نزار بركة في ندوة حول «السياسات العمومية في مجال محاربة المخدرات» اعتبر رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، نزار بركة، أول أمس الاثنين بالرباط، أن أي محاربة للمخدرات والإدمان عليه تتطلب أن ترتكز على مقاربة شاملة ومندمجة، تستلهم من النجاحات المسجلة على الصعيد الدولي مع الأخذ بعين الاعتبار النهوض بالصحة العامة. وأضاف خلال ندوة حول "السياسات العمومية في مجال محاربة المخدرات: التجربة الدولية، والإصلاحات المغربية"، أنه يتعين أن تذهب هذه المقاربة أبعد من التكفل الطبي لصالح المدمنين على المخدرات وذلك عبر تمكنيهم من فرص الاندماج الاجتماعي والمهني وخلق آليات حقيقية لمواكبة هؤلاء الأشخاص ما بعد العلاج . وقال بركة خلال هذه الندوة، التي نظمها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشراكة مع اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن هذا النهج يقود إلى وضع ميكانيزمات محددة مع تنزيلها محليا واعتماد تتبع دقيق للنتائج. وأشار رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إلى أن عقد هذا اللقاء بالمغرب يعكس جدية الجهود التي تبذلها المملكة في مجال محاربة تعاطي المخدرات والحبوب المهلوسة، مشيرا، على سبيل المثال، إلى البرنامج الوطني لمحاربة سلوكات الإدمان، الذي يهدف إلى تحسين جودة التكفل بالأشخاص المدمنين، خاصة مستعملي المخدرات. وإضافة إلى ذلك، فإن إحداث مراكز مخصصة لمحاربة المخدرات بالرباط و وجدة والدار البيضاء والناظور ومراكش ومؤخرا بطنجة، يعكس الإرادة القوية لمساعدة هذه الفئة على التغلب على سلوكات الإدمان والمشاركة في الحياة الاجتماعية. وذكر بركة أن تقرير المرصد الوطني للمخدرات والإدمان سجل وجود ما يقرب من 800 ألف حالة إدمان على مواد غير مشروعة في عام 2014، مشيرا إلى أن ثلاثة آلاف شخص يتعاطون مخدرات عن طريق الحقن، وهو ما يشكل "تحديا حقيقيا" للصحة العامة. وأشار إلى أنه برسم الفترة 2014-2015، استفاد ما يقرب من 10 آلاف شخص من العلاجات التي تقدمها مختلف مراكز طب الإدمان المفتوحة، مشيدا بالجهود المبذولة في هذا السياق من قبل وزارتي الصحة والداخلية. وذكر بركة أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خصص بدوره، في ميثاقه الاجتماعي، الذي اعتمده في 2011، شقا للحق في الصحة البدنية والعقلية، والذي شدد على ضرورة ضمان وقاية فعالة من الإدمان ومحاربة الاتجار في المخدرات والتوزيع غير القانوني للعقاقير المهلوسة، وذلك تماشيا مع اتفاقية محاربة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، التي دخلت حيز التنفيذ في 11 أكتوبر 1990. ومن جهته، شدد الرئيس السابق للبرازيل فرناندو إنريك كاردوسو، رئيس اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات، على أن المقاربة القمعية الزجرية لن تحل إشكالية المخدرات، محذرا من أن إيديولوجية العقاب لن تعمل سوى على تكثيف الجريمة. وقال إنه "من مصلحة البلدان القيام بجهد تقنيني جدي مع استحضار أن المخدرات تمثل خطرا كبيرا". وأشار إلى أن نظاما جديدا لمراقبة المخدرات، يضمن حماية أفضل لصحة وسلامة الأشخاص والمجتمعات على الصعيد العالمي، أضحى ضرورة أكثر من أي وقت مضى، مضيفا أن يتعين أن يتم استبدال التدابير المستلهمة من مقاربات عقابية بمقاربات إنسانية، تنبني، في جوهرها، على خبرة التجارب العلمية، ومبادئ الصحة العامة وقيم حقوق الإنسان. ومن جانبها، تطرقت العضو في اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات، روث دريفوس، لمحاربة المخدرات وفق تصور اللجنة، مبرزة أن الأمر يتعلق، بالدرجة الأولى، باستبعاد تدابير عقابية "غير فعالة" مقابل اعتماد مقاربات صحية واجتماعية أثبتت جدواها. واعتبرت أن تجريم استهلاك وحيازة المخدرات تقوض المبادرات الرامية إلى التغلب على هذه الآفة، وبالتالي تبدو الحاجة إلى "تعديل الطابع القمعي" واختيار نهج "الوضع تحت المراقبة أكثر من المنع". ومن جهته، دعا رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان، السيد إدريس اليزمي، إلى عدم أدلجة الحوار الوطني حول هذه الإشكالية وزيادة تعميق النقاش بشأنها وإشراك مختلف الفاعلين المعنيين . وتعتبر مشاركة اللجنة الدولية لمحاربة المخدرات في هذا اللقاء الأولى من نوعها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وعرفت هذه الندوة مشاركة نخبة من الأكاديميين والأطباء والفاعلين الجمعويين وممثلي قطاعات حكومية.