اعتبرت عدم شفافية ووضوح السياسات القطاعية المتعلقة بالتنمية البشرية يعد إقليمتارودانت من أكبر الأقاليم المغربية، فمساحته تتعدى 16460 كلمترا مربعا، ويبلغ تعداد سكانه780661 نسمة حسب إحصاء 2004. ويضم الإقليم 89 جماعة منها 7 جماعات حضرية و82 جماعة قروية مما يظهر غلبة الطابع الريفي والجبلي على الإقليم. ويتسم الإقليم بظروف طبيعية صعبة، وبمناطق جبلية وعرة المسالك، وباختلال التوازن بين مختلف مناطق الإقليم. وحسب تقارير مندوبية التخطيط بأكادير حول خريطة الفقر بجهة سوس ماسة درعة، فقد تم اعتبار سكان ما يناهز 64 جماعة من إقليمتارودانت يعيشون تحت عتبة الفقر والتهميش. وسردت هذه التقارير تفصيلات تتعلق بمؤشرات الفقر والتهميش بالتجمعات السكنية بالإقليم. إضافة إلى ذلك ضعف الاستثمارات العمومية بالإقليم وتراجع مردودية القطاعات الإنتاجية، وخصوصا القطاع الفلاحي. وتؤكد مصادر رسمية أن نسبة 15 في المائة فقط من سكان البوادي تم ربط مساكنهم بالماء الشروب. مشاكل وأخرى يرجعها غالبية المتتبعين بالأساس إلى عدم شفافية ووضوح السياسات القطاعية المتعلقة بالتنمية البشرية، وتفشي ثقافة منح الامتيازات واقتصاد الريع التي أدت إلى مراكمة مجموعة من المنافع والامتيازات في يد فئة من المحظوظين . وفي الآونة الأخيرة، تعالت بعض أصوات الفعاليات الجمعوية بالإقليم، مطالبة بفتح تحقيق في ملف مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية المنجزة والعالقة منها بالإقليم وتقدم إنجازها، وإيفاد لجن مركزية تقنية لتقصي الحقائق والوقوف على جملة الاختلالات والخروقات التي شابت انتقاء مشاريع المبادرة، مرورا، بسير ومراحل إنجازها وانتهاء بطرق تسييرها، وفي زيارتنا للمنطقة التي انتهزناها فرصة للدردشة مع مجموعة من الإطارات المدنية تساءل احد الفاعلين المحلين قائلا: « إلى متى سيظل الفساد لصيقا بتدبير الشأن العام بإقليمتارودانت، خصوصا فيما يتعلق ببرامج وميزانية المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي أصبحت خاضعة لفئة من المحظوظين بسبب الولاءات السياسية أو الولاءات لبعض المسؤولين بالسلطة الإقليمية ( إلا عندك جداك فالمعروف فهاد المنطقة ...كلشي ذيالك أولدي)، فقد أضحى صرف ميزانية المبادرة في مأمن من أية محاسبة، وثم اعتبار الميزانية الإقليمية للتنمية البشرية بقرة حلوبا يستفيد منها كبار القوم بالإقليم عبر خلق مجموعة من الجمعيات لغرض الاستيلاء على مالية المبادرة في غياب أية ضوابط أخلاقية أو قانونية لذلك، واعتبر معيار الولاء الحزبي والانتخابي المتحكم الاساسي في قبول دعم الجمعيات. إذ أن بعض النافذين بالمنطقة حولوا مالية المبادرة للاستقطاب الحزبي...» مضيفا «لقد استبشرنا خيرا أولدي بالإعلان عن المبادرة على لسان جلالة الملك واعتبرنا ذلك بداية نهاية الحد من حالة العوز و الفقر ومظاهر التهميش والإقصاء الذي تعاني منه شريحة عريضة من المواطنين بمجموع تراب الإقليم، إلا أنه ومع مرور الوقت ومع ثبوت الفشل في جدوى الكثير من المشاريع، فقدنا الثقة ولم يعد أمامنا سوى أن نوجه الأمر إلى ربنا سبحانه وتعالى ...». وما يقلق النسيج الجمعوي المحلي بالإقليم، أنه لا يكاد يمر يوم دون أن يكشف الرأي العام عن تلاعبات وتجاوزات وإقصاءات ممنهجة لمجموعة من الجمعيات والتعاونيات المحلية، وفرض وصنع لوبيات تتحكم طيلة مسار المبادرة في خريطة المشاريع ونوعيتها...ويشار أنه ومند أيام نشرت مجموعة من المواقع والجرائد الالكترونية خبرا مفاده أن مسؤول حزبي شبيبي، وجد نفسه في قفص الاتهام بعد أن استفاد من دعم مالي مهم يفوق ال 26 مليون سنتيم من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في إطار مشروع يخص تشييد قاعة متعددة التخصصات بثانوية سيدي وسيدي بتارودانت . نفس المصادر، كشفت أن المسؤول الشبيبي يحظى بدعم خاص من طرف العمالة، اعتبارا أن مشروع «القاعة» وفق دفتر التحملات لم يتم إنجازه في الوقت المحدد في بداية الموسم الدراسي المنصرم، إلى جانب أن لجنة المبادرة وتتبع مشاريعها بالعمالة، قامت بغض الطرف عن هذا المشروع، وهو ما يفيد تورط هؤلاء في هذه الفضيحة، حسب المصدر نفسه والذي يفيد بأن المسؤول الشبيبي وقع على محضر تسليم المشروع، وإتمام الأشغال. فيما تبرز صور حصلنا على نسخ منها، أن البناية لم يتم إتمام بالكاد أشغال تشييد أسوارها. إلى ذلك يتداول نشطاء موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، أن المعني بالأمر يتولى مهمة النائب الثاني للكاتب الجهوي للشبيبة الاتحادية - ومراسل جريدة مستقلة – مما يطرح التساؤل عن سر عدم تناول الجريدة عبر مراسلها لما يتداول عن نائبه في المكتب الجهوي الشبابي ؟؟؟، أمر ربما نفهمه من خلال ما تداوله البعض من خلال الفيسبوك، أن المعني يحظى بدعم كبير من طرف عامل الإقليم و الكاتب الأول للحزب، وهو ما أفرز موجة من الانتقادات كان الحزب في غنى عنها في الوقت الذي انهال فيها السيد لشكر على رئيس الحكومة خلال مناقشته الحصيلة الحكومية متهما اياه بالتغاضي عن محاربة الفساد و المفسدين. وأمام هذه الواقعة يعاد من جديد طرح سؤال التزام المسؤولين الإقليميين بالعديد من المذكرات الداخلية مند عهد الوزير الأول الاتحادي عبد الرحمان اليوسفي مرورا بعباس الفاسي الاستقلالي، مذكرات تلزم المسؤولين المركزين والمحليين على حد سواء بالإجابة عن كل ما ينشر في وسائل الاعلام حول تدبيرهم مجال مسؤوليتهم ، فهل يتدخل عامل إقليمتارودانت لتوضيح حيثيات هذا الملف أم أن الصمت علامة الرضاء كما يقال ؟؟؟؟.