع الاستثنائي للمجلس العالمي للتايكوندو بكوريا الجنوبية..    تفاعل وحضور جماهيري في أول بطولة ل"المقاتلين المحترفين" بالرياض..    دول الاتحاد الأوروبي بين مطرقة شعوبها وسنداد البيت الأبيض الأمريكي    شاب نواحي الحسيمة ينهي حياته بربط نفسه بجذع شجرة    بالصور.. رئيس الملحقة الإدارية الرابعة بالجديدة يقود حملة للنظافة في شوارع المدينة    البطولة الوطنية.. ترتيب أندية القسم الثاني    تحديد موعد مباراة المغرب وزامبيا في تصفيات "المونديال"    يوسف النصيري يوقع الهدف ال 15 له في الدوري الإسباني هذا الموسم    بعد استغلالها لمصالحه الشخصية.. الوزاني يسحب سيارة الجماعة من مستشار بالاغلبية.. ومضيان يثمن القرار    زلزال قوي يضرب إيران    غوتيريش يدعو إلى "وقف فوري لإطلاق النار" في غزة    المغرب يتوفر على 6 مختبرات للكشف عن الجريمة الرقمية (مسؤول مكتب الجريمة السبرانية في الفرقة الوطنية)    الأمن الإيطالي يحبط عملية فرار شبان مغاربة من طائرة قادمة من تركيا في اتجاه طنجة (صور)    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد بأقاليم المملكة    مطالب بوقف "التطبيع الأكاديمي" بين المغرب وإسرائيل    عائلات المغاربة المحتجزين بتايلاند تنتقد صمت الحكومة    مصممة أزياء: القفطان يجسد رمز عظمة وغنى تاريخ المغرب العريق    مركز متخصص في التغذية يحذر من تتناول البطاطس في هذه الحالات    مطالب نقابية بإقرار منحة لعيد الأضحى    ظاهرة فلكية.. عاصفة شمسية قوية تنير السماء بأضواء قطبية في عدة دول    النسر الأخضر الرجاوي يحوم في سماء الملعب الكبير بأگادير ويصطاد غزالة سوس أربعة مرات    سيطرة مغربية في "الترياثلون الإيكولوجي"    مجلس الأمة الكويتي … المأزق بين السلطة التنفيذية والتشريعية    ثلاثة وزراء ثقافة يكرّمون أحمد المديني رائد التجريب في الأدب المغربي    النخبة السياسية الصحراوية المغربية عنوان أطروحة جامعية بالقاضي عياض    ماذا يقع بالمعرض الدولي للكتاب؟.. منع المئات من الدخول!    عائلات "المغاربة المحتجزين بتايلاند" تنتقد صمت أخنوش وبوريطة    انعقاد الدورة ال12 لمهرجان الدولي "ماطا" للفروسية من 17 إلى 19 ماي    انتخاب الريفية فاطمة السعدي عضوا بالمكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة    طوابير تنتظر المسلم في معرض الكتاب    العنف الغضبي وتأجيجه بين العوامل النفسية والشيطانية!!!    الأمثال العامية بتطوان... (596)    حماس تعلن وفاة أحد الرهائن الإسرائيليين متأثرا بإصابته في غارة جوية    انطلاق المهرجان الدولي للفروسية "ماطا" بمنطقة "بن مشيش"    القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية تكشف تفاصيل مناورات "الأسد الإفريقي"    نشرة إنذارية | زخات رعدية محليا قوية مصحوبة بالبرَد بعدد من مناطق المغرب    اضطرابات في حركة سير القطارات بين الدار البيضاء والقنيطرة    جماعة طنجة تساهم بنحو 13 مليون درهم لتطوير وتوسيع مطار ابن بطوطة الدولي    مركز الاستثمار يروج لمؤهلات جهة طنجة في ملتقى اقتصادي بالامارات المتحدة    المغرب يشيد باعتماد الأمم المتحدة قرار دعم طلب العضوية الكاملة لدولة فلسطين بالأمم المتحدة        كونفدرالية الصيادلة تشتكي "مستشفى الشيخ زايد" بالرباط وتطالب بفتح تحقيق في توزيعه الأدوية    القضاء المغربي يصدر اول حكم لصالح مواطنة اصيبت بمضاعفات صحية بسبب لقاح كورونا    الخطايا العشر لحكومة أخنوش!    الصين: 39,2 مليار دولار فائض الحساب الجاري في الربع الأول    أطروحة نورالدين أحميان تكشف كيف استخدم فرانكو رحلات الحج لاستقطاب سكان الريف    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نُخبَةٌ عَقِيمَة!
نشر في الصحيفة يوم 08 - 03 - 2021


في حياتِنا نُخبةٌ عَقِيمَة..
نُخبةٌ سياسيةٌ ونِقابيةٌ واقتِصاديةٌ واجتِماعيةٌ خارجَ السّياقِ الوطني..
أنتَجتْها أحزابُنا عبرَ عقُود، لكي تُقاسِمَها المَصالِح.. وتُشّكّلَ معها "حِزامًا تأمِينيّا" على الطريقِ إلى البرلمانِ والحُكومة، وشبكَةً ريعيّةً في خِدمةِ إقطاعيّينَ بلاَ حُدود..
نُخبةٌ تُشبِهُ جُرثومةَ الطّاعُون..
ولا ترَى في المِرآةِ إلاّ نَفْسَها، هي ومَن يَدُورُونَ في مَداراتِها..
وتَنشُرُ "طاعُونَ الفَساد"..
وتُحَوّلُ بِلادَنا إلى جُيوبٍ مَلأَى بفَيروسَاتٍ تتوَغّلُ إلى شَرايينِ الجسَدِ الوطنِي، وتَخنُقُ الأنفاس.. وتمنعُهَا مِن مَصَادرِ الحياة..
وما أحوَجَنا لنُخبَةٍ جديدة.. بعقليةٍ أخرى.. وضميرٍ حيّ.. نابضٍ برُوحِ المَسؤولية!
* نُخبةٌ غيرُ مُتحَجّرة..
غيرُ عقيمة، ولا خَشَبيّة..
نُخبَةٌ كلُّها حيَويّةٌ ونشاطٌ وضميرٌ مِهَنِي..
نُخبَةٌ مُبدِعة.. فعّالة.. عامِلة.. حاضِرةٌ في المَيدان.. وذاتُ رأي.. ومَوقِف.. و"قِيمةٍ مُضافةٍ".. وقادِرة على إنتاجِ حلُولٍ عَمليةٍ لقضايا المُجتَمع، ولإشكاليةٍ تَعتَرضُ حُقولاً فِكريةً مُتنوّعة: في السياسةِ والاقتِصادِ والثّقافةِ والتّعليمِ والصّحة وغيرِها...
نُخبةٌ بدِيلةٌ لِمَا نحنُ فيه مِن فَشلٍ فِئوِيّ على الصّعيدِ الفِعلِي..
والحقُّ يُقال: عِندنا عَناصرُ مُتألّقةٌ هُنا وهناك، وفي قِطاعاتٍ مُتنوّعة، ولكنّها عَناصرُ مَحدُودة..
ونحنُ بلادٌ تكبُرُ وتتّسِع، ولها مُتَطَلّبات، وتحتاجُ إلى توسيعِ مَداراتِها النُّخبَوية، حتى لا تَقعَ في مَحدُوديةِ المَردُودِيّة، وفي اتّساعِ عقلياتٍ تَجتَرُّ بعضَها، وتُكرّرُ أفكارَها لدرجةِ الأُحاديّة الذّهنِيةِ النّمَطيّة..
وحالُنا في أمَسّ الحاجةِ لتَنويعِ أفكارِنا، والتّدرُّبِ على التّفاعُل الإيجابِي مع النّقد، والنّقدِ المُضاد، والرأي، والرأيِ الآخر، لكي نُطوّرَ ما نحتاجُه مِن فضاءاتِ التنوّعِ الإنتاجي، في مُختلفِ مَناحِي حياتِنا اليوميّة، الخاصّةِ والعامّة..
* ما طبيعةُ هذا التٌنوّعِ الضّرورِي؟
هو تَنويعٌ لأفكارٍ قابلةٍ لأن تُتَرجَمَ إلى واقِع..
وبتعبيرٍ آخَر: الحاجَةُ لأفكارٍ عمَليّة..
مِن مُختلفِ المَشارِبِ والقِطاعات، ومِن مشاريعِ التنميةِ المادّيةِ واللاّمادية..
وفي الميدان، تتّضِحُ فعَاليتُها، ويَظهَرُ مَدى نجاعتِها في حياتِنا الخاصّةِ والعامّة، وما إذا كان هذا في مُستوى علاقاتِنا مع مُختلفِ الدّولِ التي لنا معها تَبادُلاتٌ وتَعامُلاتٌ تِجاريةٌ وثقافية..
وفي هذا السياق، كلُّ المَشاريع، الصّغرى والمُتوسّطة والكُبرُى، تبدأ في شكلِ أفكار.. والأفكارُ تُعالَجُ دِماغيّا، وتنمُو بالنّقاش، وتتَطوّر في الوِاقع، وتُصبحُ قابلةً لإعادة إنتاج..
وكُلُّ الحَضاراتِ بدَأَت بأفكار، ثم كبُرت، وأصبَحت واقعًا ناجِحًا على أرضِ الواقع..
وعلى هذا الأساس، وجبَ الاشتِغالُ على أفكارٍ مُؤهّلَةٍ لأنْ تتَحوّلَ إلى تَنميةٍ فكريةٍ أو مادّيةٍ أو إبداعِيّة..
إنها أفكارٌ إيجابيّة، تقُودُ بشكلٍ مُفيدٍ بنّاء، إلى غدٍ أفضلَ وأجوَدَ وأمتَن..
وبهذه المَردُوديّة، تكُونُ أفكارًا غيرَ سَلبيّة، وغيرَ عقِيمة، وقادرةً على إنتاجِ أفكارٍ جديدة، تُؤدّي إلى التّقدّمِ والتّطوّر..
* وما العمَل؟
النتيجةُ لا تكُونُ - بهذه المَردُودِية - إلاّ بتَشغيلِ العقل، لكَونِ العَقلِ آليةً لتَفكِيرٍ يُتقِنُ طريقةَ وفنَّ تَحويلِ الفِكرةِ إلى الوَاقعِ المَطلوب..
وهذا يعنِي ضرُورةَ تكوينِ عقُولٍ قادرةٍ على تحويلِ مادّةٍ فكرية إلى مَادةٍ غيرِ فكرية، وتحويلِ ثقافةٍ مادّيةٍ إلى ثقافةٍ لامادّية.. وكلُّ هذه تتَفاعَلُ مع بعضِها، وتُنتِجُ أدواتٍ يُمكنُ استِعمالُها في حياتِنا اليوميّة، ومنها - على سبيلِ المِثال - الدّراجاتُ والسياراتُ والطائراتُ وغيرُها...
كلُّ ما في حياتِنا الإنتاجيّة يبدأ من الفِكرِ القادرِ على حُسنِ التّفكيرِ المُنبَنِي على مَعرفةٍ ودِرايةٍ وخِبرةٍ وثقافةٍ عامّة، ورُؤيا مِخياليةٍ قادرةٍ على إنتاجٍ ذاتِيّ لتصَوُّراتٍ مُستَقبَلية، أي تَصَوُر الكيفية التي ستكونُ عليها مشاريعُنا وآلاتُنا وأدواةُ حياتِنا اليومية..
وهذه الأدواتُ مَوجُودةُ في ذِهنِ المُبدِعِ والمُبتَكِرِ والمُختَرِع وأديبِ الخيالِ العِلمي، قبلَ أن تُتَرجَمَ إلى واقِع..
والتّحوّلاتُ من فكرةٍ لأُخرى، تحتاجُ إلى أوكسيجين لمُمارسة الحُرية الابتِكارية، وهذه لا تَستغنِي عن رُؤيةٍ إيجابية، وعن نَفسيةٍ مُتفائلة..
الحياةُ الإيجابيةُ لا غِنَى عنها لتَشغيلِ أوراشٍ مِنَ الصّناعاتِ المُفيدةِ للوَقتِ الرّاهِن، وللحَياةِ القادِمة..
ولا غِنًى عن الحُرّية!
* حُريّةُ التّفكير، وحُريّةُ الإنتاج..
وبدُونِ هذه الحُريّة الابتِكاريّة، لا تَطوّر..
وبلادٌ بلا حُرّيةٍ لتَصوُّرِ حياةِ الغَد، هي بلادٌ يسُودُها عُقمٌ في خَلفياتِه استِبداد.. والاستِبدادُ لا يَسمَحُ بتَنشيطِ الأدبِ والفنّ والفكرِ والإبداع.. وهي أيضًا بلادٌ يسّودُها العُقمُ في كلّ ما هو فِكرٌ يقُودُ إلى المُستقبِل..
وحُكومتُنا التي يقُودُها حزبُ "تُجّارِ الدّين"، وتَستَغلُّ الدّينَ لأهدافٍ سياسيّة واقتِصادية، ومن أجلِ الجاهِ والثّراء، هي حكومةٌ تُحارِبُ حُريةَ الخَلقِ والفِكر..
حكومةٌ مُحاطَةٌ بقاعِدةٍ ناخِبةٍ لا تُفكّرُ في الحاضِر، ولا في الغَد، إلاّ بالاستِنادِ إلى أقاويلِ ماضٍ سحيق..
وتأتِينا بحُلولٍ لمَشاكلِ اليوم، وهي مُستَمَدّةٌ من أقاويلَ تمّ تردِيدُها في عصُورٍ قد ماتت وانتَهت..
بينما الدولُ الأخرى، تحُلّ مَشاكلَ اليوم، بذِهنيةِ الحاضِر، لا بِسَندِ الماضي.. وبمَنطقٍ عِلمِيّ، لا بالجَدلِ العَقيم، أو بسَطحيّاتٍ غيرِ مُجدِيّة، أو نِقاشاتٍ قائمةٍ على مَعلُومَاتٍ قد تكُونُ في مُجمَلِها خاطِئة..
* وتَنتُجُ عن هذا عقليةٌ مرِيضة..
تُكفّرُ مَن يُخالفُها، بذريعةِ أنهُ ليس على حقّ.. وقد تُوَجّهُ له تُهمةَ الرّدّة..
ويكُونُ هذا الفكرُ العقيمُ غيرَ قابلٍ للنّقاش، لأنّ "صاحبَ هذه العقلية" يَحسِبُ نفسَهُ وَحدَه على حقّ، وأنّ غيرَه على ضَلال..
وهذه العقليةُ المُتَعصّبةُ المُتطرّفة، يَستحيلُ أن تَشفَى..
إنها تَعتَبِرُ نفسَها وَحدَها تَعلَم، وأنّ غيرَها خارجَ المَعرِفة، وبالتالي لا تَعبأ بالآخَر.. تراهُ - وهي مُخطِئة - بعيدًا عن الحقيقة..
وهذه - في واقِعِها - أدمغةٌ مُتَحجّرة عقِيمة..
قائمةٌ على الشّعوذةِ والخُرافَة..
بعيدةٌ عن المَنطقِ العِلمِي..
وتَحسِبُ أن التّطوّرَ والازدِهارَ مُخالِفان للدّين..
إنها عقليةٌ رَجعيّةٌ مُتَخلّفة!
* ويبقَى الجَهلُ مِن أَسوَءِ العَقليّات..
يَحسِبُ الجاهِلُ أنه أعلَمُ من غيرِه.. وفوقَ ما يَعرفُ الآخَرُون.. وأنه ليسَ بحاجةٍ للمَزِيد.. لا قراءة.. ولا استِماع.. ولا تَمَعُّن.. ولا استِفادَة من أيّ كان..
وَيظُنّ أنّ ما قد تَزَوَّدَ من غَيرِه يَكفِيه.. بَيْدَ أنهُ عِندَ النّقاش، تتّضِحُ سَطحِيّةُ ما قد عَلِم..
إنّ التّكوِينَ الذّاتِي أحسَنُ مَدرَسَة.. فيها يُعلّمُ المَرءُ نفسَهُ بنَفسِه، لكي يَفهَمَ مَعنَى الحَياة.. وفَنَّ الحَياة..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.