بيد الله: مبدأ المناصقة لا يجب أن يبقى مجرد حلم أكد رئيس مجلس المستشارين محمد الشيخ بيد الله أن مبدأ المناصفة لا يجب أن يبقى مجرد حلم لا يغادر النص الدستوري أو غاية يستعصى تنزيلها وتفعيلها، داعيا إلى تعميق النقاش بخصوص إقرار هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز التي نص عليها الفصل 19 من الدستور الجديد. ودعا بيد الله في افتتاح هذا اللقاء الدراسي المنظم أول أمس الخميس، بتعاون بين مجلس المستشارين والمجلس الوطني لحقوق الإنسان لبحث عدد من التصورات بشأن إرساء هيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز، من حيث طبيعتها، اختصاصاتها وآليات تدبيرها،(دعا) إلى اعتماد النهج الذي تم سلكه لإقرار مدونة الأسرة حيث تم تبني قراءة مستنيرة ومتأنية تشاركية لروح الشريعة الإسلامية مما أتاح للمرأة وضعا اعتباريا جديدا مجسدا في التوفيقية المنفتحة والممكنة بين متطلبات المواثيق الدولية والخصوصية الثقافية والهوية الدينية للمجتمع. وشدد في هذا الصدد، على أن المؤسسة التشريعية مطالبة بتعميق النقاش بخصوص رسم الملامح الأولى لهذه الهيئة بما ينسجم مع السياق المؤسساتي والسياسي والاجتماعي للمغرب، مضيفا أن تعميق النقاش يرتبط أيضا بما يتسم به الموضوع من جدة قياسا بالمنتوج التشريعي والموضوعاتي الذي دأب المجلس على مقاربته، وأنه اعتبارا لذلك فهو مطالب بالتمحيص في التجارب الدولية المقارنة المطروحة بخصوص هذه الهيئة وتحقيق أقصى غايات الانسجام بين المؤسسات المتدخلة في الموضوع». واعتبر رئيس مجلس المستشارين على أن إقرار المساواة لا يتوقف على شرطية الإرادة السياسية بل يحتاج إلى تدخل على كل المستويات السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية وأن الأمر يتطلب عملا نوعيا وفي العمق، مشيرا إلى أن آلية التمييز الإيجابي يجب أن تفهم على أنها مجرد أدوات لإعادة التوازن لاختلالات عمرت طويلا، على اعتبار أن مفهوم المساواة يقتضي في النهاية العودة إلى قواعد التطبيع بين الرجل والمرأة. هذا ومن جانب آخر حاول بيد الله عبر تدخلات متكررة خلال هذا اللقاء الدراسي الذي شهد نقاشا ساخنا وانتقادات حادة وجهها جل المستشارات والبرلمانيات المشاركات والفعاليات النسائية للحركة النسائية ممثلة بالأخص في الربيع النسائي للديمقراطية والمساواة للحكومة متهمة إياها بالغياب والتخاذل فيما يرتبط بقضايا النساء وتنزيل مقتضيات الدستور التي تنص بشكل صريح على المساواة والمناصفة، (حاول) تحييد مجلس المستشارين عبر التأكيد على أن اللقاء لا يعدو أن يكون سوى للإطلاع على ما تضمنته الدراسة المقارنة التي أعدها المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والتداول لرسم ملامح أولية لهيئة تولد في تربة مغربية. أما رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إدريس اليزمي الذي يبدو أنه بات يحشد الدعم من قلب مجلس المستشارين لبحث صيغة لإقرار هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، فقد أشار إلى الدينامية الجديدة والتعامل والتفاعل الذي بات جليا بين المؤسسات المنتخبة والمؤسسات الدستورية . هذا وآثر اليزمي استعمال صيغة التحديات التي ترتبط بتنزيل وتفعيل مضامين الدستور الجديد خاصة علة مستوى إقرار المساواة وهيئة المناصفة، مستبعدا صيغة التخوف التي أبدتها أغلب الفعاليات النسائية أثناء تدخلاتهن، قائلا» أفضل القول إن هناك تحديات أمامنا». وأبدى المتحدث تفاؤلا كبيرا على اعتبار أن الدستور الجديد عمل على تكريس وتقوية بشكل كبير لمبدأ الديمقراطية التشاركية، هذا فضلا عن أن البرلمان أصبح مصدر التشريع الأساسي فكل القوانين تأتي منه، بل الحكومة ذاتها تنبع وتحرز على الثقة من المؤسسة التشريعية، لكن تفاؤل اليزمي يستمده بشكل كبير حسب قوله من التحالفات التي يرتبط بها، إذ أوضح أن الحليف الأول يتعلق بالتغييرات التي يعرفها المجتمع والتي تسمها ثورة هادئة تقودها قاعدة من النساء المغربيات وكل النساء بالعالم العربي حيث يعبرن بشكل واضح عن تواجدهن في الساحة ويطالبن بأن تكون لهن مكانة توازي وزنهن داخل المجتمع. ودعا إلى اعتماد المقاربة التي تم تبنيها في مسار المصالحة، قائلا «إن المصالحة ليست هي الإجماع بل هي التدبير السلمي للحق في الاختلاف ،والأمر يتطلب الإكثار من فضاءات النقاش والحوار الهادئ والمعقلن لمقاربة مختلف القضايا الشائكة التي تثير الجدل داخل المجتمع،معلنا في هذا الصدد عن تنظيم المجلس للقاءين خلال الأشهر القادمة تتمحور حول الخصوصية والكونية، وموضوع هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز لدى بلدان أخرى لتلمس الطريق نحو نموذج مغربي خالص .