استغرب كثيرون لبعض الممارسات الاحتجاجية المفبركة ضد العملية التي أعلنت عنها وزارة الصحة تحت اسم"كرامة" بغاية تحرير المرضى النفسيين والعقليين المرميين في"بويا عمر" وغالبيتهم لا يستفيدون من أي علاج هناك. ما إن جرى الإعلان عن قرب الشروع في"كرامة"، حتى بادر الذين يؤجرون البيوت حوالي الضريح ويقبضون الأموال من أسر المرضى مقابل احتجازهم عندهم، لتحريك مظاهرات أمام مقر عمالة قلعة السراغنة، وذلك بمبرر أن الأسر وذوي المرضى هم الذين يحتجون للمطالبة بمعرفة البدائل التي تعدها وزارة الصحة للمرضى، وفي الحقيقة الأمر يتعلق باللوبيات المحلية المستفيدة ماديا من هذه المآسي، وهي التي تسعى لإفشال انطلاق المبادرة أو صرف النظر عنها أصلا. لم يعد الأمر اليوم يتعلق فقط بمرضى مغاربة رمي بهم هنا وتركوا سنوات بلا علاج أو رعاية كما لو أنهم في احتجاز حقيقي، ومن حقهم على سلطات بلادهم أن تنقذهم وتوفر لهم العلاج، وإنما أضيف لذلك وجود لوبي يناهض تطبيق القانون ويريد فرض نفسه مكان الدولة لتكريس"السيبة " واستمرار المأساة لكونها تدر عليه أموال طائلة. هنا لا بد من الإصرار على تطبيق القانون، وتعبئة الجميع للعمل من أجل ذلك بلا أي تردد أو حسابات صغيرة . ما يجري في"بويا عمر" وحواليه هو مأساة حقيقية، وهو يجسد انتهاكات صارخة و فضيعة لحقوق وكرامة مرضى تفرض كل القوانين والقيم في الدنيا علاجهم أولا، ولهذا كل القوى الوطنية والمنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام يجب أن ترفض استمرار هذا الوضع المخزي والمسيء لصورة بلادنا، وتتعبأ لمواجهة كل اللوبيات التي تعارض اليوم تحرير المرضى. عملية"كرامة " التي تطلقها وزارة الصحة يجب أن تكون مشروعا وطنيا يسانده كل مغربي ومغربية غيورين على بلادهم، ولا مكان هنا لحسابات معارضة بئيسة، ومن يسعى لفرملة هذه المبادرة الوطنية أو تأجيل إنجازها لهذا الحساب الانتخابوي أو ذاك، أو لهذه المصلحة الريعية أو تلك، فهو يساهم في إطالة زمن المأساة والمعاناة بالنسبة لمئات المرضى المتخلى عنهم هناك. عملية " كرامة" تتطلب اليوم سرعة التنفيذ، وأن تتدخل مختلف القطاعات الحكومية والسلطات والفاعلين الاقتصاديين الخواص حتى تتوفر لهذا المشروع الوطني النبيل كل الموارد المالية الضرورية في أقرب وقت، وأيضا كل التجهيزات التقنية واللوجيستيكية والكفاءات البشرية اللازمة لكي تتحقق أهداف العملية في أقرب وقت، وتؤمن الكرامة للمرضى المعنيين. أما لوبيات الريع وتجار المآسي فيجب أن يقف الجميع ضدهم ويحاربهم دفاعا عن حقوق المرضى أولا، ومن أجل صورة المغرب وسمعته، واحتراما للقانون ولدولة المؤسسات. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته